الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
لاقى سخطاً في البداية.. برج إيفل أهم معالم باريس

كيوبوست
على الرغم من أنه أصبح رمزاً وطنياً في فرنسا ومعلماً عالمياً لاستقطاب السياح؛ فإن برج إيفل المشيد في مركز العاصمة الفرنسية باريس، لم يلقَ استحسان الباريسيين في البداية، إذ واجه عند إنشائه سخطاً واسعاً من قِبل فنانين وأدباء، والمعلومة الأكثر إدهاشاً حول البرج الشهير، أنه كان من المفترض تدميره بعد 20 سنة من بنائه، حسب ما نصت عليه اتفاقية البناء؛ لكن النجاح الذي حققه عند افتتاحه مكنه من الصمود ليصبح جزءاً من الإرث والذاكرة الفرنسية.
عملية البناء
انتهت عملية بناء برج إيفل عام 1889، وسُمي بـ”إيفل” نسبة إلى المهندس المعماري ورجل الأعمال الفرنسي الذي استلم عملية تصميمه وبنائه، غوستاف إيفل، والذي اشتهر بتصميم المنشآت المعدنية؛ كالكباري والسكك الحديدية، وإلى جانب برج إيفل، يُسجَّل لغوستاف تصميمه تمثال الحرية المدشن في نيويورك.

جاء قرار بناء البرج، احتفالاً بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية؛ فقبل الاستقرار على برج إيفل كخيار، أُجريت مسابقة بهدف بناء برج حديدي على أرض ساحة Champ-de-Mars في مركز باريس، على أن تكون قاعدته مربعة، وأن يكون عرضه 125 متراً وارتفاعه 300 متر.. طُرح 107 تصميمات مقترحة، ووقع الاختيار على عرض غوستاف إيفل.
شاهد: برج إيفل.. 130 سنة من الصمود
كان لدى كبار مهندسي شركة إيفل، موريس كويشلين وأميل نوغير، فكرة إنشاء برج طويل جداً، وفي يونيو 1884، بدأ مهندسو الشركة برسم المخطط، بينما تم تكليف المهندس المعماري ستيفن سوفيستر، بالاعتناء بالشكل الخارجي للبرج.
بدأت عملية البناء عام 1887، استغرق بناء الأساسات خمسة أشهر؛ وفي الأول من شهر يوليو، شرع العمال بتجميع دعامات البرج، المكوَّن من 18000 قطعة، تم تصنيعها في مصنع إيفل، وتجميعها وتركيبها بواسطة 2.500.000 مسمار برشام، وكان كل مسمار بحاجة إلى أربعة عمال من أجل تثبيته؛ واحد لتسخينه، وآخر لتركيبه، وثالث لتشكيل الرأس، ورابع لضربه بمطرقة ثقيلة.

في مارس 1889 انتهى العمل بالبرج، أي أن العملية استغرقت ما يقارب العامين فقط؛ ما اعتبر سرعة قياسية بالنظر إلى الوسائل البدائية التي كانت متاحة في تلك الفترة؛ كالرافعات البخارية، والسقالات الخشبية.
اعتراض فني
ضمن رسالة بعنوان “فنانون ضد برج السيد إيفل” نُشرت في صحيفة “Le Temps”، عبَّر فنانون عن اعتراضهم على البرج، مشيرين إلى أنه يشكِّل تهديداً للطبيعة الجمالية لباريس، كما اعتبروه غير مقبول؛ لأنه تناقض صارخ مع الأناقة والجمال الراقي للمدينة، ووقَّع على الرسالة أسماء كبيرة في عالم الأدب والفنون، وما بين عامي 1886- 1887 نشر فنانون وأدباء مقالات، معبرين عن انزعاجهم من البرج.
وجاء في جزء من نص الرسالة: “نأتي نحن الكتاب والرسامين والنحاتين والمهندسين المعماريين ومحبي جمال باريس الذي لم يمس حتى الآن، لنحتج بكل قوتنا وكل سخطنا، باسم الذوق الفرنسي الذي تم الاستخفاف به، باسم الفن والتاريخ الفرنسي المهدد، ضد إقامة برج إيفل غير المجدي والوحشي في قلب عاصمتنا”.

وسخر بعضهم من شكل البرج المعدني؛ فقد شبهه السياسي الفرنسي ليون بلو، بـ”مصباح الشارع المأساوي”، بينما وصفه الشاعر بول فيرلين، بـ”هيكل برج الجرس”. أما الشاعر فرانسوا كوبي، أو الشاعر المتواضع، فقد قال في وصفه: “إنه سارية جهاز رياضي حديدي، غير مكتمل، مرتبك ومشوه”!
برج مؤقت
تم افتتاح برج إيفل عبر معرض عالمي زاره مليونا شخص، وحينها تمكن البرج من إثبات جاذبيته، علماً بأن البرج كان مؤقتاً، وكان من المقرر هدمه بعد 20 عاماً من تدشينه، حسب حقوق الترخيص المرتبطة باتفاقية بناء البرج، إلا أن النجاح الذي حققه مع افتتاحه جعل منه رمزاً للقوة الصناعية الفرنسية.
اقرأ أيضاً: أهم إنجازات مصر الحديثة.. السد العالي في الذكرى الـ50 لتدشينه
من جانبه، بذل غوستاف إيفل جهوداً كبيرة لمنع الهدم، عبر إثبات فائدة البرج الكبيرة من الناحية العلمية؛ لذا صمم على إجراء تجارب تبرهن ذلك، في مجالات مختلفة كعلم الفلك والاتصالات، وبالفعل استخدم برج إيفل كبرج هوائي لا سلكي، للموجات الردايوية الدائمة والاتصالات، واستعمل لأغراض لا سلكية عسكرية خلال الحرب العالمية الأولى.
بفضل محاولات غوستاف إيفل، والنجاح الذي حققه البرج، تمكن المَعْلَم من الصمود إلى يومنا هذا؛ إذ يزوره سنوياً ما يقرب من الـ7 ملايين زائر، ومع أنه معدني ويرمز إلى القوة الصناعية، لكنه يعتبر وجهة أساسية للعشاق؛ فأمامه تتم آلاف طلبات الزواج كل عام.