الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

لأول مرة.. البلاستيك الأزلي

كيوبوست- ترجمات

كاثرين لاثام

البلاستيك الذي نعيد تدويره بالطرق المعتادة ينتهي به المطاف إلى أكوام من النفايات والمواد المتدنية النوعية؛ ولكنْ هنالك خيار آخر، وهو تحويل البلاستيك إلى النفط الذي صنع منه أصلاً.

هنالك مادة واحدة من صنع الإنسان يمكنك أن تجدها في التربة وفي الهواء وفي أعماق المحيطات؛ إنها مادة شديدة التحمل إلى درجة أن معظم الكميات التي صنعت لا تزال موجودة في نظامنا البيئي، وقد شقت طريقها إلى السلسلة الغذائية، ودخلت إلى أجسادنا وانتقلت مع الدم إلى مختلف أعضائنا، حتى إنها وصلت إلى المشيمة البشرية.

إنها البلاستيك بالطبع، وشدة تحمل هذه المادة وتماسكها هما اللذان جعلا منها مادة مفيدة للغاية؛ فالكابلات الممتدة على قاع المحيطات وأنابيب المياه تحت الأرض ومواد التغليف التي تحافظ على نضارة طعامنا كلها تعتمد على هذه الخاصية.

اقرأ أيضاً: إعادة التدوير.. كم هي مفيدة حقاً؟

من المعروف أن إعادة تدوير البلاستيك بالطرق التقليدية هي أمر في غاية الصعوبة، وقد تمت إعادة تدوير 9% فقط من إجمالي البلاستيك الذي تم صنعه وتحويله إلى بلاستيك جديد؛ ولكن ماذا لو كانت هنالك طريقة لإرجاع البلاستيك إلى المادة التي صنع منها؟ إن التحدي الكبير الذي يواجه علم كيمياء البوليميرات -العلم المسؤول عن صنع البلاستيك- هو معرفة كيفية عكس عملية تصنيع البلاستيك وتحويله إلى نفط.

تم البحث في هذه العملية -التي تعرف بإعادة التدوير الكيميائي- كبديلٍ عمليّ للتدوير التقليدي المعتمد منذ عقود. وحتى الآن لا تزال العقبة الرئيسية أمام نجاح العملية هي الكمية الكبيرة من الطاقة التي تحتاج إليها. وهذا الأمر يؤدي، إلى جانب تقلبات أسعار النفط الخام، إلى أن يصبح إنتاج مواد بلاستيكية جديدة أقل كلفة من تدوير البلاستيك الموجود.

بعض أنواع البلاستيك القابلة للتدوير ينتهي بها المطاف في مطامر النفايات- “بي بي سي”

يتم إنتاج 380 مليون طن من المواد البلاستيكية كل عام في مختلف أرجاء العالم. وهذا ما يعادل وزن 2.700.000 حوت أزرق (ما يزيد على 100 ضعف وزن جميع الحيتان الزرقاء الموجودة). وتتم إعادة تدوير نحو 16% من النفايات البلاستيكية لصنع بلاستيك جديد، بينما يتم إرسال 40% إلى مطامر النفايات، و25% إلى المحارق، وتُرمى نسبة 19% منها.

معظم كميات البلاستيك القابلة لإعادة التدوير -مثل أنواع البلاستيك المستخدمة في صنع عبوات المشروبات والمياه ومواد التعليف- ينتهي بها المطاف في مطامر النفايات، وغالباً ما يكون ذلك بسبب تلوثها ببقايا الأطعمة أو المواد الأخرى، أو بسبب الارتباك عند فرز النفايات المنزلية.

بينما تجد أنواع البلاستيك الأخرى -مثل علب الأطعمة وغيرها- طريقها إلى مطامر النفايات؛ لأنها مصنوعة من توليفة من أنواع البلاستيك المختلفة التي لا يمكن فصلها بسهولة في معامل إعادة التدوير. ويمكن للنفايات التي يرميها الناس في الطرقات وقطع البلاستيك الخفيفة في المطامر أو التي يتم رميها بشكل عشوائي، أن تحملها الرياح أو أن تجرفها مياه الأمطار إلى الأنهار؛ حيث ينتهي بها الأمر في المحيط.

اقرأ أيضاً: زجاجات نباتية مستدامة تبشر بنهاية عصر البلاستيك

إعادة التدوير الكيميائية هي محاولة إعادة تدوير ما لا يمكن إعادة تدويره. فبدلاً من المنظومات التي لا تستطيع التعامل مع بعض أنواع البلاستيك؛ إما لأن لونها لا يناسب أو لأنها مصنوعة من المركبات غير المناسبة، يمكن لإعادة التدوير الكيميائية أن تتعامل مع جميع أنواع البلاستيك التي يتم إدخالها في منظومة إعادة تدوير لا منتهية تقوم بإرجاع البلاستيك إلى نفط، يمكن استخدامه لصنع البلاستيك من جديد.

الطريقة التي تتم بها عملية إعادة تدوير البلاستيك اليوم هي أشبه ما تكون بدوامة تنازلية بدلاً من أن تكون دورة مستمرة إلى ما لا نهاية. فعملية إعادة التدوير عادة ما تكون ميكانيكية؛ حيث يتم فرز البلاستيك بأنواعه المختلفة، ثم ينظف ويفرم ويذاب ويعاد تشكيله من جديد. وفي كل مرة تتم إعادة تدوير البلاستيك تتدهور جودته. فعندما يتم صهر البلاستيك تتكسر سلاسل البوليميرات؛ مما يقلل من تماسكه ولزوجته ويصعب من عملية تصنيعه. وغالباً ما يصبح البلاستيك المصنع من جديد بنوعية منخفضة ولا يصلح لتغليف الأغذية، ومعظم أنواع البلاستيك يمكن إعادة تدويرها لعدد محدود جداً من المرات قبل أن تتفكك لدرجة تجعلها غير صالحة للاستخدام.

تهدف صناعة إعادة التدوير الكيميائي الناشئة إلى تجنب هذه المشكلة من خلال تفكيك البلاستيك إلى مكوناته الكيميائية الأساسية التي يمكن استعمالها كوقود أو لإعادة إنتاج مواد بلاستيكية جديدة.

اقرأ أيضاً: اختراق علمي: النفايات البلاستيكية ستكون وقودًا للسيارات مستقبلًا

أكثر وسائل التدوير الكيميائي تنوعاً هي “إعادة التدوير إلى المواد الأولية” التي تعرف أيضاً باسم “التحويل الحراري”؛ وهي أية عملية يتم خلالها تكسير البوليميرات إلى جزيئات أبسط باستخدام الحرارة، وهي عملية بسيطة إلى حد ما. فالشخص العادي يلقي بعبوة الشراب البلاستيكية في مستوعب النفايات القابلة للتدوير، حيث يتم جمعها ونقلها إلى منشأة الفرز؛ إذ يتم فرزها إما يدوياً وإما بطريقة آلية إلى أنواع مخالفة من المواد، وأنواع مختلفة من البلاستيك.

بعد ذلك، تغسل عبوة الشراب وتفرم وتضغط في مكعبات جاهزة للشحن إلى مركز إعادة التدوير. إلى هنا لا شيء يختلف عن عملية إعادة التدوير التقليدية. بعد ذلك يأتي دور عملية إعادة التدوير الكيميائية؛ حيث يؤخذ البلاستيك إلى مركز التحليل الحراري، ويجري إدخاله إلى مفاعل التحلل الحراري الذي يسخنه إلى درجات حرارة مرتفعة جداً. هذه العملية تحوّل البلاستيك إلى أبخرة يتم تكثيفها لتتحول إلى سائل يشبه النفط، ثم يتم تقطير هذا السائل إلى قطفات يمكن استخدامها لأغراض مختلفة.

لا تختلف عملية إعادة التدوير الكيميائية عن إعادة التدوير العادية الميكانيكية في مراحل الجمع والفرم والنقل إلى محطات المعالجة- “بي بي سي”

تتم تجربة تقنيات التدوير الكيميائي في مختلف أنحاء العالم. وقد طورت شركة “ريسايكلنغ تكنولوجيز”، ومقرها المملكة المتحدة، مفاعلات تحلل حراري قادرة على معالجة أنواع النفايات البلاستيكية التي يصعب تدويرها مثل الرقائق والأكياس البلاستيكية إلى مادة تسمى “بلاكس”؛ وهي مادة أولية هيدروكربونية يمكن استخدامها لصنع بلاستيك جديد بجودة عالية. وقد تم تركيب أول منشأ على نطاق تجاري في مدينة بيرث في إسكتلندا عام 2020.

تمتلك شركة “بلاستيك إينيرجي” معملَين للتحلل الحراري على نطاقٍ تجاري في إسبانيا، وهي تخطط للتوسع في فرنسا وهولندا والمملكة المتحدة. وهذان المفاعلان يحولان البلاستيك الذي يصعب تدويره، مثل أغلفة الحلويات وأكياس أطعمة الحيوانات الأليفة الجافة، وأكياس حبوب الإفطار، إلى مادة أولية تُسمى “تاكويل”، يمكن استخدامها لإنتاج بلاستيك جديد بنوعية جيدة يصلح للاستخدام في تغليف الأغذية.

وفي الولايات المتحدة أصبحت شركة الصناعات الكيميائية “أينيوز” أول شركة تستخدم تقنية إزالة البلمرة على نطاق تجاري لإنتاج البولي إيثيلين الذي يستخدم في صنع الأكياس البلاستيكية والرقائق البلاستيكية المنكمشة. وتخطط الشركة أيضاً لبناء عدد من مصانع التحلل الحراري.

اقرأ أيضاً: النفايات مجدداً: اللبنانيون يبحثون عن وزير البيئة!

في المملكة المتحدة، أنشأت شركة “ميورا تكنولوجي” أول منشأة تجارية في العالم قادرة على تدوير جميع أنواع البلاستيك. يمكن للمنشأة معالجة مزيج متنوع من كل أنواع البلاستيك بغض النظر عن ألوانه وتركيبته ودرجة تدهور جودته، وحتى البلاستيك الملوث ببقايا الأطعمة والفضلات الأخرى.

تستخدم شركة “ميورا” تقنية “هايدروثيرمال” التي تعتمد على إضافة الماء إلى البلاستيك في حجرة المفاعل؛ بهدف توزيع الحرارة بالتساوي. وعند تسخين الماء إلى درجات حرارة مرتفعة للغاية تحت ضغط مرتفع لمنعه من التبخر يصبح في حالة “فوق الحرجة” وليس سائلاً أو غازاً أو صلباً. وتقول شركة “ميورا” إن استخدام الماء “فوق الحرج” وعدم الحاجة إلى تسخين المفاعل من الخارج هو ما يجعل هذه التقنية قابلة للتطوير بطبيعتها.

يقول ستيف ماهون، الرئيس التنفيذي للشركة: “إذا قمت بتسخين المفاعل من الخارج يصبح من الصعب جداً المحافظة على توزيع متساوٍ للحرارة. وكلما كان المفاعل أكبر تزداد صعوبة العملية. إنها أشبه بالطهي، فمن الصعب أن تشوي قطعة كبيرة من شرائح اللحم بشكل متساوٍ من الداخل والخارج؛ ولكن إذا قمت بغليها يصبح من السهل أن تنضج بشكل متساوٍ بجميع أجزائها”.

مصنع رائد أثبت أن استعمال الماء فوق الحرج يساعد في الارتقاء بعملية إعادة التدوير الكيميائية إلى مستوى مجدٍ اقتصادياً- “بي بي سي”

تصل النفايات البلاستيكية إلى الموقع في شكل مكعبات كبيرة من البلاستيك المتسخ المتنوع؛ مثل الرقائق المرنة والقطع الصلبة، والتي كانت تذهب إلى المحارق. يتم إدخال هذه المواد المتنوعة إلى منشأة الفرز لإزالة أية شوائب غير عضوية؛ مثل الزجاج أو المعادن أو الحصى، بينما يمكن التغاضي عن الشوائب العضوية مثل بقايا الأطعمة أو الفضلات الأخرى. بعد ذلك يتم فرم البلاستيك وغسله قبل أن يمزج مع الماء فوق الحرج.

وبمجرد أن يُزال الضغط من المفاعل المضغوط بعد خروج النفايات منه، يتحول معظم السائل إلى أبخرة يتم تبريدها في أبراج التقطير ثم يتم فصل السوائل المتكاثفة حسب درجة غليانها لإنتاج أربعة سوائل هيدروكربونية؛ هي النافتا، والغاز أويل، وزيت الفيول الثقيل، ورواسب شمعية ثقيلة أشبه بالقار. وفي نهاية المطاف تُشحن هذه المشتقات إلى مصانع البتروكيماويات.

كما هي الحال في تقنيات “إعادة التدوير إلى المواد الأولية” الأخرى لا توجد عملية تراجعية في نوعية المنتج هنا؛ حيث يمكن إعادة تشكيل روابط البوليمرات من جديد. وهذا يعني أنه يمكن إعادة تدوير البلاستيك إلى ما لا نهاية، وبمعدل تحويل يصل إلى 99%؛ ما يعني أن كل النفايات البلاستيكية تقريباً تتحول إلى منتجات مفيدة.

اقرأ أيضاً: العالم على الطريق لتغيرات كبرى

قال ماهون: “سيتم تحويل العناصر الهيدروكربونية للمواد الأولية إلى منتجات هيدروكربونية جديدة ومستقرة تستخدم في تصنيع مواد بلاستيكية جديدة ومواد كيماوية أخرى”. وأشار إلى أنه حتى المواد المالئة المستخدمة في بعض أنواع البلاستيك؛ مثل الطبشور والملونات والملّدنات لا تسبب أية مشكلة. “فهذه المواد تترسب في الرواسب الشمعية الثقيلة التي تشبه القار أو الأسفلت وتستخدم في صناعة البناء.

وتستخدم الغازات الساخنة الفائضة المتولدة أثناء عملية التحلل الحراري في تسخين الماء، ما يزيد من الكفاءة المنشأة في استخدام الطاقة؛ حيث تتم تغذية المفاعل ذاتياً بنسبة 40%. قال ماهون: “نريد أن نستخدم أقصى قدر ممكن من الطاقة المتجددة، وسنسعى حيثما كان ذلك ممكناً إلى الوصول إلى نسبة 100%”.

يهدف مصنع شركة “ميورا” في تيسايد، الذي يفترض أن ينتهي العمل بإنشائه في عام 2022 إلى معالجة 80,000 طن سنوياً من النفايات البلاستيكية التي لم يكن من الممكن معالجتها سابقاً، وهو بمثابة نموذج سيتم العمل به في مختلف أنحاء العالم، حيث تخطط الشركة لإنشاء مصانع لها في ألمانيا والولايات المتحدة. وتخطط الشركة للوصول إلى طاقة مليون طن سنوياً بحلول عام 2025 في عملياتها على المستوى العالمي.

اقرأ أيضاً: لا ينبغي للتغيرات المناخية أن تؤجج الصراعات

قال ماهون: “إن إعادة تدوير البلاستيك إلى مواد أولية مكافئة لمواده الخام توفر المكونات اللازمة لإنتاج مواد بلاستيكية أعيد تدويرها 100% مع عدم وجود حدود لعدد المرات التي يمكن فيها إعادة تدوير المادة نفسها. أي فصل إنتاج البوليميرات البلاستيكية عن الموارد الأحفورية، وإدخال البلاستيك في دورة اقتصادية مغلقة”.

رحب علماء مثل شارون جورج؛ كبير المحاضرين في العلوم البيئية بجامعة كيلي، بتقنيات “ميورا”. “هذه التقنية تتخطى تحدي الجودة من خلال عكس البوليميرات البلاستيكية للحصول على المواد الكيميائية الخام المكونة لها، والبدء من جديد. إنها عملية إعادة تدوير حقيقية”.

المصنع الذي يجري بناؤه في تيسايد في المملكة المتحدة يهدف إلى معالجة 80,000 طن من النفايات البلاستيكية سنوياً- “بي بي سي”

ولكن على مدى الأعوام الثلاثين الماضية واجهت تقنية إعادة التدوير الكيميائية معوقات جدية؛ منها الاستهلاك المرتفع للطاقة، وبعض التحديات التقنية، وصعوبة الانتقال بها إلى المستوى الصناعي.

أصدر التحالف العالمي لبدائل الحرق، وهو مجموعة من المنظمات والأفراد الذين يشجعون الحركات الاجتماعية على الحد من النفايات والتلوث، تقريراً في عام 2020، خلص إلى أن إعادة التدوير الكيميائية تسبب التلوث وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة ومعرضة للفشل الفني. وأشار التقرير إلى أن إعادة التدوير الكيميائية ليست حلاً قابلاً للتطبيق لمشكلة البلاستيك؛ خصوصاً بالنظر إلى السرعة والحجم المطلوبَين.

بالإضافة إلى ذلك، إذا كان المنتج النهائي لعملية إعادة التدوير الكيميائية هو زيت الوقود؛ فالعملية لا تقلل من الحاجة إلى البلاستيك البكر، كما أن حرق هذا الوقود سوف يطلق غازات الدفيئة كما يفعل الوقود الأحفوري العادي.

اقرأ أيضاً: السياحة البيئية.. أن تنتمي إلى المكان وتعنى بسلامة البيئة

تقول باولا تشين، إخصائية المواد المستدامة بمنظمة الحفاظ على البيئة: “تراقب المنظمات البيئية غير الحكومية عن كثب طرق إعادة التدوير الناشئة، ولا تزال هذه التقنيات في مهدها، وهي ليست بأية حال من الأحوال الحل السحري لمشكلة النفايات البلاستيكية. ويجب أن نركز على زيادة كفاءة الموارد كطريقة للتقليل من النفايات من خلال منظومات زيادة إعادة الاستعمال، وإعادة التعبئة والإصلاح، وليس الاعتماد على إعادة التدوير كمنقذ”.

ولكن شركة “ميورا” تجادل بأن معاملها سوف تملأ الفجوة. قال ماهون: “إعادة التدوير الكيميائية هي قطاع جديد؛ لكن معدل تطوره، وبالتحديد بالنسبة إلى شركة (ميورا)، يظهر الحاجة الملحة إلى تكنولوجيا جديدة لمعالجة مشكلة النفايات البلاستيكية المتنامية والتسرب البيئي، وإلى فرصة لإعادة تدوير أحد الموارد الجاهزة عالية القيمة الذي يهدر في الوقت الحالي”.

تهدف عملية “ميورا” إلى استكمال العملية الميكانيكية والبنية التحتية القائمة وليس التنافس معها، وإعادة تدوير المواد التي كانت ستذهب إلى مطامر النفايات أو المحارق أو إلى البيئة. كل النفايات البلاستيكية التي سيعيدون تدويرها سوف تستخدم في تصنيع مواد بلاستيكية جديدة، ولن يتم استخدام أية كمية منها كوقود.

انهار العديد من مصانع إعادة التدوير الكيميائية في الماضي.. ولكن شركة “ميورا” تعتقد أن تقنية الماء فوق الحرج التي تستخدمها ستجعل العملية مجدية اقتصادياً- “بي بي سي”

تأمل “ميورا” أن يسمح استخدامها للماء فوق الحرج لنقل الحرارة بكفاءة عالية بالارتقاء إلى المستويات الصناعية، وبتخفيض استهلاك الطاقة، وتكاليف العمل. وهذا يمكن أن يكون عاملاً حاسماً للنجاح حيث فشل الآخرون.

أحد الأسباب الرئيسية وراء فشل إعادة التدوير الكيميائية حتى الآن هو الانهيار المالي. في تقرير صدر عام 2017، أشار الاتحاد العالمي لبدائل الحرق إلى العديد من المشروعات التي فشلت؛ من بينها منشأة “ثيرموسيلكت” في ألمانيا، التي خسرت أكثر من 500 مليون دولار خلال خمس سنوات، ومنشأة “أنترسيرف” في المملكة المتحدة، التي خسرت 100 مليون دولار في عدد من مشروعات إعادة التدوير الكيميائية، والعديد غيرها من الشركات التي كان مصيرها الإفلاس.

لم تتسبب الصعوبات المالية في عرقلة مشروعات إعادة التدوير الكيميائية فحسب؛ بل أعاقت جميع أنواع إعادة تدوير البلاستيك. تقول سارة وينغستراند، مديرة مشروع اقتصاد البلاستيك الجديد في مؤسسة إلين مكارثر: “إن عمليات الجمع والفرز وإعادة التدوير والتغليف هي ببساطة أكثر كلفة من إنتاج البلاستيك البكر”.

ترى وينغستراند أن الطريق الوحيد إلى “تمويل مكرس ومستمر وكاف على نطاق واسع” لإعادة التدوير، هو من خلال برامج مسؤولية المنتج الإلزامية طويلة الأمد القائمة على الرسوم. وهذه البرامج ستضمن أن تقدم كل الصناعات التي تستخدم البلاستيك مساهمات مالية تستخدم لجمع ومعالجة مواد التغليف التي تستخدمها. “من دون تلك المساهمات، من غير المرجح أن تتسع عملية إعادة تدوير مواد التغليف إلى الحد المطلوب”.

ولكن ماهون يعتقد أن نظاماً مثل نظام “ميورا” هو طريقة أخرى لتحويل الميزانيات لصالح إعادة التدوير من خلال إنتاج زيت يمكن بيعه لتحقيق الأرباح. وقد أعلنت شركة “ميورا” مؤخراً عن شراكات مع شركة “داو” وشركة “إيغوز” لصناعة البلاستيك وشركة “كي بي آر” للبناء.

يقل تايلور أوكيرت، الباحث في مركز كامبريدك كرييتيف سيركيولار بلاستيك سنتر: “الشيء المثير للاهتمام هنا هو أن (ميورا) يمكن أن تجد قيمة في البلاستيك التي لا تكون إعادة تدويرها ميكانيكياً مجدية اقتصادياً”.

وحتى مع القدرة على إعادة تدوير كل أنواع البلاستيك كي يتم استعمالها مرة ثانية، فمن غير المرجح أن تختفي جميع مشكلات التلوث بالبلاستيك. فمع وجود الكثير من الأشياء التي ينتهي بها المطاف في مطامر النفايات وفي البيئة، فإن البلاستيك سيستمر في فعل الشيء الذي صُنع من أجله، وهو أن يدوم طويلاً.

المصدر: بي بي سي

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة