الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
لبنان وسط الاستياء الشعبي.. هل ينجح أديب في مهمته؟
لم يرحب الشارع اللبناني بالتكليف الذي جاء عشية وصول ماكرون إلى بيروت وسط استمرار التظاهرات

كيوبوست
على عكس التوافق السياسي على اختيار السفير اللبناني لدى برلين مصطفى أديب، مكلفاً لرئاسة الحكومة اللبنانية، بـ90 صوتاً في الاستشارات النيابية التي أجراها الرئيس اللبناني ميشيل عون، لم يحظَ أديب بترحيبٍ في الشارع الذي رفض اختياره؛ سواء بالتظاهرات التي نُظمت وسط بيروت أو بطرده من مار مخايل خلال تفقده الآثار التي نجمت عن انفجار مرفأ بيروت.

وجاء الإعلان عن اختيار أديب عشية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى بيروت، الثانية في أقل من شهر؛ للنقاش مع القوى السياسية المختلفة، وهو ما دفع الدكتور خالد عزي؛ أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية، للتأكيد أن اختياره جاء بصفقة فرنسية حاولت من خلالها باريس وضع مرشحها على رأس الحكومة الجديدة من أجل فتح منفذ بالأزمة اللبنانية؛ الأمر الذي أسهم في زيادة الغضب الشعبي تجاهه باعتباره شخصاً مفروضاً من الخارج، وليس مختاراً من الشعب اللبناني.

انتقادات الاختيار

وحسب رئيس حركة التغيير إيلي محفوض، فإن الآلية التي اعتمدت للتصويت على تكليف أديب برئاسة الحكومة في جلسة الاستشارات النيابية تثير الجدل والعديد من التساؤلات؛ خصوصاً أن النواب صوتوا لصالحه دون أن يعرفوه أو يعرفوا برنامجه في الحكومة، فضلاً عن أن وجوده في ألمانيا خلال السنوات السبع الماضية يجعل هناك العديد من التساؤلات عن إدراكه تفاصيل الواقع اللبناني راهناً؛ نظراً لحاجة البلاد إلى شخصية ذات باع طويل بالإدارة والسياسة والعلاقات الدولية والمحلية، وهو ما لا يتوافر في شخصه.
اقرأ أيضاً: نكبة بيروت.. ربع مليون مشرد ومئات المفقودين
وحدَّد الرئيس اللبناني ميشيل عون، موعد جلسة الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس جديد للحكومة بعد استقالة الدكتور حسان دياب، وتكليفه بتسيير الأعمال بعد ثلاثة أسابيع، مستغلاً عدم وجود مدة زمنية منصوص عليها بالدستور والقانون.

توافق نادر
ووصفت “بي بي سي” التوافق على تكليف مصطفى أديب برئاسة الحكومة بـ”التوافق النادر في الحياة السياسية اللبنانية”؛ وهو ما اعتبرته إقراراً من الأطراف السياسية بأنها لم تعد تملك خيارات في معالجة الأزمة الخانقة التي يمر بها لبنان.
يؤكد محفوض أن رؤساء الحكومات السابقين ذهبوا إلى تسوية جديدة على أنقاض التسوية السابقة التي أوصلت سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة؛ فاليوم لم يتم اختيار الحريري، ولكن تم اختيار شخص يشبه حسان دياب في المواصفات؛ لكنه يحظى بدعم الحريري والثنائي الشيعي والتيار الوطني في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يكون التوجه الحقيقي لاختيار شخصية على غرار السفير نواف سلامة، الذي يرفضه “حزب الله”؛ بسبب مواقفه من سلاح الحزب.
اقرأ أيضاً: تداعيات سيطرة “حزب الله” على الحكومة اللبنانية

يعتقد خالد عزي أن التسوية الجديدة التي سعَت فرنسا لإقرارها في لبنان لا تحظى بدعم أوروبي؛ لا سيما من ناحية المساعدات التي يمكن تأمينها اقتصادياً، فالرئيس الفرنسي يقدم وعوداً لا يملك تنفيذها جميعاً، في ظل سياساته القائمة على التأكيد أن إبعاد “حزب الله” عن السلطة في لبنان سيعني حرباً أهلية في البلاد.
يلفت عزي إلى أن الطريق الذي اختاره ماكرون يهدف إلى التعامل مع “حزب الله” باعتباره جزءاً من مقومات الدولة اللبنانية؛ الأمر الذي سيحدث تقارباً إيرانياً- فرنسياً، لافتاً إلى أن العقوبات التي لوح بها ماكرون ستكون عقوبات أمريكية، وليس فرنسية أو أوروبية فقط؛ وهو ما يدفع تجاه تحقيق التوافق من وجهة نظره.
في كلمته بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، تعهَّد مصطفى أديب بتشكيل حكومة من الاختصاصيين في زمن قياسي، بينما بدأ لقاءاته مع الكتل النيابية من أجل الاستقرار على تشكيلة الحكومة التي جرى الاتفاق على أن تكون حكومة اختصاصيين.

يرى إيلي محفوض أن التحركات في الشارع لن تتوقف؛ بل ستأخذ الأمور بُعداً أكبر؛ لأن بعض الأحزاب التي كانت موجودة في السلطة انتقلت إلى صفوف المعارضة، وهو ما سيجعل المعارضة أكثر تنظيماً من أي وقت مضى، وسيدفع تجاه ترتيب الأوراق السياسية الداخلية؛ الأمر الذي سيجعل الحكومة الجديدة تواجه معارضة أقوى شراسة.