الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كيف غيَّر شينزو آبي وجه اليابان؟

كيوبوست- ترجمات
توبياس هاريس♦
قالت مجلة “فورين بوليسي” الدولية إن رئيس الوزراء الياباني الذي اغتيل هذا الشهر في حادثٍ مأساوي، قد تمتع بتاريخٍ سياسي طويل، ومسيرة ارتبطت بتطور اليابان ككل.
اقرأ أيضاً: اليابان تقود “القوى الوسطى” في رسم مستقبل آسيا
فبعد دخوله الساحة السياسة في أوائل التسعينيات، مع انتهاء الحرب الباردة، وانفجار الفقاعة الاقتصادية في اليابان والتي أدَّت إلى تعطيل المؤسسة السياسية المتراخية، رأى آبي وزملاؤه من المحافظين الشباب الفرصة “للانفصال عن نظام ما بعد الحرب“، كما عبَّر عن الأمر خلال فترة رئاسته الأولى للوزراء.
حيث أراد المحافظون الجدد إجراء تغييراتٍ شاملة في الدولة اليابانية. وأرادوا تعزيز سلطة رئيس الوزراء، الذي كان بالكاد (في معظم فترة ما بعد الحرب) متساوياً في الصلاحيات مع باقي الأعضاء في المجلس.

فقد أرادوا الحدَّ من سلطة البيروقراطيين وأعضاء البرلمان في السعي لتحقيق مصالحهم الضيقة على حساب المصلحة الوطنية. كما أرادوا تخفيف القيود التي منعت اليابان من امتلاك جيش لائق قادر على القتال، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، وغيرها من الشركاء.
وأكدت المجلة أن آبي تمتع بقدراتٍ مكنته من الصمود ومتابعة الطموحات التي طال انتظارها لإنشاء مجلس للأمن القومي، وتركيز القرارات البيروقراطية الخاصة بالموظفين في مكتب رئيس الوزراء، وإعادة تفسير الدستور الياباني بحيث يسمح لقوات الدفاع الذاتي اليابانية بالانخراط في الدفاع الجماعي عن النفس، بل وحتى إطلاق محاولة جادة، ولكن غير ناجحة، لتعديل الدستور.
اقرأ أيضاً: الإمبراطور الياباني..من الألوهية إلى الرمزية
كما ساعدته شجاعته في اتباع سياسةٍ خارجية طموحة، لم تعزِّز فحسب العلاقة بين الولايات المتحدة واليابان، بل عملت أيضاً على تعميق علاقاتها مع الشركاء الإقليميين، مثل الهند وأستراليا، فضلاً على دول جنوب شرق آسيا الرائدة، مما أرسي الأساس للحوار الأمني الرباعي.

ولعل هذه القدرة هي التي مكنت اليابان من الاضطلاع بدورٍ قيادي في السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي والعالمي، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وكان آبي قد اضطر إلى الاستقالة بعد عام واحد فقط من توليه منصب رئيس الوزراء، بعد أن قاد حزبه الديمقراطي الليبرالي إلى هزيمةٍ مخزية في انتخابات مجلس الشيوخ في يوليو 2007، وبعد ذلك بدا أن آبي ذاته أصبح يتبنى الرأي السائد بأن مسيرته السياسية التي كانت واعدة ذات يوم قد انتهت.
اقرأ أيضاً: العلاقة الضاربة بين الإمارات واليابان
لكنه، رغم كل شيء، اكتسب لنفسه الفطنة السياسية والمكانة التي جعلت منه قوة سياسية هائلة حتى يوم وفاته، زعيماً كان على استعداد للعب أدوارٍ مركزية في المناقشات المقبلة حول السياسة المالية والدفاعية. وبالتالي، فإن وفاة آبي تخلِّف فراغاً كبيراً يتعين على رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ورفاقه أن يملأوه.
♦كبير زملاء آسيا في مركز التقدم الأمريكي، ومؤلف كتاب: «تحطيم الأيقونات: شينزو آبي واليابان الجديدة».
المصدر: فورين بوليسي