اسرائيلياتترجمات
كيف يرى الإسرائيليون سيناريوهات ما بعد الحرب في سوريا؟
انعدام الحسم العسكري في سوريا من مصلحة إسرائيل الاستراتيجية

خاص كيو بوست –
يبدو أن من مصلحة إسرائيل الاستراتيجية استمرار الحرب السورية دون حسم عسكري لصالح أحد الأطراف، بحسب ما ذكر مجموعة من المعلقين والصحفيين الإسرائيليين عبر وسائل إعلام مختلفة خلال الفترة الأخيرة. وتنطلق هذه الآراء من فكرة مفادها أنه كلما استمرت الاشتباكات بين النظام السوري وحلفائه من جهة، وقوى المعارضة السورية من جهة أخرى، كلما أدى ذلك إلى استنزاف القوى السورية بمختلف توجّهاتها، ما يعني التقليل من إمكانية قيام إحدى هذه الجهات بمهاجمة إسرائيل خلال السنوات القادمة، واستحالتها على المدى القريب.

عاموس هرئيل أحد أبرز المعلقين الإسرائيليين المتخصصين في الشؤون العسكرية قال في صحيفة هآرتس العبرية إن القادة الإسرائيليين مرتاحون جدًا لاستمرار الصراع في سوريا وغياب الحسم لأحد الأطراف على اعتبار أن ما يحدث يشكل أفضل السيناريوهات بالنسبة لإسرائيل بسبب استنزاف الجيش السوري الذي كان يشكل أكبر قوة عسكرية محيطة يمكن أن تشكل تهديدًا حقيقيًا واستراتيجيًا ضد إسرائيل.
وأضاف هرئيل أن القيادة السياسية في إسرائيل معنية باستمرار الصراع في سوريا، بهدف تصفية القوة الفعلية لهذا الجيش، وتحييد إمكانية قيامه بأي فعل عسكري ضد إسرائيل مستقبلًا. في المقابل، يوضح الكاتب أن إمكانية سيطرة التنظيمات الجهادية على سوريا يعتبر كابوسًا بالنسبة لإسرائيل على اعتبار أن سلوك هذه التنظيمات لا يمكن توقعه، وأن الحلول العسكرية ضدها قد لا تكون مجدية.
ويشير هرئيل إلى أن الضربات العسكرية الأمريكية على هذه التنظيمات في سوريا من شأنها أن تخدم مصالح إسرائيل على المدى البعيد، لأنها تعمل على تأجيل الحسم العسكري للصراع، في الوقت الذي تحافظ فيه قوات الأسد على المناطق التي تسيطر عليها بفعل تلقي التنظيمات الجهادية الضربات الأمريكية، أي بكلمات أخرى، إن استمرار الولايات المتحدة بمنع تقدم التنظيمات الجهادية من شأنه أن يزيد من إمكانية سيطرة الأسد على المناطق التي يستولي عليها من يد التنظيمات، وبالتالي استدامة الصراع مع قوات المعارضة ومع التنظيمات المتطرفة.
بقاء الأسد مصلحة استراتيجية لإسرائيل

يرى الصحافي الإسرائيلي جاكي حوكي أن من مصلحة إسرائيل بقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، حتى لو كان ذلك بدعم من حزب الله وإيران. ويبرر حوكي ذلك قائلًا إن القيادات الشيعية العلوية هي قيادات برغماتية لا تتحرك من دوافع أصولية دينية متشددة، كما هو الحال مع الجماعات السنية المتطرفة، وأنه بالرغم من اعتبار النظام السوري إسرائيل عدوًا دائمًا له، إلا أنه حافظ على هدوء جبهة الجولان لفترات طويلة، حتى حين قامت إسرائيل بتوجيه ضربات جوية لأهداف استراتيجية داخل سوريا خلال السنوات الماضية. ويرى حوكي أنه في حال غياب الأسد، فإنه لا يمكن أن يكون هناك بديل علماني ليبرالي، وأن الجماعات الجهادية ستملأ الفراغ في السلطة بشكل غير منضبط ودون معرفة مركز القيادة داخل هذه الجماعات، ما سيصعب عملية ممارسة الضغوطات عليها من أي جهة.

الجنرال المتقاعد ووزير الإسكان السابق إيفي إيتام، يوافق حوكي الرأي، ويوضح وجهة نظره قائلًا عبر الإذاعة الإسرائيلية إن نظام بشار الأسد هو أفضل صيغة حكم من وجهة نظر إسرائيل لأنه أفضل من كل الاحتمالات الأخرى. ويؤمن إيتام الذي يسكن في مستوطنة “كاتسرين” التي أقيمت بعد العام 1967 على أراضي الجولان المحتلة بأن سوريا ليست جادة جدًا فيما يتعلق بمطالباتها باستعادة السيطرة على هضبة الجولان، الأمر الذي يعتبره مقدمة لقلقه من سقوط نظام بشار الأسد. أما التفسير الذي يقدمه الجنرال المتقاعد فهو أن شرعية النظام السوري تقوم بالأساس بالاستناد إلى تأييد العلويين، لذلك فهو معني دائمًا بوجود صراع شكلي دائم مع إسرائيل من أجل ضمان بقائه وشرعية وجوده.
سقوط النظام من مصلحة إسرائيل أيضًا
على الطرف الآخر من المعادلة، يرى بعض الإسرائيليين أن سقوط النظام السوري سيكون من مصلحة الإسرائيليين أيضًا، لأن أي نظام جديد سيخلف النظام الحالي سيضطر إلى بذل كثير من الجهود وإلى قضاء وقت طويل حتى يستعيد بناء المؤسسات التي شلتها الحرب بما فيها المؤسسة العسكرية، ومؤسسات الدولة الكبرى. ومن هنا، كلما ازداد الخراب الذي تحدثه الحرب، كلما تطلب ذلك استغراق وقت أطول في استعادة عافية الدولة السورية، وبالتالي تأجيل إمكانية استهداف إسرائيل بأي شكل من الأشكال إلى مدى أبعد.

ولا يقتصر هذا الاعتقاد على بعض المحللين السياسيين والعسكريين في إسرائيل، بل يمتد ليصل إلى ساسة كبار في الدولة، مثل موشيه يعلون وزير الحرب السابق، وحتى رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو، الذي برر موقفه قائلًا: إذا تقاتل عدواك فعليك أن تنتظر حتى يضعف أحدهما الآخر.
إن هذه الرؤية تقوم بالأساس على افتراض مفاده أن سقوط النظام السوري يعني منع تعزيز قدرات حزب الله، ومنع تعزيز قدرات إيران في المنطقة، اللتين تشكّلان خطرًا محتملًا على الجبهة الشمالية لإسرائيل. ورغم أن حزب الله وإيران، لم يقوما خلال السنوات الماضية بأي فعل عسكري حقيقي يهدد إسرائيل، إلا أن الخطر يظل محتملًا، وهو التبرير الذي يقدمه أصحاب هذا الرأي.
من بين هؤلاء، المحلل الإسرائيلي يهودا دروري الذي يرى أن سقوط الأسد سيعني قيام فوضى جديدة داخل سوريا تتمثل في ارتكاب مجازر من السنة ضد العلويين، وقطع للعلاقة مع إيران، واندلاع حرب أهلية في لبنان، الأمر الذي يعني إضعافها بالكامل وإضعاف الجبهة الشمالية لإسرائيل بشكل مطلق.
