الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
كيف تستغل قطر القضية الفلسطينية لاسترضاء الولايات المتحدة؟
الدوحة تحاول كسب اللوبي الصهيوني لكسب الموقف الأمريكي

كيوبوست – أحمد أمين نمر
تحاول قطر أن تلعب دورًا بارزًا في الآونة الأخيرة على مستوى القضية الفلسطينية، إذ تسعى لتكون وسيطًا فعالًا في مفاوضات التهدئة بين حركة حماس في غزة وإسرائيل، وذلك بتقديم مبادرات وعقد لقاءات تساهم في تقريب وجهات النظر بين الجانبين.
الدوحة التي تسعى لأن تكون الوسيط الحيوي في تمرير صفقة القرن، وعقد اتفاق تهدئة طويل الأجل في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل، تهدف بالدرجة الأولى إلى استرضاء الولايات المتحدة، وكسب موقفها في قضايا قطر المعقدة في المنطقة، ودرء الاتهامات الموجهة لها بصفتها الداعم الأول للإرهاب في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا: حركة حماس تتواصل مع إسرائيل بتنسيق قطري
وبالنظر إلى تحركات قطر المتوازية في الداخل الأمريكي، وعلى مستوى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في قطاع غزة، يمكن فهم مساعي الدوحة وخططها لإرضاء الحكومة الأمريكية، واستغلالها لحمايتها في ظل العزلة العربية التي تشهدها الدوحة جراء المقاطعة العربية الرباعية الداعية لمكافحة الإرهاب.
فعلى الصعيد الداخلي الأمريكي، تدرك قطر تمامًا أن كسب المواقف الأمريكية لا يمكن أن يتم إلا بإرضاء اللوبي الصهيوني، وكسب المجتمع اليهودي في الداخل الأمريكي، فسعت عبر أموالها إلى تحسين صورتها في أوساط المجتمع اليهودي الأميركي، وبناء علاقات مع المجتمعات الصهيونية بالولايات المتحدة، فدفعت نحو 1.5 مليون دولار لقاء شراء المواقف السياسية ونيل الدعم وترتيب الاجتماعات في الولايات المتحدة، وزيارات إلى قطر، حسب ما كشفته وثيقة أمريكية نشرها موقع سكاي نيوز الشهر الماضي.
أما على المستوى الخارجي، فيعتبر أمن إسرائيل واستقرارها هو المطلب الأول للوبي الصهيوني في الداخل الأمريكي، وأن حل أزمة القضية الفلسطينية هو الاختبار الأكبر لإثبات الولاء للولايات المتحدة، خصوصًا بعد محاولات فاشلة -حتى الآن- لتمرير صفقة القرن التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي واجهت معارضة ورفضًا كبيرين على المستويين العربي والإسلامي بشكل عام، فجاءت فرصة الدوحة -الداعم الأول للإخوان المسلمين- لاستغلال علاقتها مع حركة حماس، للضغط عليها عبر مبادرات إنسانية ومشاريع بنى تحتية، مقابل الوصول إلى حل يرضي الإدارة الأمريكية، وينجز اتفاقية التهدئة طويلة الأجل في قطاع غزة، بالإضافة إلى توسعة فجوة الانقسام الفلسطيني بتقوية حركة حماس ودفعها إلى تشكيل دولة فلسطينية جديدة في القطاع.
اقرأ أيضًا: معاريف الإسرائيلية: السعودية تغتال “صفقة القرن”
تحركات قطرية لإنجاز المهمة الأمريكية
بعد زيارة المنسقيْن لـ”صفقة ترامب” للدوحة مؤخرًا، التقى المستشار الخاص للرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، بوزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، لبحث الصفقة والوضع في قطاع غزة، فجاءت التحركات القطرية العملية لتسهيل إنجاز المهمة الأمريكية، وكان آخرها اقتراح الدوحة المساهمة في بناء مطار بالقرب من مدينة “إيلات”، يمكن السفر عبره من خلال خطوط طيران مباشرة إلى قطر، حسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، وموقع “مكور” الإخباري الإسرائيلي، عن محمود العالول، نائب رئيس السلطة الفلسطينية قوله، إن إسرائيل أرسلت إلى حركة حماس المقترح القطري بإقامة مطار بالقرب من إيلات، إضافة إلى الميناء البحري فى قبرص، والسماح بإقامة رحلات جوية من المطار إلى قطر كجزء من صفقة التسوية الشاملة التى ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن الاقتراح جزء من “صفقة القرن”، وتشكل المحادثات بين إسرائيل وحماس جزءًا ضروريًا في الطريق إلى تحقيق هذا البرنامج.
جاء هذا المقترح القطري بعد أيام قليلة من كشف فضيحة لقاء وزير الجيش الإسرائيلي أفيجادور ليبرمان، مع وزير خارجية دولة قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، سرًا في قبرص قبل نحو شهرين، إذ أن الطرفين ناقشا ملف غزة. وأشار التقرير إلى أن اللقاء عقد على هامش المحادثات التي كان ليبرمان يجريها مع وزيري الدفاع القبرصي واليوناني، حول إمكانية إنشاء ميناء بحري لغزة، كجزء من وقف إطلاق النار طويل الأمد بين إسرائيل والقطاع.
اقرأ أيضًا: لقاء سري بين قطر وإسرائيل في قبرص
اللقاء رفيع المستوى لم يكن هو الوحيد الذي تم الكشف عنه، إذ كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية، أن ليبرمان التقى بمبعوث قطر في غزة محمد العمادي، في لقاء سري بقبرص، الأسبوع الماضي.
محلل سياسي: قطر حليف إسرائيل
كتب المحلل السياسي الإسرائيلي تسفي برئيل مقالًا في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في منتصف الشهر الحالي، قال فيه إن قطر التي وصفها بالداعمة للإرهاب يمكن أن تكون حليفًا لإسرائيل، موضحًا أن الدوحة بحكم علاقتها بحركة حماس تتوسط في صفقة بشأن إعادة إسرائيليين تتحفظ عليهم حماس في غزة، بالإضافة إلى جثتين لجنديين قُتلا خلال الحرب على القطاع في عام 2014، رغم نفي إسرائيل وجود مفاوضات، ولكن اتضح أن الاحتياجات الدبلوماسية والعسكرية الإسرائيلية يمكن أن تؤدي إلى مرونة مذهلة في التعامل مع قطر، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الدوحة دشنت حملة لتعزيز مكانتها العالمية، خصوصًا في الولايات المتحدة نفسها بعدما لاحقتها اتهامات دعم الإرهاب، حيث التقى مسؤولون قطريون بكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية وكذلك كبار القادة اليهود، لأن قطر تدرك أنه يجب عليها تقوية علاقتها مع الجالية اليهودية وإسرائيل إذا أرادت المحافظة على قوة علاقاتها مع واشنطن.
من جهته، قال المحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله خلال لقاء بفضائية “الغد” في وقت سابق، إن لقاء وزير الجيش الإسرائيلي بوزير خارجية قطر في قبرص ليس مفاجأة؛ لأن تاريخ العلاقات بين إسرائيل وقطر طويل وممتد، وهناك خطوط مفتوحة بينهما، لافتًا إلى أن قطر منذ فترة طويلة تلعب دورًا رئيسًا في قطاع غزة لصالح الاحتلال الإسرائيلي؛ لتنفيذ المخطط الصهيوني في القطاع، مؤكدًا كذلك أن النظام القطري يبحث عن دور إقليمي في المنطقة العربية، إذ تسعى الدوحة لإرضاء الولايات المتحدة، لكي تحصل على دعمها ومساندتها بتنفيذ المخطط الصهيوني في قطاع غزة؛ لأن القطاع تعتبر منطقة أمن قومي لإسرائيل.