الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
كيف ينظر حزب الإصلاح إلى وجوده في تعز خصوصاً واليمن عموماً في ظل التغيرات الحالية؟

كيوبوست
أشاد رئيس المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح بمحافظة تعز غرب اليمن، عبدالحافظ الفقيه، بالتقارب الذي يجري في المحافظة بين مختلف الفصائل المؤثرة، واعتبره “خطوة مهمة في الطريق الصحيح، لوحدة الصف الجمهوري”، مشيراً إلى أمله في أن ينعكس ذلك إيجابياً في مواجهة المتمردين الحوثيين. يُشار إلى أن حزب الإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، هو أحد المكونات المؤثرة في محافظة تعز، ومع ذلك، فإن مواقف الحزب غير متسقة دائماً؛ بسبب الاختلافات الداخلية وتباين الاتجاهات، وأهمها الموقف من انخراط التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.
اقرأ أيضاً: إخوان اليمن يغدرون “رفاق السلاح” في مدينة تعز
من ناحية أخرى، تُعد محافظة تعز والمناطق المجاورة لها، مثل الحديدة، مناطق سُنية، ولطالما كانت على خلاف دائم -تاريخياً- مع سيطرة نُخبة شمال اليمن الزيدية (فرع من المذهب الشيعي). اليوم، ومع التغيرات الجذرية التي يشهدها اليمن، والكثير من السيناريوهات المتوقعة لمستقبل وحدة البلاد وشكلها السياسي، يبدو أن الفصائل السياسية المهيمنة، كحزب الإصلاح، تمهِّد لضمان موطئ قدم لها في المحافظة الأكثر تعداداً سكانياً من أية محافظة يمنية أخرى.
خطوط الانقسام الأساسية
لعب الاختلاف العقائدي دوراً لا يمكن غض الطرف عنه في استقرار اليمن. على سبيل المثال، كانت محافظة تعز جزءاً من شمال اليمن الملكي قبل ثورة 1962؛ لكنها قاومت نظام الحكم نتيجة مذهب أبنائها المغاير، فتعز كما هو معروف سُنية المذهب، بينما كان النظام الحاكم زيدياً. لطالما اشتكى أهالي تعز من المعاملة الدونية التي يُعاملون بها من قِبل النظام الملكي الحاكم آنذاك. ومع قيام الجمهورية اليمنية تحسنت الأوضاع في تعز في ضوء انحسار قوة النخبة الزيدية مقابل تمدد السُّنة؛ وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون.
ومن ثم تشير مواقف “الإصلاح” إلى رفضه نُخبة شمال اليمن الزيدية الحاكمة، وامتدادها الحالي في الحوثيين، يتضح ذلك في تصريحات حزب الإصلاح؛ ومنها اللقاء الأخير الذي أجراه رئيس المكتب التنفيذي للحزب في تعز، عبدالحافظ الفقيه، مع موقع “الإصلاح نت” الذي يعد الواجهة الرئيسية الناطقة باسم الحزب. فخلال اللقاء، وصف الفقيه الحوثيين بأنهم “لا عهد لهم ولا ميثاق”، ووصف مشروعهم بـ”السلالي العنصري المتخلف على تعز واليمن حاضراً ومستقبلاً”، مشيراً إلى أن الحوثيين منزعجون من تقارب أبناء تعز.

ودعا الفقيه قيادة التحالف العربي والحكومة اليمنية الشرعية، المعترف بها دولياً، إلى “دعم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لاستكمال تحرير المحافظة”. ومع ذلك، فإن موقف حزب الإصلاح عموماً من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات متباين، كما أن أبناء تعز أنفسهم لا يمكن اختزالهم في حزب سياسي واحد؛ إذ لطالما عبَّر أبناء المحافظة عن رفضهم حزب الإصلاح وتوجهاته الإسلامية السياسية، وانتقدوا علاقته بالتنظيم الدولي لحزب الإخوان المسلمين.
زيارة طارق صالح تكشف الكثير
أدت زيارة عضو مجلس الرئاسة اليمني العميد طارق صالح، إلى محافظة تعز، إلى دفع التباينات بين جماعة الإصلاح إلى السطح بشكل واضح؛ إذ اتخذ الحزب موقفاً ترحيبياً بالزيارة التي تأتي بعد سنوات طويلة من الخلاف، بينما اتخذ فصيل آخر من حزب الإصلاح موقفاً رافضاً ومعادياً.
اقرأ أيضاً: هل من توجه نحو حل حزب الإصلاح في اليمن؟
وخلال زيارته إلى تعز، في مارس الماضي، أكد طارق صالح أن “المعركة مع ميليشيا الحوثي هي معركة وجودية ضد الجهل والفقر والمرض والتخلف، وأن معركتنا وجودية وفكرية وتاريخية ومعركة حضارة ومعركة عقيدة”. وتعليقاً على الزيارة، قال رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح في تعز أحمد عبدالملك المقرمي، “نحن نعول على مثل هذه الزيارات في وحدة الصف واتحاد الكلمة”.
لكن زيارة صالح لم تكن مُرحباً بها من قِبل فصيل آخر من حزب الإصلاح؛ حيث وصفت توكل كرمان العميد صالح بأنه “مدرب القناصة ومرتكب المجازر بحق المدنيين”، داعيةً إلى محاكمته، كما وصفت قناتها التليفزيونية، “بلقيس”، الزيارة بأنها تثير “التوجسات والتململات”، ووصفت مناطق سيطرة صالح في أجزاء من تعز بأنها “دولة طارق صالح”.
يأتي الموقف المغاير لفصيل حزب الإصلاح في ما يتعلق بطارق صالح من دوره في تمكين الحوثيين من صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن من خلال التحالف معهم، وذلك في ما كان يُعرف بتحالف قوات صالح والحوثيين، والتي تعني القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي صالح، وإلى جانبه ابن أخيه طارق صالح، والحوثيون.

يُوصف طارق صالح بأنه “رأس حربة الحوثيين” في الحرب على تعز وقتل أبنائها. ولقد كشفت زيارة صالح إلى تعز الكثير عن تفكك المجتمع، واختلاف المواقف تجاه الشرعية والمجلس الرئاسي، والرؤى في ما يتعلق بمواجهة الحوثيين والتحالفات الداخلية والخارجية.
يُذكر أن طارق صالح كان قد تخلى عن تحالفه مع الحوثيين بعد مقتل عمه الرئيس السابق، علي صالح، وانضم إلى صف الحكومة الشرعية والتحالف العربي. ومع ذلك، لا تقتصر مخاوف معارضيه على موقفه المثير للجدل فحسب؛ بل أيضاً احتمالية أن يتولى سيطرة المناطق السُّنية من شمال اليمن في أي ترتيب محتمل مستقبلاً.
محاولات لضمان مستقبل ما
عادةً ما يُشار إلى محافظة تعز بأنها أحد آخر المعاقل القليلة الباقية لحزب الإصلاح في اليمن. وعلى الرغم من تأثير الحزب على المحافظة؛ فإنه لا يحظى بحاضنة جامعة. إن تراجع حزب الإصلاح بشكل عام في اليمن يدفعه إلى التمسُّك بشدة بما تحت يديه، ومواءمة الاستراتيجيات من أجل البقاء مع التغيرات الجارية والمتوقعة.
اقرأ أيضاً: تعز تنتفض ضد ميليشيا حزب الإصلاح
تميل الكثير من التوقعات إلى أن اليمن ما بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014 لن يكون كما قبله أبداً؛ إذ توجد تصورات مختلفة لمستقبل الدولة السياسي؛ منها إعادة تقسيم البلاد وتوحيدها فيدرالياً أو كونفيدرالياً، أو حتى منح الاستقلال الكامل لجنوب اليمن؛ وذلك لضمان حصول المتنافسين المختلفين عقائدياً وتاريخياً على سلطات أوسع في الحكم.
في أسوأ الأحوال، كما يدعو حزب الإصلاح وآخرون، يجب تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذي يقترح يمناً فيدرالياً من ستة أقاليم. اليوم، يشعر حزب الإصلاح عموماً، بفصائله المختلفة، بأنه لا يجب أن يخرج من مقاومته للنظام الحاكم -خلال ثورة الشباب- خالي الوفاض؛ فعلى الأقل يجب أن يكون له نصيب وافر للهيمنة في مستقبل اليمن، أياً كان شكله السياسي.
لكن يبدو أن حزب الإصلاح -وفي نفس الوقت الذي يدعو فيه إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني- لا يعتقد أن سحب البساط من تحت المتمردين الحوثيين ممكن، وأن الواقع يفرض وضعاً يكون فيه الحوثي حاكماً بحكم الأمر الواقع في مناطق سيطرته، وليس شريكاً في دولة يمنية اتحادية واحدة. ويمكن الاستدلال على ذلك الاستنتاج من خلال لقاء عبدالحافظ الفقيه، والذي أكد أن السلام مع الحوثي مرهون بالتزامه بالمرجعيات الثلاث؛ أي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية، وإنهاء الانقلاب وتسليم السلاح للدولة؛ فهل الحوثي مستعد لذلك؟ تساءلَ الفقيه؛ في تلميح إلى استحالة ذلك!