الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كيف تستغل استراتيجية الصين الكبرى قوة الولايات المتحدة لخدمة أهدافها؟

كيوبوست- ترجمات
ماثيو بوتينغر♦
في مقالته المنشورة في عدد (سبتمبر/أكتوبر) من مجلة فورين أفيرز قال ماثيو بوتينغر؛ نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق أنه على الرغم من أن العديد من الأمريكيين كانوا بطيئين في إدراك الأمر، فإن عداء بكين لواشنطن بدأ قبل فترة طويلة من انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2016 وحتى قبل صعود الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السلطة عام 2012. فمنذ تولى الحزب الشيوعي الصيني الحاكم السلطة في عام 1949 كان ينظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها خصماً.
اقرأ أيضاً: المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.. حرب باردة من نوع جديد
لكن قبل ثلاثة عقود، وفي نهاية الحرب الباردة، بدأ القادة الصينيون في النظر إلى الولايات المتحدة ليس باعتبارها مجرد خصم واحد من بين العديد من الخصوم، بل باعتبارها الخصم الخارجي الرئيس لبلدهم، وبدأوا بهدوء في مراجعة الاستراتيجية الصينية الكبرى، والشروع في السعي إلى فرض الهيمنة الإقليمية، ثم العالمية.
وأكد بوتينغر أن الولايات المتحدة، والمجتمعات الحرة الأخرى، قد انتبهت بشكلٍ متأخر إلى هذا المستوى الجديد من التنافس، حيث ظهرت روحٌ نادرة من الإجماع بين الحزبين في الكونغرس الأمريكي، لكن حتى هذا الإجماع الجديد فشل في تقدير أحد العناصر الأكثر تهديداً للاستراتيجية الصينية، وهي الطريقة التي تستغل بها الجوانب الحيوية للمجتمعات الأمريكية، وغيرها من المجتمعات الحرة، ووضعها في خدمة الطموحات الصينية.

غير أنه أشار من جانبٍ آخر إلى حاجة صناع السياسة والمشرعين الأمريكيين إلى الإرادة، وبالتالي إيجاد طريقة لإعادة وول ستريت ووادي السيليكون إلى المنافسة، وتحويل نقاط الضعف الأمريكية إلى نقاط قوة، والتخفيف من الآثار الضارة لحرب بكين السياسية. إذ يجب أن يبدأ ذلك بخطواتٍ أكثر جرأة لوقف تدفق رأس المال الأمريكي إلى ما يسمى بمؤسسات الاندماج العسكري-المدني الصينية، وإحباط طموح بكين في الريادة، بل وحتى السيطرة الاحتكارية على صناعات التكنولوجيا الفائقة؛ بدءاً بتصنيع أشباه الموصِّلات.
اقرأ أيضاً: نحن والآخرون..كيف سمحت الولايات المتحدة لأعدائها باختطاف سياساتها الخارجية؟
حيث جادل البعض بأنه نظراً لأن أيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني لا تحظى بقبولٍ كبير في الخارج، فإنها تشكل تهديداً ضئيلاً لمصالح الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن هذه الأيديولوجية بالكاد تروق للشعب الصيني، وهذا لم يمنع الحزب من السيطرة على أمة يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة. ولا تكمن المشكلة في جاذبية الشمولية اللينينية، بل في حقيقة أن الشمولية اللينينية – كما يمارسها حكام بكين ذوو الموارد الهائلة، والقيادة المصممة الملتزمة- تتمتع بسلطةٍ قسرية هائلة.
فن الحرب السياسية
وقال ماثيو بوتينغر إن تباطؤ الغرب في إدراك استراتيجية الصين العدائية المعقدة التي دامت لعقودٍ عدة، يرتبط إلى حدٍّ كبير بالغطرسة التي أعقبت انتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة؛ حيث افترض صانعو السياسة في الولايات المتحدة أن الحزب الشيوعي الصيني سيجد أنه من المستحيل تقريباً مقاومة موجة التحرير التي أطلقها انهيار جدار برلين.

ووفقاً لهذا الخطّ الفكري، فإن الولايات المتحدة ستتمكن من خلال المساعدة في زيادة ثراء الصين، من تخفيف قبضة الحزب على اقتصادها وشعبها وسياستها، وتهيئة الظروف اللازمة للتقارب التدريجي مع الغرب التعددي. لكن بكين اختارت التقنيات الغربية، التي افترض الأمريكيون أنّها ستساعد على إضفاء الطابع الديمقراطي على الصين، واستخدمتها بدلاً من ذلك لمراقبة شعبها والسيطرة عليه، واستهداف شريحة متزايدة من سكان العالم خارج حدود الصين.
لا مزيد من سياسات التخفي وانتظار الوقت المناسب
ويعرض بوتينغر إلى الكتاب الصادر حديثاً بعنوان «لعبة النفس الطويل»، حيث ألقى الباحث الأمريكي راش دوشي نظرة على خطابات القادة الصينيين، ووثائقهم السياسية، ومذكراتهم، لتوثيق كيف وضعت بكين نصب عينيها تفكيك النفوذ الأمريكي في جميع أنحاء العالم. والآن يعمل الحزب بشكل منهجي على تنمية الشركات والمستثمرين الغربيين، الذين بدورهم، يراعون السياسات الصينية، بل وحتى يستخدمون رؤوس أموالهم المحلية لممارسة الضغط بطرقٍ تتماشى مع أهداف الحزب الشيوعي الصيني.
اقرأ أيضاً: ماذا علينا أن نفعل حيال الصين؟
ووفقاً لدوشي، الذي يعمل الآن في مجلس الأمن القومي كمدير لملف الصين، فإن هناك ثلاثة أحداث أزعجت قادة الحزب الشيوعي الصيني بشدة؛ وهي: الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في ميدان تيانانمن عام 1989؛ والانتصار غير المتوازن بقيادة الولايات المتحدة على قوات الديكتاتور العراقي صدام حسين في أوائل عام 1991؛ وانهيار الاتحاد السوفيتي في العام نفسه.

وكتب دوشي: “لقد ذكّرت احتجاجات ميدان تيانانمن بكين بالتهديد الأيديولوجي الأمريكي. كما أن الانتصار السريع في حرب الخليج ذكرها بالتهديد العسكري الأمريكي. فيما خسارة الخصم السوفيتي المشترك ذكرها بالتهديد الجيوسياسي الأمريكي. وفي وقتٍ قصير، سرعان ما حلَّت الولايات المتحدة محل الاتحاد السوفيتي باعتبارها الشاغل الأمني الرئيس للصين، وهذا بدوره أدى إلى استراتيجية كبرى جديدة، وولّد صراعاً استمر 30 عاماً لإزاحة الهيمنة الأمريكية”.
اقرأ أيضاً: استراتيجية الصين الكبرى: الاتجاهات والمسارات والتنافس طويل المدى
وصنف ماثيو بوتينغر أهداف الاستراتيجية الكبرى الجديدة للصين تدريجياً حيث تسعى أولاً إلى تخفيف نفوذ الولايات المتحدة في آسيا، ثمّ إزاحة الهيمنة الأمريكية بشكل أكثر وضوحاً عن المنطقة، وفي نهاية المطاف الهيمنة على نظام عالمي أكثر ملاءمة لنموذج الحكم في بكين. وهذا النموذج ليس مجرد نموذج استبدادي؛ إنّها “شمولية جديدة”، على حد تعبير كاي شيا، التي عملت لمدة 15 عاماً كأستاذة في أعلى معبد للأيديولوجية الشيوعية الصينية، أي مدرسة الحزب المركزية في بكين.
ومؤخراً كشفت شيا، التي تعيش الآن في المنفى في الولايات المتحدة، عن خلافها مع الحزب الشيوعي الصيني قائلة: “إن المصالح الأساسية للحزب الشيوعي الصيني وتفكيره الأساسي يتمثل في استخدام [الولايات المتحدة] بينما يظل معادياً لها، وهذا المعتقد لم يتغير خلال السبعين سنة الماضية”.

وقد حاول الحزب الشيوعي الصيني صياغة هذه التحركات باعتبارها تحركاتٍ دفاعية. حيث قال شي في خطابٍ ألقاه العام الماضي: “يجب علينا الحفاظ على تفوقنا وتعزيزه عبر سلسلة الإنتاج بأكملها. ويجب علينا زيادة اعتماد سلاسل الإنتاج الدولية على الصين، وتشكيل تدابير مضادة قوية، وقدرة رادعة ضد الأجانب الذين قد يقطعون بشكلٍ متعمد الإمدادات عن الصين”، لكن من الناحية العملية، تلعب الصين دور الهجوم.
وخلال السنوات الأخيرة، فرضت بكين قيوداً على التجارة والسياحة مع كندا واليابان ومنغوليا والنرويج والفلبين وكوريا الجنوبية، ودولٍ أخرى، في محاولة لفرض تغييرات في قوانينها وعملياتها السياسية والقضائية الداخلية. وبحسب بوتينغر، كانت أكثر الحملات عدائية تلك التي شنها الحزب الشيوعي الصيني ضد أستراليا. فقبل أكثر من عام، اقترحت أستراليا أن تقوم منظمة الصحة العالمية بالتحقيق في أصول جائحة كورونا. وأيد الفكرة جميع أعضاء المنظمة تقريباً، لكن بكين قررت معاقبة كانبرا على جرأتها.
اقرأ أيضاً: كيف يعكس مشروع السلفادور محاولات الصين اللعب في الفناء الخلفي لأمريكا؟
وسرعان ما بدأت الصين في تقييد الواردات الأسترالية من لحوم البقر، والشعير، والنبيذ، والفحم. وبعد ذلك، أصدر الحزب الشيوعي الصيني قائمة بـ 14 نقطة أسماها بـ “النزاعات” والتي هي في الواقع، مطالب سياسية مقدمة إلى الحكومة الأسترالية- تتضمن إلغاء كانبرا للقوانين المصممة لمواجهة عمليات التأثير السرية للحزب الشيوعي الصيني في أستراليا، وإسكات الصحافة الأسترالية، من خلال قمع الانتقادات الموجهة لبكين، وتقديم تنازلات لمطالب الصين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي.

حيث يلتزم أعضاء الحزب البالغ عددهم 95 مليون مواطن بالمشاركة في النظام، الذي له العديد من الفروع، ولدى إدارة عمل الجبهة المتحدة بالحزب وحدها ثلاثة أضعاف كوادر وزارة الخارجية الأمريكية. لكن بدلاً من ممارسة الدبلوماسية، يقول بوتينغر، تقوم الجبهة المتحدة بجمع معلومات استخبارية عن المواطنين والمسؤولين الحكوميين في الخارج، والعمل على التأثير عليهم، مع التركيز على النخب الأجنبية، والمنظمات التي يديرونها.
اقرأ أيضاً: كيف يدرب الحزب الشيوعي الصيني السياسيين الأجانب؟
ولطالما كان تجميع الملفات سمة من سمات الأنظمة اللينينية، لكن اختراق بكين للشبكات الرقمية في جميع أنحاء العالم قد نقلها إلى مستوى جديد. ولعل الأحدث في ترسانة الحزب هو استغلال شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية. حيث أغرقت بكين منصاتها بالدعاية العلنية والسرية، وتم تضخيمها من قبلّ الوكلاء والروبوتات التي تركز بشكل متزايد ليس فقط على الترويج لروايات التبرئة لسياسات بكين ولكن أيضاً على تفاقم التوترات الاجتماعية داخل الولايات المتحدة والدول المستهدفة، بحسب ماثيو بوتينغر، الذي أورد حرب اللقاحات كمثالٍ.
استراتيجية أمريكية مضادة
وحول معالجة الولايات المتحدة لتهديدات الصين المتزايدة، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق إنه بعد عقودٍ من السذاجة والإنكار بدأ نهج واشنطن تجاه بكين أخيراً في التكيف مع الواقع والتشدّد خلال إدارة ترامب، كما حافظت إدارة بايدن إلى حدّ كبير على سياسة سلفها. إذ ما تزال الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لمعاقبة الصين على سرقة الملكية الفكرية سارية، ويقوم الرئيس بايدن ببلورة لائحة وزارة التجارة التي بدأها ترامب بهدف إبقاء البرامج والمعدات الصينية الخطرة خارج شبكات الاتصالات المحلية.

ويضيف أنه على الرغم من هذه الخطوات التصحيحية، فلا تزال هناك العديد من المجالات التي تحتاج واشنطن إلى تعزيز نهجها فيها، خاصة من خلال التأكد من توقف المصالح الخاصة القوية داخل الولايات المتحدة عن تقويض قدرة البلاد على مواجهة الصين. ويأتي عالم التمويل كمكان مناسب للبدء. حيث تمول مدخرات التقاعد لملايين الأمريكيين حالياً تحديث البنية العسكرية لبكين، وتدعم الشركات الصينية المتواطئة في الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية.
فبالنسبة لبكين لا يوجد ببساطة بديل لأسواق رأس المال الأمريكية، التي يتجاوز عمقها وسيولتها نظيره في بقية أسواق رأس المال على مستوى العالم. وهناك عدد قليل من شركات التكنولوجيا الصينية الناجحة التي لم يتم إطلاقها بأموال وخبرات من شركات رأس المال الاستثماري في وادي السيليكون. حيث تم تصنيف كل من علي بابا وبايدو برأس مال أمريكي.
اقرأ أيضاً: هل تؤدي جائحة كورونا إلى تمكين الصين على حساب الولايات المتحدة؟
ويقترح ماثيو بوتينغر على إدارة بايدن فرض حظر على شراء صكوك الدين من الشركات المدرجة على القائمة السوداء، وتوضيح أن الشركات الفرعية التابعة لها محظورة على المستثمرين الأمريكيين أيضاً. مشيراً إلى أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أيضاً اعتماد قائمة سوداء مماثلة للاستثمار، والتخلي بشكلٍ دائم عن اتفاقية التجارة التي يتفاوض عليها مؤخراً مع بكّين. وقد تم تجميد الاتفاقية بالفعل، بعد أن فرضت بكين عقوباتٍ على برلمانيين أوروبيين، ومراكز بحثية، لتسليطهم الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في الصين. وينبغي على الاتحاد الأوروبي الآن الانسحاب إلى الأبد.

أما بالنسبة للمسؤولية المجتمعية، فإن مجموعة واسعة من الشركات الصينية -من شركات التكنولوجيا الرائدة إلى الشركات المصنعة التي تصدر عالمياً- تعمل مع أجهزة الأمن في بكين، لتعقب وسجن أقلية المسلمين الأويغور، وإجبارهم على العمل القسري، وفقاً لبوتينغر.
وفيما يتعلق بحوكمة الشركات، فإن خلايا الحزب الشيوعي الصيني، التي تعمل في الأغلب سراً، تمارس قدراً كبيراً من السيطرة في كثيرٍ من الأحيان على الشركات الصينية؛ مما يشكل استهزاء واضحاً للمعايير الغربية لشفافية الشركات واستقلالها.
اقرأ أيضاً: كيف تسلل الحزب الشيوعي الصيني إلى شركات بريطانية؟
كما يتعين على واشنطن بذل المزيد من الجهد لإحباط خطط بكين للهيمنة على تصنيع أشباه الموصلات. حيث إن القادة الصينيين يدركون جيداً أن معظم تقنيات القرن الحادي والعشرين -بما في ذلك اتصالات الجيل الخامس، والبيولوجيا التركيبية، والتعلم الآلي- مبنية على أشباه الموصلات المتقدمة. وبناءً على ذلك، فقد ضخّ القادة الصينيون أكثر من 100 مليار دولار من ميزانيات الدعم لبناء صناعة الرقائق الإلكترونية الصينية، وكانت النتائج متباينة.

ويرى بوتينغر أن لدى الحزب الشيوعي الصيني العديد من الأسباب الأيديولوجية والاستراتيجية للتفكير في غزو تايوان. حيث يتم إنتاج معظم الرقائق الإلكترونية المتقدمة في العالم بواسطة شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات. ويشكل سعي بكين للسيطرة على سوق الرقائق الإلكترونية حافزاً اقتصادياً للقيام بذلك. وبالطبع، يمكن للحرب أن تلحق أضراراً جسيمة بالمصانع التايوانية، التي ستكافح على أيّة حال، للحفاظ على الإنتاج بدون تصميمات ومعدات الرقائق الإلكترونية الغربية.
اقرأ أيضاً: رئيس وزراء أستراليا السابق كيفين رود يتحدث عن مستقبل العلاقات بين واشنطن وبكين
ويقول بوتينغر أنه بغض النظر عن حسابات بكين، يجب على واشنطن أن تسعى إلى القضاء على أيّة ميزة صينية محتملة في صناعة أشباه الموصلات، من خلال دعم مصانع الرقائق الإلكترونية الجديدة في الولايات المتحدة. كما “يتعين على وزارة التجارة الأمريكية إبطاء جهود بكين لتوسيع إنتاج مصانعها من خلال تطبيق قيود أكثر صرامة على تصدير المعدات الأمريكية الصنع المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات، ليس فقط للرقائق الإلكترونية المتطورة، ولكن أيضاً لتلك التي يزيد عمرها عن جيلين”.
الديمقراطية في مواجهة الطغيان
ويشير ماثيو بوتينغر إلى لعبة صراع الديمقراطية والشمولية التي تحدث بين الصين والولايات المتحدة بحسٍّ إيجابي، مستشهداً بفشل محاولة بكين الأخيرة لإجبار أستراليا على الامتثال للسياسة الصينية. حيث راهن زعماء الحزب الشيوعي الصيني على أن الشركات الأسترالية التي تعاني من حظرٍ تجاري مستهدف، ستضغط على حكومتها لتقديم تنازلات سياسية لبكين.

لكن الشعب الأسترالي -بما في ذلك كبار رجال الأعمال والمصدرين- أدركوا أن الإذعان للإنذار الصيني يعني الخضوع لنظام جديد خطير. فقد استوعبتِ الشركات الأسترالية الخسائر، وتغلبت على الحظر، ووجدت أسواقاً جديدة. وقرر الأستراليون أن سيادتهم أهم بكثير من المبيعات، ومما لا شك فيه أن ذلك أربك أولئك الذين افترضوا أن كانبرا ستضع المصالح الاقتصادية لأستراليا قبل قيمها التأسيسية.
اقرأ أيضا: كيسنجر يجيب عن أسئلة الغرب المُلحة.. عن الصعود الصيني ومسائل أخرى
يقول بوتينغر: “بعد أن لعب الحزب الشيوعي الصيني هذه الورقة، فلن يتمكن من القيام بذلك مرة أخرى، بقدرٍ كبير من التأثير في أستراليا أو في أي مكان آخر، ما دامتِ الديمقراطيات متيقظة لما هو على المحك”. ويضيف أنه نظراً لأن الشركات جهات فاعلة اقتصادية وليست سياسية، فإن المسؤولية تقع على الحكومة لوضع مبادئ توجيهية للتعامل مع الخصوم.
وبوجود معايير جديدة صارمة، يمكن لواشنطن أن تهيئ الساحة أمام جميع الشركات الأمريكية، مع تجديد التزامها بتجربة الولايات المتحدة مع الديمقراطية التي استمرت 245 عاماً، بدلاً من الرضوخ لتجربة الحكومة الصينية مع الشمولية الجديدة.
“لكن بدون مثل هذه المبادئ التوجيهية، فإن الشركات والأموال والمؤسسات الأمريكية ستكون مُجبرة على خدمة أهداف بكين بدلاً من المبادئ الديمقراطية”.
♦مستشار أول في مبادرة الماراثون، كما شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي من 2019 إلى 2021.
المصدر: فورين أفيرز