الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

كيف مهَّدت الأحداث الداخلية إلى تحريك الشارع اللبناني ضد السلطة؟

رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية يتحدث في مقابلة مع "كيوبوست" عن الأسباب التي أوصلت لبنان إلى حافة الانهيار والصراعات المبكرة لخلافة الرئيس

كيوبوست

واجه حزب القوات اللبنانية انتقادات عديدة على خلفية تقديم وزرائه الأربعة في الحكومة اللبنانية استقالتهم مع اندلاع الحراك في الشارع اللبناني؛ حيث استبق وزراء الحزب باستقالتهم قرار رئيس الحكومة اللبنانية بالاستقالة بعدها بأيام. لكن رئيس جهاز الإعلام والتواصل بالحزب شارل جبور، ينفى أن تكون الاستقالة بمثابة محاولة قفز من السلطة التي يرى أنهم لم يكونوا جزءًا منها؛ خصوصًا أن التركيبة السياسية في لبنان تعتمد الصياغة الائتلافية بجميع الحكومات، بحيث لا تكون هناك معارضة بالمعنى المتعارف عليه.

ثلاث محطات فارقة

وفي مقابلة مع “كيوبوست”، استرجع شارل جبور ما حدث خلال السنوات الماضية وأدى إلى وصول لبنان إلى هذه المرحلة التي يراها صعبة وغير مسبوقة منذ قيام الدولة اللبنانية عام 1920، مشيرًا إلى أن هناك 3 محطات أساسية مهَّدت للثورة اللبنانية؛ الأولى عندما بدأت الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة المستقيلة والتي استغرقت نحو 8 أشهر؛ بسبب الوزير جبران باسيل الذي كان يريد حصة الأسد بمجلس الوزراء، وتحديدًا امتلاك الثُّلث المعطل لقرارات الحكومة، ووقتها طالبنا الحكومة الموجودة لتصريف الأعمال بالاجتماع العاجل؛ لمعالجة الوضع الاقتصادي، بسبب خشيتنا من الانهيار، ولو كان هذا الأمر تم وقتها لما وصلنا إلى ما نحن فيه الآن؛ لكن ما حدث كان التجاهل لمطلبنا واستمرار المفاوضات السياسية لإخراج الحكومة.

شارل جبور

المحطة الثانية، في رأي جبور، هي خطوة إقرار موازنة 2019 المالية والتي تم رفضها من جانب وزراء الحزب وقت إقرارها؛ لأن الملاحظات المهمة لم يتم الأخذ بها، وسارت الأمور نحو الأسوأ. أما المحطة الأخيرة فكانت خلال اجتماع الرئيس ميشال عون، مع التيارات السياسية يوم 2 سبتمبر الماضي، والتي طرح فيها حزب القوات استقالة الحكومة وتشكيل حكومة مختصين لإدارة البلاد خلال الفترة المقبلة، وهو ما لم يلقَ آذانًا صاغية من الموجودين بالسلطة، أو بمعنى أدق من الغالبية المسيطرة على السلطة.

وأضاف رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية أن الحزب كان يتشاور من قبل الحراك مع نوابه في مجلس النواب والوزراء، بشأن تقديم استقالة من الحكومة؛ خصوصًا في ظل رفض موازنة 2020، وسعي السلطة لتمريرها، مشيرًا إلى أن ما حدث لم يكن مصادفةً؛ ولكن نتيجة سياسات خاطئة فاسدة لم يتم تصحيحها، ولبنان لم يعد يحتمل حكومة أخرى تسير على نهج الحكومات الائتلافية السابقة؛ ولكنه بحاجة إلى حكومة إنقاذ.

اقرأ أيضًا: سلاح “حزب الله”.. معضلة في الحراك اللبناني

يؤكد جبور أن هناك مشكلتَين أساسيتَين لم يتمكنوا من التعامل معهما؛ الأولى مرتبطة بالجانب السيادي ومتمثلة في وجود سلاح خارج إطار الدولة وهو سلاح “حزب الله”. والمشكلة الثانية مرتبطة بكيفية إدارة الدولة في ظل وجود تصرفات بطريقة مختلفة عما يفرضه الدستور والقانون.

ترقب لحظة الانفجار

وأشار رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية إلى أنهم كانوا يتوقعون لحظة الانفجار؛ بسبب الوضع الاقتصادي المتردي منذ شهور، وتراكم الأزمات المعيشية التي جعلت لبنان ينزلق نحو الانهيار، والأكثرية الحاكمة هي التي أوصلتنا إلى هذا الأمر؛ فالمشكلة الفعلية بدأت مع انتخاب الرئيس ميشال عون، ووصوله إلى الرئاسة، فبدلًا من أن يتم التركيز على بناء الدولة، أصبحت الأولوية في خلافة الوزير جبران باسيل للرئيس، ودخلت البلاد في مرحلة مختلفة من الأولويات استدعت مواجهات وخلافات يومية سياسية، وظلت حالة الانقسام وسط محاولات مستمرة من الأكثرية الحاكمة في تحجيم بعض القوى السياسية وتهميش قوى أخرى، والعمل على إحراج تيارات أخرى.

وأضاف جبور أن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، كان في موقع لا يريد فيه الاصطدام برئيس الجمهورية وصهره الوزير باسيل؛ لأن الصدام كان يعتقد أن نتائجه لن تكون إيجابية، لأنه ليس صدامًا مع الرئيس فقط ولكن مع زعيم الأغلبية بمجلس النواب أيضًا، مؤكدًا أنهم يرفضون المشاركة في الحكومة المقبلة ويرفضون تحزيب الحكومة بضمها سياسيين؛ حيث يعتقدون أنه يجب أن تكون حكومة إنقاذ، وأن يكون أعضاؤها لا ينتمون إلى أي تيار سياسي.

متظاهرون يرفعون الأعلام اللبنانية وسط بيروت- الصورة من وكالة الأنباء الألمانية

ولفت رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية إلى أن “حزب الله” انشغل بحسابات السلاح ولم يعطِ أولوية للاقتصاد، وبالتالي هو مسؤول أيضًا عما وصلنا إليه، مشيرًا إلى أن وزراء حزب القوات اللبنانية عندما قدموا استقالاتهم اتفقوا على عدم تسيير الأعمال والذهاب إلى دواوين وزاراتهم والاكتفاء فقط بتوقيع العاجل من البريد دون أن يتخذوا أي قرارات بشأن وزاراتهم.

أداء سيئ

وحول الأزمة المصرفية، أكد جبور أنه لا يجب حصر الأزمة في شخص رئيس مصرف لبنان؛ فالسلطة التنفيذية هي التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة، صحيح أن حاكم المصرف رياض سلامة، قد يكون أخطأ في قرار وأصاب في آخر؛ لكنَّ هناك أداءً سيئًا بشكل عام في الدولة ومؤسساتها المختلفة.

وحذَّر رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية من انهيار البلاد على الجميع؛ بسبب سرعة الاتجاه نحو الانهيار الشامل، فالعناد السياسي سيدفعنا نحو هذا الاتجاه، ومَن يعطِّل الوضع الحالي هم نفس الأغلبية التي سيطرت على البلاد وترغب في تحقيق مصالح شخصية، منوهًا بأن الخيارات معدومة أمام “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”؛ فلديهما أزمة سياسية، وسعد الحريري ليس مضطرًّا إلى رئاسة الحكومة وهو يعلم أنه سيقود سفينة سيكون مصيرها نفس مصير سفينة “تيتانيك”.

شارل جبور

الزعامات والجيش

وحول إمكانية أن يؤدي الحراك إلى تغيير الزعامات التقليدية في لبنان، قال جبور: “إن تغيير الزعامات يتم من خلال مسار ديمقراطي؛ فالثورة اللبنانية ليست ثورة انقلابية، وصناديق الاقتراع هي التي تحدد مَن يبقى ومَن يغادر، وهو ما يجب تهيئة البيئة له في الوقت الحالي”.

اقرأ أيضًا: لبنان يترقب نتائج التأجيلات.. ومحطات الوقود تبدأ الإضراب

وحول الجيش اللبناني وموقفه من الحراك، قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية: “إن الجيش اللبناني مؤسسة قائمة بذاتها وتقوم بدور ممتاز، لا يخضع إلى ضغوط السلطة، وأولوياته هي المؤسسة العسكرية، وخلال الأزمة أظهر الجيش أداءً عسكريًّا مهنيًّا محترمًا يعطي فيه الأولوية للشعب اللبناني”، مؤكدًا أن الجيش يشكل ضمانة أساسية من أجل الاستقرار في لبنان، وهناك فصل تام بين الدور العسكري والدور السياسي؛ فلا علاقة للجيش بالسياسة، ولكنه أمام مسؤولية حفظ الاستقرار ومنع الاعتداء على الممتلكات والتصدي لحماية المتظاهرين.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة