الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
كيف تكون مصائب سد النهضة في إثيوبيا فوائد ثمينة لمصر؟
القاهرة تتوجه لأديس أبابا وتحتضن اجتماعات مشتركة مع السودان

كيوبوست – أحمد أمين نمر
بعد وقت وجيز من إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بوجود مشكلات في تصميم سد النهضة، الأمر الذي ينذر بعرقلة إتمام بناءه في الموعد المحدد، قررت الحكومة الإثيوبية، الإثنين الماضي، إلغاء عقد شركة المعادن والهندسة “ميتيك” التي تديرها الدولة، ومنعها من العمل في المشروع، مما أثار تساؤلات حول مصير السد العملاق وموعد العمل فيه.
ويعد الكشف عن المشكلات الفنية والمالية في مشروع سد النهضة أمرًا مهمًا لمصر، إذ يمثل هذا السد تهديدًا لأمنها المائي، وتخشى أن يؤدي تنفيذه إلى تقليص حصتها من مياه النيل، التي تحتاجها بشدة في الشرب والري والصناعة، فيما تقول أديس أبابا إن السد -الذي تبلغ قيمة استثماراته 4.8 مليارات دولار- لن يكون له تأثير قوي على مصر.
اقرأ أيضًا: العلاقات الإسرائيلية–الإثيوبية: استغلال واستثمار وتهديد دولة عربية
الحكومة المصرية تتابع مسار العلاقات بتحرك سريع
أدركت الحكومة المصرية الفرصة الثمينة التي سنحت لها جراء المشكلات التي تواجه تنفيذ مشروع سد النهضة، مما جعلها تتحرك بشكل فوري عبر وزير خارجيتها سامح شكري، رفقة رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، اللذين توجها إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لنقل رسالة شفهية من عبد الفتاح السيسي إلى آبي أحمد.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد إن الزيارة هدفت إلى “متابعة مسار العلاقات المصرية الإثيوبية وسبل دعمها”، نافيًا وجود صلة بين زيارة شكري وكامل بتصريحات آبي أحمد علي، بشأن تأخر أعمال إنشاء سد النهضة المثير للخلاف بين البلدين.
وقال أبو زيد إن “الزيارة مقررة وفقًا لمسار سياسي واتصالات دبلوماسية بين البلدين، وهدفها التأكد من وجود دعم سياسي كامل للعملية التفاوضية. نحن نسير في الطريق الصحيح، وندرك أهمية عامل الوقت، وضرورة التوصل إلى اتفاق كامل وشامل حول سد النهضة فى أقرب وقت”.
زيارة شكري لأديس أبابا جاءت قبل اجتماعات اللجنة الوزارية السودانية المصرية، التي احتضنتها القاهرة الثلاثاء، التي تضمن جدول أعمالها ملف مياه النيل، وما يتعلق بسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى أحد أطول أنهار العالم، خصوصًا ما تردد مؤخرًا عن المشاكل التي تواجه بناء السد في إثيوبيا، وما يمكن اتخاذه في إطار التعاون الثلاثي بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.
رئيس وزراء إثيوبيا: إدارة فاشلة للمشروع
وكان رئيس وزراء إثيوبيا قد شن السبت الماضي، خلال مؤتمر صحفي، هجومًا لاذعًا على إدارة مشروع السد قائلًا: “إن بناء سد النهضة كان من المخطط أن ينتهي في 5 سنوات، ولكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدارة فاشلة للمشروع، خصوصًا بسبب تدخل شركة ميتيك”، موضحًا أن “هناك مشكلات تتعلق بالتصميم، إذ لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين، واستكمال المشروع وفق الجدول الزمني”.
ووصف وزير الري المصري السابق حسام المغازي تصريحات آبي أحمد، بالجريئة، مؤكدًا أنها تأتي في إطار حسن النوايا والمكاشفة بين إثيوبيا ودول حوض النيل، موضحًا أن مصر تثمن مصارحة الحكومة الإثيوبية لشعبها والدول التي قد تتأثر من بناء السد، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة التواصل مع الجانب الإثيوبي، والتعاون المشترك بين البلدين، في إطار حسن النوايا من جانب مصر.
اقرأ أيضًا: هذا ما يكشفه اتفاق الصلح بين إثيوبيا وإرتيريا
وأوضح في تصريحات نقلت عن موقع “مصراوي”، أن مصر لديها خبرات كبيرة فيما يخص الأمور الفنية والإنشائية حال تقدمت إثيوبيا للجانب المصري بطلب رسمي للمساعدة، مضيفًا أن مصر لديها تجارب ناجحة كبرى مثل بناء السد العالي، وبناء قناطر جديدة تنتج طاقة كهربائية نظيفة، وأن مصر لديها خبراء من مدرسة الري المصرية في جميع التخصصات التي قد تحتاج لها إثيوبيا، مثل حركة المياه والجيولوجيا وبناء منشآت عملاقة ومتوسطة. كما أشار المغازي إلى أن تلك الظروف قد تنتج تعاونًا ثنائيًا ذا طابع خاص بين البلدين، قد يصل إلى ربط مصر كهربائيًا بإثيوبيا، مثلما حدث مع السودان.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصري السابق جمال بيومي إن مصر لا “تفرح” في قضايا مثل قضية فشل إدارة سد النهضة، لافتًا إلى أن ما حدث كان متوقعًا، خصوصًا أن إثيوبيا كانت تتعجل في تنفيذ المشروع.
سد النهضة: مشروع يخدم إثيوبيا ويؤثر على مصر والسودان
تعول إثيوبيا على سد النهضة كثيرًا لسد حاجتها من الكهرباء، إذ سيكون –بحسب الخطط- أحد أكبر السدود في القارة الإفريقية، بكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار. ويبلغ ارتفاع السد نحو 145 مترًا، في حين يصل طوله قرابة 1800 متر.
ولهذا السد القدرة، في حال اكتمال تشييده، على توليد نحو 6 آلاف ميجاوط من الطاقة الكهربائية، وهو ما يعادل 3 أضعاف الطاقة الكهربائية المولدة من المحطة الكهرومائية لسد أسوان المصري.
إلا أن المشكلة بين مصر والسودان مع إثيوبيا تتمثل في الفترة المطلوبة لملء خزان السد، إذ ستتحول إليه كميات كبيرة من مياه النيل الأزرق التي كانت تنتهي قبل السد إلى مصر والسودان. ويتوقع أن تتقلص حصة البلدين من تدفق مياه النيل بشكل ملحوظ خلال فترة ملء الخزان.
اقرأ أيضًا: اتفاق تاريخي بين إريتريا وإثيوبيا.. والإمارات حاضرة
وتسعى القاهرة والخرطوم، مقابل الموافقة على إنشاء السد، إلى تنظيم عملية ملء الخزان على نحو يقلل من حجم الضرر المائي على البلدين.
ويرى الخبراء أن الدولتين ستدفعان باتجاه تقنين فترة ملء الخزان، وجعلها لا تقل عن 15 عامًا، وبإشراف خبراء من البلدين، إلى جانب التوقف عن عملية الملء في حال تراجع المنسوب إلى أقل من المتوسط العام.