الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

لماذا أربك إيقاف البحيري حركة النهضة الإسلامية في تونس؟

وزير الداخلية التونسي يضع حداً لمحاولات "النهضة" المتاجرة بقضية البحيري وظروف احتجازه بالكشف عن تورطه في قضايا ذات صبغة إرهابية

تونس- فاطمة بدري

شبهة إرهاب جديدة تقف خلف توقيف نائب رئيس حركة النهضة الإسلامية نور الدين البحيري، ووضعه تحت الإقامة الجبرية إلى جانب فتحي البلدي، الذي ارتبط اسمه بالتحقيقات التي أجرتها وزارة الداخلية بشأن الجهاز السري.

وحسب وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، فإن الرجلَين متورطان في إسناد شهادات جنسية وبطاقات هوية وجوازات سفر بطريقة غير قانونية وقضايا أخرى رفض التصريح عنها.

اقرأ أيضاً: نور الدين البحيري “الصندوق الأسود” لحركة النهضة

ملفات إرهابية

ورغم أن السلطات التونسية المختصة التي تتابع ملفَّي البحيري والبلدي، كانت حريصة على عدم تقديم تفاصيل كبيرة عن الملفَّين إلى حين استكمال التحقيقات وتقديم ما يؤكد روايتها؛ فإن شبهات الإرهاب التي تحدث وزير الداخلية عنها أثارت الكثير من الملفات التي ظلت طيلة سنوات حكم “النهضة” حبيسة الرفوف على غرار الاغتيالات السياسية التي طالت السياسي اليساري والمحامي شكري بلعيد، وأيضاً النائب محمد البراهمي في 2013، وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية والتساهل مع الإرهابيين؛ وهي ملفات أثارتها على مدار سنوات حكم الحركة العديد من الأحزاب السياسية المعارضة والمنظمات الحقوقية، ولكنها لم تظفر بأية نتيجة، ولهذا تجد الحركة الإسلامية في تونس نفسها في مأزق في ظل رغبة التونسيين في حسم هذه القضايا.

وزير الداخلية يوقف أكاذيب “النهضة”- (صورة وكالات)

تنسجم المعطيات التي كشف عنها وزير الداخلية التونسي؛ خصوصاً المتعلقة بجوازات السفر والجنسية، مع ما راج في الـ16 من نوفمبر الماضي في وسائل إعلام محلية من معلومات مفادها أن قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أنهى التحقيق مع سبعة أعضاء من المتورطين في قضية شبكة بيع الجنسية التونسية لسوريين.

اقرأ أيضاً: قيادي منشق لـ”كيوبوست”: الجهاز العسكري السري لحركة النهضة لا يزال ناشطاً

وذكرت حينها إذاعة “موزاييك” المحلية الخاصة، أن أعضاء الشبكة متهمون بـ”تزوير الجنسية التونسية، وبيعها إلى سوريين وغيرهم، وتزوير جوازات سفر وبطاقات هوية لفائدتهم مقابل مبالغ مالية قدرت بآلاف الدولارات عن الجنسية الواحدة، وذلك خلال الفترة بين 2015 و2019″.

ووضعت حادثة إيقاف الرجلَين الحركةَ في موقف المدافع عن نفسها إزاء هذه الاتهامات التي تعززت بعد إيقاف البحيري بشبهة الإرهاب، بعد أن كانت لعقد من الزمن في موقع المسيطر على القرار وعلى كل السلطات.

إيقاف البحيري والبلدي سيفتح ملفات الإرهاب والاغتيالات- (صورة وكالات)

ويبدو أن الخوف من فتح كل الملفات المتعلقة بحركة النهضة والتي ظلت طي الرفوف لسنوات، جعلها تحاول أن تتجنب تماماً الحديث عن الشخص الثاني الذي اعتقل مع نور الدين البحيري، وهو فتحي البلدي، لارتباط الأخير بالجهاز السري لحركة النهضة والأدوار التي قام بها لدى عمله كمستشار في وزارة الداخلية في فترة تولي القيادي البارز بالحركة علي العريض، هذه الوزارة؛ إذ ركزت الحركة على الحديث عن البحيري وجعلته محور اهتمامها بينما أسقطت عمداً البلدي؛ خوفاً من أن يؤدي التفاتها إليه إلى إثارة ملف الجهاز السري والاتهام الذي يلاحق الحركة باختراق المؤسسة الأمنية.

المتاجرة بالقضية

الصحفي المختص في الشأن التونسي محمد الهادي حيدري، يرى أن حركة النهضة حاولت استثمار إيقاف ووضع البحيري تحت الإقامة الجبرية، عسى أن يعيدها ذلك إلى المشهد الذي خرجت منه قصراً؛ ولكن لا يبدو أن استحضار دور الضحية الذي تتقنه جيداً سيحول دون مسار تنقية المشهد السياسي من عبث الجماعة التي حكمت البلاد على مدار عقد من الزمن حاولت خلاله اختراق كل المؤسسات، على حد تعبيره.

محمد الهادي حيدري

وقال لـ”كيوبوست”: “منذ الإعلان عن إيقاف البحيري، تحركت ماكينة حركة النهضة بقوة، واصفةً القرار الحكومي بـ(الاختطاف)، وروجت الكثير من الشائعات والمغالطات بشأن الوضع الصحي لصندوقها الأسود؛ في محاولة لتأليب الرأي العام  الداخلي والخارجي بشأن الحقوق والحريات في تونس. ولم يكن من الصعب على الجماعة القيام بهذا الدور وتقديم نفسها في صورة الضحية؛ ليس لمجتمع الداخل فحسب، ولكن للمجتمع الدولي؛ وبخاصة للمنظمات الحقوقية في الدول الغربية التي تمثل مراكز نفوذ مؤثرة على سياسات الحكومات. ولكن لا أعتقد أن محاولاتهم اللعب على وتر دور الضحية قد نجحت هذه المرة، ولم تنطلِ على السواد الأعظم من التونسيين الذي بدا متعطشاً لفتح الملفات التي ظلت حبيسة الأدراج؛ خصوصاً المتعلقة بنور الدين البحيري الذي يراه أغلب التونسيين كإحدى الشخصيات المسؤولة بشكل مباشر عن أزمات البلاد؛ خصوصاً المتعلقة بالقضاء”.

اقرأ أيضاً: تونس.. حركة النهضة تفقد القدرة على تحريك قواعدها

وأضاف: “الحركة اليوم في أسوأ حالاتها وتعيش أصعب أوقاتها، وأستطيع الجزم أن الخوف وصل إلى كل قياداتها؛ ولعل ذلك ما يفسر امتناع الحركة عن دعم فتحي البلدي المرتبط بشكل مباشر بجهازها السري. ولكن كل هذه التحركات ستكون بلا فائدة؛ لأن الواضح الآن أن الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد انطلق في محاصرة تغلغل الإسلاميين في القضاء، كما فعل في المؤسسة الأمنية، وقريباً سنرى الكثير من الملفات؛ خصوصاً المتعلقة بالإرهاب والاغتيالات السياسية، تُفتح”.

وتجدر الإشارة إلى أنه فضلاً عما ذكر وزير الداخلية من معطيات؛ فإن الرجل الثاني في الحركة الذي تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، نور البحيري، يواجه منذ سنوات، وتحديداً منذ توليه وزارة العدل وحتى بعد خروجه منها، اتهامات بالتغطية على الكثير من القضايا والمخالفات القانونية، وبالتستر على جرائم تتعلق بالإرهاب  وبترهيب القضاة وإخضاعهم لسلطة الحركة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

فاطمة بدري

كاتبة صحفية تونسية

مقالات ذات صلة