الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
لبنان يدخل أزمة صرف خانقة مع اختفاء الدولار
سوق سوداء للعملة اللبنانية وإجراءات استثنائية من جمعية المصارف تقيِّد السحب النقدي بالعملة الأجنبية

كيوبوست
دخل لبنان أزمة صرف خانقة أثَّرت على الأسواق بشكل كبير، في قت لا يزال فيه مصرف لبنان المركزي مثبتًا سعر الدولار أمام الليرة اللبنانية عند حاجز 1515 لكل دولار، بينما تقوم محلات الصرافة وبعض الفنادق بالتعامل عند سعر 1700 و1750 ليرة على خلفية الضوابط الاستثنائية التي أقرتها جمعية المصارف اللبنانية في ما يتعلق بقيود على سحب الدولار من البنوك اللبنانية حتى من حسابات المودعين أنفسهم.
ويتعامل اللبنانيون بالدولار والليرة على حد سواء بسعر صرف ثابت منذ تسعينيات القرن الماضي؛ لكن مع بداية الأزمة الاقتصادية قبل نحو 3 أشهر، بدأ الدولار في الاختفاء من الأسواق، بينما ظل سعر الصرف ثابتًا حتى مع وصول الاحتجاجات التي انطلقت الشهر الماضي إلى ذروتها بقطع الطرقات وإحداث شلل في الحركة السياسية والاقتصادية.
اقرأ أيضًا: مجلس النواب اللبناني بلا موعد انعقاد وسط جدل قانون العفو
قال مروان خير الله، الخبير المصرفي والوزير السابق، في حديثه إلى “كيوبوست”: “إن الهجوم على المصارف اللبنانية في المطلق ليس صحيحًا؛ لأن قطاع المصارف تمكَّن خلال السنوات الماضية من تلبية احتياجات المواطنين عبر قروض سهَّلت شراء منازل وسيارات لآلاف اللبنانيين”، مشيرًا إلى أنه يمكن مراجعة أية عملية تحويل نقدي جَرَت بالفعل خلال الفترة الماضية بسهولة، ومن خلال النظام المحكم المتبع في المصارف.

وأضاف خير الله أن الأزمة بالأساس سياسية، وهناك مَن يرغب في تحويل وجهتها؛ لتكون تجاه المصارف، في الوقت الذي يعتبر فيه الخطأ الأكبر هو إعادة انتخاب نفس الطبقة السياسية من دون محاسبة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لافتًا إلى أن المواطنين في الوقت الحالي عليهم استخدام الليرة اللبنانية كبديل عن الدولار وَفق أسعار الصرف المعلنة رسميًّا من المصرف المركزي والتي لم تتغير.
وتابع الخبير المصرفي بأن المعاملات التي تتم بأسعار أعلى لا تمثل أكثر من 2% بالأكثر من المعاملات التي يتم إجراؤها في السوق اللبنانية، منوهًا بأن الضوابط الموضوعة حاليًّا على السحب بالدولار هي ضوابط مؤقتة هدفها حماية النظام المصرفي اللبناني؛ خصوصًا في ظل وجود دولارات بالمنازل وليس بالمصارف، وهو أمر سيكون له انعكاساته، إذا استمر، على الاقتصاد والمواطنين الذين قد تتعرض منازلهم إلى حوادث سرقة متزايدة.
اقرأ أيضًا: حراك لبنان يبدأ شهره الثاني.. والصفدي ينسحب
الأستاذ بالجامعة اللبنانية الدكتور عماد شمعون، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن الإجراءات الاستثنائية التي وضعت هدفها هو استمرار الحفاظ على قيمة العملة اللبنانية؛ خصوصًا أن البنوك تقبل تحويل اللبناني للدولار بالسعر الرسمي عند سداد قيمة أقساط القروض أو التعامل بالشراء من خلال البطاقات الإلكترونية”، مشيرًا إلى أن النظام المصرفي بلبنان لا يزال يتمتع بالقوة، ولديه كتلة نقدية بالعملة الأجنبية لا يريد الإضرار بها.

وأضاف شمعون أن ما يحدث من محلات الصرافة هو استغلال للأوضاع وعدم توفير كميات كبيرة من الدولار لمَن يريدها في السوق؛ حيث يضطر المواطنون الذين بحاجة إلى الدولار في بعض التعاملات وليس لديهم تعامل مع البنوك إلى اللجوء إلى الصرافات؛ نتيجة عدم تحويل البنوك الليرة اللبنانية إلى دولار.
وأرجع الأستاذ بالجامعة اللبنانية جزءًا من أزمة الدولارات الموجودة حاليًّا إلى العقوبات الأمريكية على “حزب الله” وإيران؛ خصوصًا أن الحزب يدفع معاشات أعضائه بالدولار، وهو ما جعله يقوم بسحب دولارات كثيرة خلال الفترة الماضية؛ الأمر الذي أثَّر على توافر العملة الأمريكية بالأسواق اللبنانية.
وأشار شمعون إلى أن الأزمة طويلة ومفتوحة ولا يوجد حلول قريبة لها في ظل وجود سلطة قوية بالحكم، وتصاعد مطالب المتظاهرين التي بدأت بمطالب اقتصادية اجتماعية، ثم وصلت إلى مطالب سياسية، ومن ثَمَّ يجب أن يكون هناك تنازل من الطرفَين؛ كي يتم الوصول إلى حل وسط يُمَكِّن البلاد من تجاوز الأزمة الحالية.