الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كيف يمكن كسر حصار البحر الأسود دون تدخل الناتو؟

كيوبوست- ترجمات
برايان كلارك♦
منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حرصت إدارة بايدن والحكومات الغربية على إبقاء الحرب في حدود أوكرانيا والبحر الأحمر، واقتصرت الأسلحة التي قدمتها هذه الحكومات لأوكرانيا على الأسلحة التي لا يمكن أن تشكل تهديداً للأراضي الروسية. ولكن هذا النهج كان من شأنه إطالة أمد الصراع وإدخال الجيش الأوكراني في حرب استنزاف طويلة. كما أن هذه السياسة الغربية سمحت لروسيا بمحاصرة السفن الأوكرانية، واحتجاز نحو 25 مليون طن من الحبوب في الصوامع الأوكرانية؛ مما يهدد بكارثة اقتصادية وإنسانية عالمية.
هذا ما كتبه برايان كلارك في مطلع مقال نشره موقع “فورين بوليسي”؛ يبحث في سبل كسر الحصار الذي تفرضه القوات الروسية على تصدير المحاصيل الأوكرانية، الأمر الذي يهدد بانهيار الأمن الغذائي لأكثر من 40 مليون شخص حول العالم، ويتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود. ولا شك في أن إدارة بايدن تدرك هذه المخاطر؛ لكنَّ واشنطن وشركاءها في حلف الناتو غير مستعدين لاتخاذ خطوة ملموسة واحدة من شأنها كسر حصار البحر الأسود وتحرير الصادرات الأوكرانية ومنع وقوع كارثة في الدول الفقيرة.
اقرأ أيضاً: كارثة نقص الغذاء القادمة
تمكنت أوكرانيا منذ بداية الحرب من إلحاق أضرار كبيرة بالقوات البحرية الروسية باستخدام صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة التركية وصواريخ نبتون وغروم؛ أوكرانية الصنع. وفي الأسبوع الماضي، استخدم الجيش الأوكراني المدفعية التي قدمتها دول غربية في إبعاد الروس عن جزيرة الأفعى. وأصبح بإمكان الأوكرانيين نصب صواريخهم أو صواريخ هاربون المضادة للسفن التي قدمتها الدنمارك لتهديد أسطول البحر الأحمر وحماية الجزيرة من أن تقع في أيدي الروس مرة أخرى.
وعلى الرغم من ذلك؛ فإن الصواريخ الأوكرانية لن تكون قادرةً على أن تغطي أكثر من ثلث رحلة السفن الأوكرانية من ميناء أوديسا إلى مضيق البوسفور، وسوف تحتاج أوكرانيا إلى صواريخ ذات مدى أبعد لحماية سفن الشحن الخاصة بها من هجمات أسطول البحر الأسود الروسي. اقترح البعض مرافقة قطع من البحرية الأمريكية أو من دول الناتو للسفن التجارية الأوكرانية؛ ولكن الرئيس بايدن رفض هذا الخيار لخشيته من أن يتسبب في مواجهة مباشرة مع روسيا. ولعلمه أنه قد يسبب شرخاً بين دول الناتو التي يعارض بعضها التصعيد مثل ألمانيا، ولأن تركيا من غير المرجح أنها ستسمح بمرور السفن الحربية الغربية من مضيق البوسفور.

يشير كاتب المقال إلى طريقة أخرى أكثر حكمة لكسر الحصار؛ فبدلاً من تحدي الناتو للأسطول الروسي في البحر الأسود يمكن لواشنطن تزويد كييف بطائرات مسيرة بعيدة المدى، الأمر الذي لن يشكل خرقاً لنهج الولايات المتحدة في تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا. في الواقع يمكن لطائرات “غراي إيغل” التي باستطاعتها أن تحلق لمدة 24 ساعة وأن تحمل صواريخ “هيل فاير القوية”، أن ترافق السفن الأوكرانية، كما يمكن لطائرات “بوسيدون” الأمريكية التي تعمل من رومانيا أن تحدد مواقع الغواصات الروسية وتمرير المعلومات إلى القوات الأوكرانية كي تقوم باستهدافها باستخدام طائرات “غراي إيغل” التي تحمل قنابل موجهة؛ ولكن لسوء الحظ منعت إدارة بايدن بيع هذه الطائرات إلى أوكرانيا بعد أن أثار المسؤولون في إدارة أمن تكنولوجيا الدفاع مخاوف بشأن احتمال وقوع هذه الطائرة أو مكوناتها الإلكترونية في أيدي الروس.
أما على الجبهة الشرقية والجنوبية، فيمكن لطائرات “غراي إيغل” إلى جانب الدفاعات الجوية والصواريخ التي تم تسليمها مؤخراً للجيش الأوكراني أن تهاجم مستودعات الذخيرة ومواقع القيادة الروسية خلف خطوط العدو. ومع أن الدفاعات الجوية الروسية يمكنها إسقاط طائرات “غراي إيغل” في أجواء المعارك المركزة مثل دونباس؛ ولكن ذلك سيكون أمراً صعباً في المساحات الشاسعة فوق جنوب أوكرانيا أو فوق البحر الأسود.
اقرأ أيضاً: ندوة “عين أوروبية على التطرف” بشأن التداعيات العالمية لغزو روسيا لأوكرانيا
ثم يخلص الكاتب إلى أنه لا بد لواشنطن أن تعيد النظر في مقاربتها للحرب؛ فالحاجة إلى منع وقوع كارثة إنسانية عالمية من خلال الحفاظ على حرية الملاحة في البحر الأسود، تفوق كثيراً خطر أن تضع روسيا يدها على هذه التقنيات الأمريكية. والرئيس الروسي يعمل على تعزيز نفوذه على الأرض من خلال خنق أوكرانيا في البحر؛ بفضل قوته النارية الهائلة في حرب تهيمن عليها الأسلحة قصيرة المدى. لقد حان الوقت لتحطيم روسيا على الجبهتَين. وبقدر ما ترغب إدارة بايدن في احتواء الحرب من خلال حجب الأسلحة الأفضل عن أوكرانيا، فإن المخاطر أصبحت عالمية. لقد ناشدت أوكرانيا الغرب منذ بداية الحرب؛ من أجل مساعدتها لكسب المعركة، والآن أصبح العالم كله يناشد.
♦زميل أول ومدير مركز مفاهيم وتكنولوجيا الدفاع في معهد هدسون.
المصدر: فورين بوليسي