الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
لبنان.. الحكومة تحصد ثقة البرلمان وتخسر ثقة الشارع
تظاهرات صاخبة أحاطت بمجلس النواب اللبناني.. ورئيسه نبيه بري اضطر إلى تقليص فترة انعقاد جلسة الثقة بسبب احتجاجات الشباب التي فرقتها قوات الأمن بقنابل الغاز المسيل للدموع

كيوبوست
في جلسة برلمانية مشكوك في دستوريتها وعلى وقع مصادمات على أبواب البرلمان أصابت أكثر من 250 متظاهرًا بإصابات متباينة؛ نتيجة قنابل الغاز ومحاولات منع المتظاهرين من الوصول إلى مجلس النواب، حازت حكومة الدكتور حسان دياب، على ثقة البرلمان اللبناني بموافقة 63 نائبًا من بين 84 حضروا الجلسة التي تم تقليص مدتها من يومَين إلى يوم واحد فقط؛ بسبب تصاعد الاحتجاجات في الشارع.

جدل النصاب
وكان يفترض حضور 65 نائبًا قبل الحادية عشرة والنصف بتوقيت بيروت، إلا أن رئيس البرلمان نبيه بري، بدأ الجلسة دون تأمين نصاب 50%+1 من أصل 128 نائبًا هم أعضاء البرلمان اللبناني؛ الأمر الذي دفع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، إلى التأكيد أن بداية الجلسة من دون النصاب القانوني غير دستورية وتحَدٍّ للشباب المنتفض بالخارج.
اقرأ أيضًا: لبنان يدخل أزمة صرف خانقة مع اختفاء الدولار
لكن مع بدء الجلسة دخل أعضاء كتلة الحزب الاشتراكي التابعة لوليد جنبلاط؛ حيث جرى تأمين النصاب بوجود 67 نائبًا، قبل أن ينضم إليهم نواب من كتلة تيار المستقبل التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، والتي رفضت تأمين النصاب في وقت تعرضت فيه مواكب النواب والوزراء، خلال محاولتهم الوصول إلى مجلس النواب، إلى القذف بالبندورة والبيض من المتظاهرين الذين حاولوا منع انعقاد الجلسة.

عدم دستورية
وشكَّك عدد من أستاذة القانون اللبنانيين في دستورية الجلسة التي بدأت من دون اكتمال النصاب، بينما اضطر بري إلى الاكتفاء بالاستماع إلى 17 نائبًا بالمناقشات فقط من أصل 43 نائبًا طلبوا الحديث بالجلسة؛ حيث طلب بري من كل كتلة برلمانية أن يتحدث نائب أو نائبان على الأكثر، وهو ما حدث بالفعل.
وقال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، إن بلاده تواجه أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية ومعيشية وبيئية خانقة ومصيرية، وبطالة جامحة وفقرًا مدقعًا وانهيارًا في البنى التحتية والخدمات الأساسية، وتهديدًا جديًّا مباشرًا على مستويات الصحة والرواتب والسكن، مشيرًا إلى أن الإصلاح يستوجب خطوات إصلاحية؛ بعضها مؤلم، لكنها ستكون ضمن خطة إنقاذ شاملة متكاملة.

حكومة هزيلة

رئيس حركة التغيير اللبنانية المحامي إيلي محفوض، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إنه بالمقارنة بالثقة التي حصلت عليها الحكومة الأخيرة للرئيس سعد الحريري، والتي حازت 111 صوتًا بالبرلمان، فإن حكومة حسان دياب حكومة هزيلة ولا تحظى بدعم داخلي قوي”، مشيرًا إلى أن الحكومة الجديدة تفتقد ثقة الدول العربية والولايات المتحدة والمؤسسات الدولية المناحة التي يمكن أن تساعد لبنان لتجاوز أزمته الاقتصادية.
وأضاف محفوض أن خطاب رئيس الحكومة حسان دياب، إنشائي ولا يحمل أي اتساق بالواقع؛ خصوصًا أن الأزمة المالية التي تحدَّث عن محاولة الحكومة لحلها، لن يتمكن من التعامل معها باعتباره رئيسًا لحكومة ينظر إليها باعتبارها حصان طروادة لـ”حزب الله” الذي يعاني مأزقًا ماليًّا واضحًا؛ لأسباب عدة، منها تراجع الدعم المالي المقدم من إيران.

انعدام ثقة
وشدَّد رئيس حركة التغيير اللبنانية على أن أيًّا من الجهات الدولية لن يمنح لبنان دعمًا لتجاوز الأزمة المالية الحالية، وهناك حكومة لا تحظى بتأييد الشارع وشكَّلها “حزب الله” الذي يحمل سلاحًا غير شرعي؛ الأمر الذي يعني أن المجتمع الدولي سيرفض التعاون معه.
اقرأ أيضًا: كيف مهَّدت الأحداث الداخلية إلى تحريك الشارع اللبناني ضد السلطة؟
وأكد محفوض أن تبعات تشكيل الحكومة ستكون واضحة في الشارع بشكل أكبر؛ خصوصًا أن هناك أحزابًا وتيارات، مثل “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي”، ستنزل إلى الشارع للمعارضة، مشيرًا إلى أن الأمور تتجه نحو إسقاط الحكومة الجديدة والذهاب إلى انتخابات مبكرة؛ لإخراج ممثلين عن الثورة قادرين على الوصول إلى السلطة.

انهيار كامل

من جهته، قال الدكتور مصطفى علوش، القيادي بتيار المستقبل: “إن حكومة دياب ستستمر إلى حين الانهيار الكامل للدولة اللبنانية؛ ليس لأنها حكومة سيئة، ولكن لأن الظروف التي يعيشها لبنان غير مواتية لسيناريو آخر؛ فالقوى الحاكمة لديها إصرار على وضع لبنان تحت رحمة سلاح (حزب الله) والميليشيات وتوتر العلاقات بين لبنان ودول العالم”.
اقرأ أيضًا: تداعيات سيطرة “حزب الله” على الحكومة اللبنانية
وأكد علوش أن موقف تيار المستقبل واضح؛ لتجنب خلق فوضى، فما دام لم تحدث ثورة تستولي على الحكم بالكامل وتغيِّر القواعد الموجودة، فيجب أن يكون التغيير من داخل مؤسسات الدولة، ويمثلها الآن مجلس النواب، مشيرًا إلى أن ما يحدث منذ أكتوبر الماضي هو حراك وليس ثورة؛ نظرًا إلى طبيعة التركيبة اللبنانية الطائفية والسياسية.

وأشار القيادي بتيار المستقبل إلى أن المشكلة الأساسية هي عدم إمكانية طرح بديل كامل على مستوى السلطة يلبِّي طموحات الشارع اللبناني، لافتًا إلى أن حضور كتلة المستقبل جلسة الثقة جاء لإبداء معارضة مسار تشكيل الحكومة وتأكيد الموقف الواضح من رفض الحكومة وليس لإكمال نصاب الجلسة.