الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجيةشؤون دولية

كيف يمكن لإيران والمملكة العربية السعودية إحلال السلام في الشرق الأوسط معاً؟

تلخيص: كيوبوست

ولي نصر وماريا فانتابي

لا يمكن إنكار التحول في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط؛ فلم تعد المنطقة أولوية قصوى بالنسبة إلى الولايات المتحدة. يتضح هذا التحول الأوسع في انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، في خروج القوات الأمريكية من أفغانستان، وتخفيض الالتزامات العسكرية الأمريكية في العراق والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية، في مقابل تركيز الولايات المتحدة المتزايد على الصين وروسيا.

هناك أسباب وجيهة لهذا التحول؛ لا سيما بالنظر إلى التاريخ الحديث المؤسف لتدخل الولايات المتحدة في المنطقة، لكن الانسحاب من الممكن أن يتسبب في تصاعد التهديدات الإقليمية. على سبيل المثال، ترتب على رحيل الجيش الأمريكي المتسرع من العراق في عام 2011 في تمهيدِ الطريق لصعود تنظيم داعش، وتزايد نفوذ إيران الإقليمي. ولتجنب حدوث ضرر مماثل هذه المرة، يجب على واشنطن أن تجد طريقة للجمع بين التخفيضات في الالتزامات العسكرية، والمكاسب في الاستقرار الإقليمي.

مقاتلون من “داعش” في سوريا.. 2014.. “رويترز”

من أجل تجنُّبِ حدوث أضرار مماثلة هذه المرة، يجب على واشنطن أن تجد طريقة للجمع بين خفض الالتزامات العسكرية وتحقيق الاستقرار الإقليمي. وتكمن إحدى أفضل الفرص لتحقيق تلك المكاسب في المحادثات الناشئة بين الخصمَين الأكثر أهمية في المنطقة؛ وهما: إيران والمملكة العربية السعودية.

دخل الصراع في الشرق الأوسط مرحلة جديدة خطيرة؛ فإيران وإسرائيل تخوضان حربَ ظلٍّ تضم الهجمات الإلكترونية والاغتيالات. من جانبٍ آخر، تدعم روسيا وتركيا الميليشيات في ليبيا وسوريا (وكذلك في القوقاز). بينما تمكنت “حماس” والحوثيون من امتلاك تقنيات الصواريخ. وحققت تركيا وإيران قفزاتٍ لافتة في قدرات حرب الطائرات دون طيار؛ مما أدى إلى تغييرٍ جذري في ميزان القوة العسكري.

مقاتلون حوثيون- وكالات

يمكن اعتبار أن التنافس الأكثر خطورة في المنطقة هو التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية. لقد تصاعدتِ المنافسة طويلة الأمد أولاً مع بداية حرب العراق في عام 2003، ثم مع اندلاع الحروب الأهلية في سوريا واليمن والاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. وصلت التوترات إلى نقطةٍ خطيرة بشكل خاص في عام 2019، عندما شنَّت إيران هجوماً عسكرياً متطوراً على منشآت النفط السعودية.

اقرأ أيضًا: بصمات إيران تقف خلف استهداف منشآت النفط في السعودية

على الرغم من كل هذا؛ التقى مسؤولون عسكريون ومن الاستخبارات من البلدَين في بغداد، في أبريل الماضي؛ حيث استفاد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، من علاقاته مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، من جانب، وطهران من جانب آخر، وتمكن من جمع الجانبَين. تَلَت ذلك تصريحات للأمير محمد بن سلمان، حملت نبرة تصالحية نادرة، قائلاً إنه يريد “علاقات جيدة” مع إيران، معرباً عن انفتاحه على الحوار مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (يمين) ورئيس الوزراء العراقي الكاظمي في الدرعية قرب الرياض- وكالات

وأبدى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية تفاؤلاً مماثلاً بشأن انفراجٍ، وتوقعت الصحافة الإيرانية استئنافاً وشيكاً للعلاقات الدبلوماسية. ومنذ أبريل، عُقدت اجتماعات إضافية تحت إشراف مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى من كلا الجانبَين؛ بما في ذلك قائد فيلق القدس الإيراني.

على الرغم من أن واشنطن ليست على طاولة المفاوضات؛ فإنها تستطيع تقديم دعم قوي للمفاوضات بين الجانبَين من خلال دعم السعودية، وتقديم الضمانات الكافية لإشعارها بالطمأنينة؛ وذلك بهدف ضمان ألا يؤدي تقليص الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط إلى كارثة.

السؤال إذن: هل من الممكن أن تلتزم المملكة العربية السعودية بإجراء محادثاتٍ مع إيران؟ قد تستخدم الرياض الحوار لتقديم نفسها كلاعبٍ إقليمي فعال؛ لكن يمكن القول إن لدى الرياض سبباً وجيهاً للحوار؛ فالسعودية تريد إنهاء الحرب في اليمن، وهذا يتطلب من طهران الضغط على الحوثيين لوقف هجومهم والدخول في مفاوضات جادة. على المدى الطويل، لم يعد بإمكان المملكة الاعتماد على الدعم الأمريكي فقط.

اقرأ أيضًا: هل هناك حل لمعضلة اليمن؟

المحادثات الناجحة تصب في مصلحة إيران أيضاً؛ حيث تود أن تنهي المملكة العربية السعودية دعمها للقوات الانفصالية العرقية في إيران، وكذلك دعم وسائل الإعلام في المنفى التي تشجع على تغيير النظام. بعد الإعلان عن الاتفاق النووي لعام 2015، قللت إيران من قدرة خصومها على تقويض الاتفاق. هذه المرة، ترى أن المشاركة الإقليمية ضرورية للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن والحفاظ عليه.

من آثار الحرب في اليمن- وكالات

ركزتِ المحادثات حتى الآن على القضايا الأمنية الضيقة؛ خصوصاً في اليمن، وفي نهاية المطاف، تريد إيران والمملكة العربية السعودية مصالح مختلفة من المحادثات. تأمل طهران في أن يؤدي ذلك إلى تطبيع العلاقات الإيرانية- السعودية، بينما تريد الرياض معالجة مخاوفها الأمنية؛ على وجه التحديد حل في اليمن، ووضع حد للهجمات عبر الحدود.

يمكن لواشنطن أن تساعد في تعزيز الثقة السعودية، وبالتالي تشجيع إحراز تقدم حقيقي في المحادثات، من خلال تزويد الرياض بضمانٍ واضح بأنها ستدافع عن المملكة في مواجهة هجومٍ إيراني مباشر. يمكن للولايات المتحدة أيضاً المساعدة من خلال التأكيد لإيران أنه على عكس الانسحاب الأمريكي غير المشروط من أفغانستان، فإن تخفيض القوات سيعتمد على اتفاقية أمنية مستدامة بين إيران وجيرانها العرب.

المصدر: فورين أفيرز

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة