الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
كيف يشكل توحيد الجيش الليبي خطراً على الإخوان؟

كيوبوست
تعيش جماعات الإسلام السياسي؛ وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية في عدد من الدول العربية، حالة ترقُّب وتخوُّف من توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وإخراج المرتزقة وسحب سلاح الميليشيات التابعة لهذه الجماعات، رغم الصعوبات والعراقيل التي تواجه توحيد المؤسسة التي يُنظر إليها كضامنة لاستقرار ليبيا.
وأعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بقيادة رئيس الأركان العامة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد، ونظيره عبدالرزاق الناظوري ممثلاً عن المنطقة الشرقية، في بيان، عقب اجتماعاتها للمرة الأولى بطرابلس، ضرورة تسمية رئيس أركان موحد للجيش الوطني.
اقرأ أيضًا: الجنس مقابل الغذاء.. معاناة اللاجئات الإفريقيات في ليبيا
وأكد البيان المشترك أن الفريقَين قررا تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة ملف المحتجزين والمفقودين من الطرفين، وتفعيل القوة المشتركة التي اتفق عليها سابقاً في اتفاق وقف إطلاق النار في أبريل 2019.
بيان اللجنة جاء بعد لقاء رئيسَي أركان الشرق والغرب في العاصمة الليبية؛ حيث التقى رئيس أركان القوات المسلحة العربية الليبية مع رئيس الأركان الموازي في الغرب الليبي، في قاعدة معيتيقة الجوية.

وتضمنت أجندة اللقاء توحيد المؤسسة العسكرية، وتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب؛ استمراراً للتنسيق العسكري بين الفريقَين.
وتعيش ليبيا أوضاعاً أمنية وسياسية صعبة للغاية؛ خصوصاً في المنطقة الغربية، حيث تسيطر الميليشيات المسلحة على العاصمة طرابلس، وتستخدم من حين لآخر الأسلحة الثقيلة والمتوسطة؛ لتصفية الخلافات في ما بينها، ما ينشر الرعب، ويُسفر عنه سقوط قتلى من المدنيين.
اقرأ أيضًا: انقسام إخوان ليبيا.. خلاف حقيقي أم مناورة للتمويه؟
توحيد القوات أم توحيد القيادة؟
يرى الكاتب الصحفي الليبي عبدالحكيم معتوق، أن هناك لبساً في مسألة توحيد المؤسسة العسكرية؛ فالجيش مؤسسة واحدة، والجنود والضباط تخرجوا في كليات ومعاهد وطنية على مدى 4 عقود، وكان هناك تنظيم واحد وانضباط عسكري، ومكونات الجيش ترتبط بوشائج من الود والزمالة؛ ولكن هناك محاولات لضم كل المسلحين تحت مظلة الجيش، وهذا يتعارض مع الضوابط والأعراف العسكرية.
وقال معتوق، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، إن الساسة الفاسدين في السابق فتحوا الباب لكي يصبح قادة المجموعات المسلحة تحت مظلة المؤسسة العسكرية، وهم غير مدربين، وغير مؤهلين للقيادة، لافتاً إلى أن المشكلة الأساسية ليست توحيد القوات؛ ولكن توحيد القيادة، في ظل رفض جماعات الإسلام السياسي وجود المشير خليفة حفتر، على رأس الجيش.

وأضاف الكاتب الصحفي أن حفتر حاول دخول العاصمة طرابلس بالقوة المسلحة؛ لكن جماعات الإسلام السياسي قامت بمواجهته، محذراً من أنهم لن يقبلوا أية تسوية يكون حفتر طرفاً فيها، حتى لو لجأ إلى الحل العسكري مرة أخرى، فقد لجؤوا هم أنفسهم سابقاً إلى الاستعانة بالأتراك، مبررين ذلك بأن الجيش يستعين بمرتزقة أجانب.
وأكد معتوق أن الأمر شديد التعقيد، وطالما هناك خلاف بنيوي حول مَن يقود المؤسسة العسكرية؛ فالوضع سيبقى على ما هو عليه، وسوف تبقى القوات التركية في البلاد كقاعدة من قواعد حلف الناتو، استناداً إلى الاتفاق الذي وقعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج.

وأشار إلى أن المجموعات المسلحة تمتلك المال والخبرة والدعم الخارجي، وإذا أردنا الذهاب نحو تسوية وإجراء مصالحة وطنية فلا بد من الحوار مع قادة هذه المجموعات المسلحة التي ما زالت تؤمن أنها حامية الثورة، وتتحكم في القرار السياسي بحكم الأمر الواقع، وتهيمن على البنك المركزي ومصادر النفط.
اقرأ أيضًا: “إخوان ليبيا”.. واستغلال الدين لتحقيق التمكين!
واستطرد معتوق: كلما تأخرنا في إيجاد تسوية، ازداد الموقف تأزماً. وكلما اختلفوا، أهدروا المال العام ونُشبت الخلافات بينهم، فيسقط الأبرياء، كما نرى من فترة لأخرى، وهؤلاء لن يقبلوا بانتخابات، ولن يسمحوا بإقالة الرموز السياسية التي تتحالف معهم، ولن تذهب ليبيا إلى حل قريب دون حوار شامل برعاية عربية يفضي إلى مصالحة وطنية.

من ناحيته، قال المحلل السياسي الليبي الدكتور عز الدين غميض، إن توحيد الجيش والأجهزة الأمنية والشرطية طموح كل جندي على تراب الوطن؛ لأنه ضمانة الاستقرار والأمن، وتقليل فرص التصادم والحروب، وإبعاد شبح الانقسام وانهيار الدولة، مؤكداً أن الجيش والشرطة عصب الدولة، والولاء فيهما لله والوطن، وبهما تقوم الدولة بطرق شرعية سليمة وتستقر الأوضاع السياسية من خلالهما.
اقرأ أيضًا: ليبيا.. المشري يتراجع عن تأييد باشاغا خشية خسارة الإسلاميين
وأضاف غميض، في حديثه إلى “كيوبوست”: ليس الإخوان فقط هم مَن يعرقل قيام المؤسسات الأمنية والجيش؛ ولكن هناك تيارات أخرى تود القفز على السلطة، وهناك مافيا التهريب وتجار البشر، وأصحاب الجرائم وأمراء الحرب، الذين يخافون من طائلة القانون وقيام الدولة.

وتابع المحلل السياسي الليبي بأن المراقبين والمحللين الدوليين يكادون يجزمون بعدم توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا؛ لأنها بُنيت على أشخاص لهم ولاءات استخدموا الجيش في تصفية الحسابات الشخصية، والتصادم بين وحدات الجيش في ما بينها، مؤكداً أنه رغم صعوبة الأمر؛ فإنه حال توحيد القوات الليبية ستذوب كل التشكيلات المسلحة، وينتهي دورها.
وأوضح غميض أن ملف المرتزقة بسيط مقارنةً بالمجموعات المسلحة التي تشكلت من المواطنين، وفي حال التسوية سيعود المرتزقة من حيث جاؤوا؛ مَن كان باتفاق مع الدولة سينتهي بقرار من الدولة، ومَن جلبهم التجار وأمراء الحرب سيرحلون فوراً، لأن مَن يدفع لهم سيرحل أيضاً.
اقرأ أيضًا: ليبيا تتحرك لتجفيف أبواق الإسلاميين الإلكترونية
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن المشوار لا يزال طويلاً؛ لأن كل المعطيات تقول إنه لن يكون هناك جيش حقيقي في ليبيا ما لم تختفِ كل وجوه الساسة والعسكر الذين أساؤوا وأجرموا في حق مؤسساتهم وبلدهم.