الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كيف يُنظر إلى حركة الإخوان المسلمين في أوروبا؟
إذا ظهر دور المؤسسات القطرية مهماً في دعم "حركة الإخوان" فإن الجهات الفاعلة الأخرى في منطقة الخليج تعمل في اتجاه معاكس تماماً.. لقد أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة -ولسنوات- التزاماً ثابتاً ضد إيران والحركات الإسلامية المتطرفة

كيوبوست- ترجمات
في التاسع من يوليو الماضي، قدمت لجنة التحقيق التابعة لمجلس الشيوخ الفرنسي تقريرها حول التطرف الإسلامي وسُبل مكافحته، بعد ثمانية أشهر من جلسات الاستماع وجلسات العمل، وكما هو معلوم فقد أُنشئت هذه اللجنة بناءً على طلب كتلة “الجمهوريين”، في أعقاب الهجوم الذي نُفِّذ في مقر شرطة باريس.
يمكن تقسيم التطرف الإسلامي إلى فرعَين رئيسيَّين: الراديكالية العنيفة والجهادية، وسلاحها الرئيسي هو الهجوم، والراديكالية “المنهجية” التي تعارض اندماج أولئك الذين يعتنقون الدين الإسلامي في الجمهورية، وجماعة الإخوان المسلمين ملحقة بهذا الفرع الثاني.
هي جماعة تبدو أقل وضوحاً بالنسبة إلى الجمهور، ومع ذلك فهي فعالة للغاية؛ لأنها تقوم على عقيدة تاريخية، واستراتيجية عالمية، وموارد مالية قوية.

تأسيس ونشأة
حسن البنا هو مؤسس “الجمعية السرية للإخوان المسلمين” في مصر عام 1928. سيقوده إلى هذا التوجه أب شديد التدين، ومرحلة شباب قضاها منخرطاً في جمعيات دينية محافظة. كان مقتنعاً بشدة أن الطريقة الوحيدة لتحرير بلاده من البصمة الثقافية البريطانية (كانت مصر في ذلك الوقت تحت ولاية بريطانيا) هي تطوير نموذج إسلام مجتمعي.
عقيدة الإخوان ولدت لتناقض النموذج الثقافي والمجتمعي الغربي. نظرة على شعار الحركة، المصحف والسيفَين المتقاطعَين؛ هو أمر مثير للاهتمام، فهو يدعو إلى القتال؛ خصوصاً إذا أضفنا ترجمة النص التي تظهر هناك: “وأعدوا…”، هي عقيدة تتمحور حول “النهضة” الإسلامية، ضد القبضة العلمانية الغربية، والتقليد الأعمى للنموذج الأوروبي.
اقرأ أيضاً: تركيا أردوغان.. والإخوان المسلمون في إفريقيا
شخصية أخرى هو سيد قطب، مصري أيضاً، يعتبر العقل الرائد للحركة ومنظر نهجها. كان وصول محمد مرسي وحركة الإخوان المسلمين إلى السلطة بعد سقوط الرئيس مبارك خطوة مهمة للإخوان، حتى لو أنها لم تدم طويلاً (368 يوماً).
سيكون من الاختزال الشديد للتاريخ الحد من الصدمات “الدينية” و”السياسية” التي واكبت ولادة الحركة “الإخوانية” بالمواجهة بين العالم الإسلامي و”العالم الآخر”؛ أي العالم الغربي.
هذه المواجهة حدثت أيضاً “داخلياً” داخل العالم الإسلامي نفسه. لم تحدث هذه المواجهة في دولة واحدة؛ بل في دولتين، تمثلان التيارَين الرئيسيين للديانة الإسلامية السُّنية والشيعية، هما تركيا وإيران.
في تركيا، وبعد الحرب العالمية الأولى، قام الرجل الذي سيصبح مصطفى كمال أتاتورك، ببناء تركيا الحديثة في إطار جمهورية علمانية رسمياً. كانت تلك الصدمة الأولى الهائلة للفصل بين الدين والدولة؛ بين القانون والدين الإسلامي في بلد مسلم.

في ظل هذا التغيير الجذري والراديكالي السريع، لا تزال تركيا تشعر بالهزات الأيديولوجية والسياسية المرتدة في أعقاب هذه الصدمة، يجب أن نضع “الصدمة المضادة” ووجود القيادة “الإسلامية والمحافظة” حالياً في تركيا وقربها من جماعة الإخوان المسلمين في ضوء ذلك.
إيران، وفي إطار مؤسسي مختلف، ستختبر بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد ثلاثين عاماً مما حصل في تركيا؛ نفس المواجهة بين دولة علمانية ودينية. سيلغي الشاه التزام الوزراء بأداء القسم على القرآن، فضلاً عن العديد من الإصلاحات الدينية والمجتمعية التي تقوم على هذا القطع والانفصال بين الدولة والإسلام، سيخلق ذلك أرضية خصبة للالتفاف حول آية الله الخميني. يمكن فهم العودة العنيفة للدين إلى إيران؛ بسبب حالة التمزق التي حدثت بين الدين وهيكل الدولة.
لذلك فإن رؤية جماعة الإخوان المسلمين كانت تغذيها التوترات الداخلية داخل الدول الإسلامية نفسها، حينها رحبت الحركة بوصول الخميني إلى السلطة في إيران. وهذا ما يفسر النظرة الجيدة لجمهورية إيران الإسلامية تجاه جماعة الإخوان المسلمين والسلطة التركية حالياً.
اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون في سويسرا
فرنسا والإخوان
من المثير للاهتمام معرفة أن طارق رمضان، المعروف في فرنسا، هو حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا. ومن المثير للاهتمام أيضاً معرفة أن والده هو مَن أنشأ المركز الإسلامي في جنيف. هذه العلاقة وهذا النشاط على مدى ما يقرب من قرن، يقول الكثير عن الاستراتيجية الجريئة للحركة وأعضائها.
طارق رمضان ترأس كرسي الدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أكسفورد، الذي سُمي على اسم حمد بن خليفة آل ثاني. لاحظ أن هذا يشير إلى عائلة آل ثاني؛ الأسرة الحاكمة لإمارة قطر. تلعب بريطانيا العظمى في ذلك دوراً تنسيقياً أساسياً لأوروبا من خلال “رابطة مسلمي بريطانيا”. كما تستفيد الحركة من القرب المالي لبنك التقوى، الذي أسسه مدير سويسري وأعضاؤه نافذون في جماعة الإخوان المسلمين.

يجب علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أهمية السكان الأتراك وذوي الأصول التركية في ألمانيا. نتذكر جيداً تحريض الرئيس التركي لهذه الجالية في ألمانيا خلال الحملات الانتخابية الوطنية التركية الأخيرة.
خارج أوروبا، هناك اسم واحد مهم بشكل خاص، وهو الداعية المصري يوسف القرضاوي، المنفي في قطر، والذي يبث خطبه من على منبر قناة “الجزيرة” التليفزيونية القطرية.
قطر، نعم غالباً قطر…
لذلك، فهناك شبكة دولية ومنظمة للإخوان المسلمين، لها حضور قوي في فرنسا.
اقرأ أيضاً: أصابع قطر والإخوان المسلمين تطبع الانتخابات البلدية في فرنسا
تنسيق التحرك
لقد تحدث وزير الداخلية جيرالد دارمانان، عن جماعة الإخوان المسلمين، معتبراً أن “شبكتهم خطيرة مثل السلفية”. كما أكدت جلسات مجلس الشيوخ أن “جماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى فرض آرائها من خلال الجمعيات، ومن خلال البحث عن الاعتراف من قِبل السلطات، ومن خلال الدخول في القوائم الانتخابية، كما أظهرت الانتخابات البلدية لعام 2020″، أنهم يسعون إلى زعزعة استقرار مجتمعنا، والحصول على حق التحكم في حياة أتباع العقيدة الإسلامية وعزلهم عن المجتمع، والنتيجة باتت واضحة.
بادئ ذي بدء، يجب أن يشجعنا وجود الحركة على المستوى الأوروبي على دمج شركائنا الأوروبيين في تفكير مشترك، بعد ذلك يمكن تنفيذ الإجراءات والتنسيق بين الأجهزة المختلفة.
أخيراً، إذا ظهر دور الهياكل المؤسسية القطرية مهماً في دعم “حركة الإخوان”، فإن الجهات الفاعلة الأخرى في منطقة الخليج تعمل في اتجاه معاكس تماماً. لقد أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة، ولسنوات، التزاماً ثابتاً ضد إيران والحركات الإسلامية المتطرفة.
دعونا نعرف أيضاً كيفية التبادل مع الشركاء الذين هم أنفسهم؛ جغرافياً وسياسياً، يخوضون هذه المعركة.
المصدر: لاتريبون