الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
كيف كشفت حادثة ليندا صرصور تناقضات حملة الديموقراطي جو بايدن؟
ناشطة فلسطينية معادية للسلام والسامية.. تثير جدلاً داخل حملة المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن والتي ظهرت كمن يحاول اللعب مع جميع الأطراف

كيوبوست
أثارتِ الناشطةُ الأمريكية ذاتُ الأصول الفلسطينية؛ ليندا صرصور، حالةً من الجدل في حملة المرشح الديمقراطي للانتخابات الأمريكية جو بايدن؛ بسببِ تصريحاتها المعادية لإسرائيل وللسلام في الشرق الأوسط، وذلك خلال اجتماع “جمعية المندوبين والحلفاء المسلمين”، الثلاثاء الماضي، وهي التصريحات التي تأتي متسقة مع مواقفها المعروفة بمعاداة السامية.
نشاط مشبوه
تنشط ليندا في الأوساط اليسارية والإسلامية، وهي على صلةٍ قوية بعضوة الكونجرس؛ رشيدة طلب، بحسب الكاتبة الصحفية ومديرة مكتب جريدة الشرق الأوسط في واشنطن؛ هبة القدسي، والتي تؤكد في تعليقٍ لـ”كيوبوست” أن تصريحات ليندا وضعت حملة بايدن في موقف محرج؛ لأن لها تاريخاً معروفاً بالهجوم على إسرائيل.
وأضافت القدسي أن ليندا هي عضو في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير” والذي يعتبر في بعض الاوساط ، ذراعاً لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابيا في عدة دول ، ووجهت لها اتهامات بأنها على صلة بحركة حماس المصنفة كحركة إرهابية في الولايات المتحدة ، لكن لم يثبت فعليا هذا الأمر حتى الآن لكن إجمالاً تبقى تحركات صرصور معروفة ومرصودة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، منذ بداية نشاطها بعد أحداث 11 سبتمبر.

لكن حملة بايدن قامت وبشكل مفاجئ بتقديم اعتذارٍ هاتفي إلى ليندا صرصور، بعد تصريح المتحدث الرسمي للحملة أندرو بيتس، والذي تبرأ منها علناً على شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية.
اقرأ أيضًا: الدائرة المغلقة: الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين والخروج منها في الغرب
وتسبب تسريب التسجيل الصوتي للاعتذار في حالةٍ من الجدل في أوساط حملة بايدن، حيث قامت صرصور بتهديد المرشح الديموقراطي في تغريدةٍ عبر حسابها على تويتر، وتنبيهه بضرورة التحالف من أجل هزيمة ترامب في الانتخابات، وأرجعت ذلك إلى القدرات التنظيمية لأصوات المسلمين في عدة ولايات رئيسية؛ منها ميتشغان، فيرجينيا، تكساس، وبنسلفانيا.
ترى المحللة والمحامية الأمريكية؛ آيرينا تسوكرمان، في تعليقٍ لـ”كيوبوست، أن هذا التسجيل وضع حملة بايدن في مأزق حقيقي؛ لأنهم حاولوا اللعب مع جميع الأطراف، مؤكدة أن دعوة صرصور للتحدث خلال المؤتمر من أجل نشر آرائها المتطرفة والمعادية للسامية كانت خطأ، وجاءت في الوقت الذي يحاول فيه بايدن أن يظهر كمعتدل ومعبر عن قطاع عريضٍ من الشعب.
وأشارت تسوكرمان إلى أن اتباع الخطاب المزدوج مرتبط برغبة الحملة في جمع التبرعات أيضاً من الجالية

المسلمة، والتي ليست منخرطة في العمل السياسي بالضرورة، ولكن المقصود من هذا التصرف هو الحصول على دعم من الحركات الإسلامية المختلفة كجماعة الإخوان، ومن دولٍ مثل قطر وتركيا والتي تقوم بالاستثمار في هذه المنظمات.

وبالرغم من أن صرصور تضر بسمعة المسلمين في الولايات المتحدة، فإن حملة بايدن تورطت في إصدار بيان التبرؤ قبل أن تعود سريعاً لمصالحتها، وهو ما يعكس طريقة تأثر الحزب بالضغوط التي يتعرض لها من الناشطين، ما يؤثر على اتجاه الحزب بشكل عام وليس في الانتخابات فقط.
اقرأ أيضًا: كتاب مثير عن استراتيجية تغلغل الإخوان المسلمين في فرنسا والعالم
تتفق مع هذا الرأي الكاتبة الصحفية؛ هبة القدسي التي تؤكد أن التصريحات التي أدلت بها صرصور وضعت الحملة في موقفٍ حرج نتيجة لتاريخها المهاجم للسياسات الإسرائيلية ورفض حل الدولتين، لكن في نفس الوقت سَعَت الحملة لإرضائها سراً حتى لا تفقد أي أصوات في الانتخابات، بينما كان انتقادها مرتبطاً بمحاولة إرضاء اللوبي اليهودي، فالحملة تريد أن تحصل على أصوات المسلمين، وفي الوقت نفسه لا تريد إغضاب إسرائيل؛ الأمر الذي دفعها لهذه الموائمة، خاصة وأن بايدن أكثر ميلاً لجماعة الإخوان المسلمين حتى مع تأييده لإسرائيل.
إثارة الخلافات
لعبت صرصور دوراً كبيراً في تدمير العلاقات بين المسلمين والجالية اليهودية في الولايات المتحدة، بحسب آيرينا تسوكرمان التي تؤكد أن ليندا قامت أيضاً “بالادلاء بتصريحاتٍ مؤسفة تجاه إسرائيل، وقامت بحملات عدوانية تجاه العلاقة بين إسرائيل والدول العربية”، وهو ما يضر بمصالح جميع الأطراف الراغبة في التغلب على الخلافات السياسية سلمياً وإيجاد ارضية مشتركة حول مختلف القضايا.
وأشارت إلى أنه “بدلاً من اتخاذ مواقف نتيجة مثل هذه التصرفات، فقد تم فتح المجال أمامها لتحقيق طموح سياسي”، وهي التي تسعى لتعزيز الانقسامات بشكلٍ لا يمت بصلة إلى السياسات التي يفترض أن ينتهجها الحزبُ الديمقراطي.
وبحسب عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي والمحلل الاقتصادي؛ مهدي عفيفي، فإن ما قامت به ليندا يفسد الحياةَ السياسية، ولا يتماشى مع أبسط مبادئها، مشيراً في تصريحٍ لـ”كيوبوست” إلى أن ما قامت صرصور به يتسق مع طبيعتها الشعبوية، والتي لا تتسق مع العمل السياسي، فالمكان والزمان لم يكونا مناسبين لما تحدثت به.
اقرأ أيضًا: عزاء للرئيس أم تشييع لعهده؟ ترامب يمر بأصعب اختبارات القيادة!

وأضاف عفيفي أن ما حدث يكاد يتشابه مع موقفٍ مماثل كان حاضراً فيه بعد أحداث 11 سبتمبر، وكان يفترض أن يكون هناك تعاون مع عضوٍ بالكونجرس يخدم العرب والمسلمين، لكن تم إفساد الأمر بسبب إثارة مسألة فلسطين، وهو أمر كان يمكن تجنبه في ذلك اللقاء الذي انتهى بالفشل؛ نتيجة إثارة قضية لم تكن محور أي نقاش من الأساس.
وختم عفيفي بالقول: هي ليست سياسية، ولا يفترض أن تقومَ بالإدلاء برأي سياسي، مشيراً إلى أن مثل هذه التصريحات والآراء قد تفقد ما تحقق من مكتسبات للمسلمين والعرب، على مدار العقود الماضية، وهو عكس ما يعتقده البعض بأنه قد يخدم القضايا العربية، خاصة وأن جزءاً من النجاح في تحقيق الهدف مرتبط باختيار التوقيت والزمان، وآلية الطرح المناسبة التي تجعلك تكسب المزيد من الحلفاء.

يتناقض الاعتذار من حملة بايدن مع مواقفه من إسرائيل ومعادي السامية والداعمين لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية بشكل واضح، حسب الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي ماك شرقاوي، الذي يؤكد، في تعليق لـ”كيوبوست”، أن هناك حالة من التخبط داخل الحزب الديمقراطي بشكل واضح خلال الفترة الحالية.
وأضاف شرقاوي أن دعوة صرصور كانت بهدف محاولة الحصول على أصوات مؤيدي وداعمي بيرني ساندرز؛ خصوصاً أنها عملت في حملته خلال محاولته الفوز بترشح الحزب سواء في 2016 أمام هيلاري كلينتون، أو في 2020 أمام بايدن، ومن ثم جرى استقطابها ومنحها فرصة للحديث؛ في محاولة لجذب مؤيدي ساندرز، لكي يقوموا بالتبرع إلى بايدن أيضاً والتصويت له في الانتخابات.