الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةملفات مميزة

كيف وصلت الدبابات الأمريكية إلى الميليشيات الإيرانية في العراق؟

يبدو أن التقرير الأمريكي الجديد حول القضية عقّد الأمور أكثر!

كيو بوست – 

انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصورًا لأجهزة ومعدات عسكرية أمريكية في قبضة مجموعات مدعومة من إيران داخل العراق، دون أن تكون الولايات المتحدة قد سلمتها لهم في أي وقت من الأوقات.

ويدور الحديث عن مدرعات من طراز إم1 بأشكالها المختلفة، بما فيها دبابة إم1 أبرامز المدرعة، وعربة نقل المشاة إم113، إضافة إلى معدات عسكرية أخرى. وتعتبر هذه المدرعات من دبابات القتال الأمريكية الرئيسة، المصممة لغرض الدخول في حروب المدرعات الحديثة.

وبدون توفر معلومات وافية، تبين أن مجموعة من تلك الدبابات وصلت إلى أيدي ميليشيات عراقية محسوبة على إيران تتبع كلها لكتائب الحشد الشعبي، فكيف وصلت هذه الدبابات إلى تلك الميليشيات المدعومة من إيران؟

 

بداية القصة

بداية عام 2015، انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر أن كتائب حزب الله العراق –المصنفة كإرهابية من الولايات المتحدة- قد رفعت أعلام الكتائب على دبابات أمريكية الصنع من طراز أبرامز. كما نشرت الكتائب مقطعي فيديو يظهران استخدام مقاتليها لمدرعات من صناعة أمريكية من طراز إم113 لنقل المشاة، أثناء سير المعارك ضد تنظيم الدولة في مدينة الأنبار العراقية.

لاحقًا، في شهر آذار 2016، أظهر مقطع فيديو آخر مشاهد لعمليات نقل دبابات من طراز أبرامز الأمريكية من مكان لآخر. ويظهر في الفيديو عملية نقل إحدى تلك الدبابات، على متن شاحنة، خلال انتقال مجموعة كبيرة من الوحدات العسكرية من مكان لآخر، فيما يظهر علم حزب الله العراق بارزًا في الفيديو على الدبابة الأمريكية. ويتوقع أن تلك القوات كانت متوجهة لدعم القوات العراقية التي كانت تحارب تنظيم داعش في مدينة سامراء.

 

من ناحية ثانية، نشرت منظمة بدر –الشيعية المدعومة من إيران- صورًا لدبابة أبرامز في حوزة قواتها، إضافة إلى صواريخ US AT-4 المضادة للدبابات، بالقرب من منطقة الصقلاوية في الأنبار في عام 2015 أيضًا.

وبالطريقة ذاتها، ظهرت، عام 2016،  صور لكتائب سيد الشهداء -العاملة في العراق وسوريا، المقربة من فيلق الحرس الثوري الإيراني- تظهر دبابة إم1 أبرامز في محافظة صلاح الدين.

 

وكانت القوات العراقية الحكومية قد اعتمدت بشكل كبير على قوات الحشد الشعبي، المدعومة من إيران، من أجل تحرير المدن العراقية من تنظيم داعش، بما فيها الموصل والرمادي والفلوجة وتكريت وبيجي والحويجة والقائم، كما كان للحشد الشعبي دور في مقاتلة القوات الكردية في كركوك. وتعد كتائب حزب الله العراق وكتائب سيد الشهداء ومنظمة بدر أبرز المنظمات المنضوية تحت مظلة قوات الحشد الشعبي.

وبشكل عام، تعتبر قيادات الحشد الشعبي مجرد وكلاء لإيران في العراق. وقد جرى تصنيف قائد العمليات في الحشد الشعبي، القائد السابق لمنظمة بدر، أبو مهدي المهندس، كإرهابي من قبل الولايات المتحدة، منذ تموز 2009. وقد وصفت الولايات المتحدة المهندس بأنه مستشار قاسم سليماني، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي – فيلق القدس.

كما يعتبر الرئيس الحالي لمنظمة بدر، أحد قادة الحشد البارزين، هادي العميري مقربًا كبيرًا من إيران منذ عقود.

لكل هذه الأسباب، أثار ظهور المدرعات الأمريكية في صفوف تلك القوات جدلًا واسعًا في أوساط المراقبين والمحللين السياسيين، خصوصًا أن تلك المجموعات تعتبر بشكل عام منظمات إرهابية محسوبة على إيران.

ومنذ بدء قتال تنظيم داعش، أصبحت قوات الحشد الشعبي فرعًا مهمًا من فروع الجهاز الأمني الحكومي العراقي. وقد أعلن رئيس الوزراء في تموز 2016، أن الحكومة ضمت رسميًا الحشد كأحد التشكيلات العسكرية المستقلة التابعة لها. لكن مراقبين يقولون إن الحشد هو منظمة أمنية موازية للحكومة، مقربة بشكل كبير من الحرس الثوري الإيراني.

وقد أشاد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي بخطوة رئيس الوزراء معتبرًا أنها “ظاهرة مهمة ومباركة”، فيما قال جنرالات إيرانيون إن الحشد الشعبي هو امتداد لخطة إيران لـ”تصدير الثورة”.

 

احتمالات

نشر مكتب المفتش العام الأمريكي، في 12/2/2018، تقريرًا يعترف فيه بسقوط مجموعة من الدبابات الأمريكية في أيدي ميليشيات مدعومة من إيران داخل العراق. وقد ذكر التقرير أن: “مجموعة من المعدات العسكرية المرسلة ضمن مهمات إلى العراق، بما فيها 9 دبابات من طراز إم1 أبرامز، سقطت في يد ميليشيات مدعومة من إيران، كانت قد قاتلت ضد تنظيم الدولة الإسلامية داعش”. وقد ذكر التقرير أيضًا أن وزارة الخارجية الأمريكية طلبت من الحكومة العراقية استرجاع المدرعات، لكن هذا لم يحصل.

حتى الآن، لا توجد معلومات تفصيلية واضحة حول أسباب وصول هذه المدرعات إلى الميليشيات العراقية، لكن التقرير أشار إلى احتمالية أن تكون الدبابات قد وصلت إلى قوات الحشد كغنائم من حربها مع تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصًا بعد سقوط الموصل، ومعركة تكريت الثانية.

احتمالات أخرى تدور حول إمكانية أن يكون الجيش العراقي قد أعطى هذه الدبابات لميليشيات الحشد، كجزء من عمليات التعاون فيما بينها. وكانت الولايات المتحدة قد اتفقت مع الجيش العراقي، عند تسليمه الدبابات، على أن تبقى تحت سيطرة الجيش فقط، دون أن تصل إلى أي طرف آخر، بما فيها تلك المجموعات. البرلمان العراقي كان قد أقر سابقًا بفقدان بعض الأسلحة وتسربها إلى خارج المنظومة الحكومية، دون أن يسمي الجهات التي وصلت إليها، الأمر الذي يزيد من احتمالية أن تكون الدبابات قد وصلت إلى الميليشيات عبر الحكومة.

أما بعض المقاتلين في صفوف الحشد، فيتوقعون أن تكون تلك المعدات قد وصلت إلى أيديهم بعد أن اشترتها كتائبهم من السوق المحلية (احتمال ضعيف جدًا بالنسبة للمدرعات بحسب خبراء)، أو من خلال الحصول عليها من إيران (وهو أمر مستبعد أيضًا نظرًا لعدم امتلاكها لمثل تلك الدبابات).

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة