الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
كيف تحوّلت قطر إلى “سلة مالية” لتركيا؟
قطر تتحوّل إلى "مالية" تركيا، دون أن تدرك مضار ذلك!

كيو بوست –
اختارت دولة قطر أن يكون حليفها الرئيس في الاقتصاد كما في السياسة، رجب طيب إردوغان، خصوصًا أن الطرفين متهمان عربيًا بإدارة شركات لا تحصى في مجال دعم حركات التطرف، وتقديم تسهيلات رسمية واستضافة المتهمين بالإرهاب.
قطر التي افتتحت أكبر قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، بدأت تفتتح أكبر قواعد اقتصادية تركية، إذ بلغ عدد الشركات التركية العاملة على الأراضي القطرية نحو 330 شركة، تتركز معظمها في مجال المقاولات والإنشاءات. وبحسب تصريحات لرئيس غرفة التجارة القطرية خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، فإن “حجم المشروعات التي تقوم بتنفيذها شركات تركية في قطر تبلغ نحو 11.6 مليار دولار”.
اقرأ أيضًا: الليرة التركية تهوي إلى مستوى قياسي وارتفاع جنوني في الأسعار
وفي إطار التحركات الاقتصادية التركية على الأراضي القطرية، زار الدوحة مؤخرًا وفد لرجال أعمال أتراك من مدينة “سيرت”، للتباحث في فرص الاستثمار والعلاقات التجارية بين البلدين. ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن الاستثمارات التركية في قطر، تسير لمصلحة الأولى، نظرًا لأن السوق القطرية مبنية على الاستهلاك، فيما لا يتخطى الإنتاج القطري حدود إنتاج “البتروغاز”، الذي يجري تصنيفه كسلعة “تجارية” مُباعة، وليست استثمارًا مستدامًا.
وعلى عكس الاستثمارات التركية التي تغزو السوق القطرية، في ظل غياب التكافؤ بين السوقين، من الواضح أن الدور القطري ينحصر في دفع الأموال، مقابل الحماية العسكرية التركية، وهو ما يسميه الاقتصاديون بـ”منح اقتصادية” تقدمها قطر مقابل مردودات عسكرية.
وبلغت الصادرات التركية لقطر في عام 2016 ما مقداره 421 مليون دولار فقط، لتزداد بنسبة 84% بعد افتتاح القاعدة العسكرية التركية في قطر، مع خطط تركيا للوصول إلى 4 أضعاف الاستثمار الحالي، وهو ما يوضح علاقة الابتزاز القائمة بين السوقين التركية والقطرية.
وصرّح رئيس جمعية “موصياد” التي تضم رجال الأعمال والصناعيين الأتراك، في يناير/كانون الثاني 2018، بأن حجم ما تستورده قطر يصل إلى 5 مليارات دولار، لافتًا إلى أن تركيا تطمح إلى الاستحواذ على 2-3 مليار دولار على الأقل من قيمة تلك الواردات.
اقرأ أيضًا: هل تعرف ما هي “موصياد”؟ ولماذا تشكل خطرًا كبيرًا على الدول العربية؟
وتم تطبيق خطة رئيس جمعية “موصاد” حرفيًا عندما تم تأسيس فكرة معرض “إكسبو تركيا” في الدوحة، الذي شارك فيه حوالي 150 شركة في مجالات البناء والأثاث والأغذية والطاقة وغيرها.
ويؤسس ذلك لاستحواذ اقتصادي تركي متنام على الأراضي القطرية، إذ لا تملك قطر ما تعطيه لتركيا سوى المال، بينما الشركات المنتجة جميعها تركية، وعائداتها من العملة الصعبة والأرباح تذهب أيضًا إلى تركيا، مما يحرم قطر على المدى الطويل من تأسيس اقتصادي وإنتاج وطني، ويبعدها عن الاعتماد على ذاتها لتوفير السلع الاستهلاكية للمواطنين.
كما شهدت الدوحة في بداية هذا العام، افتتاح أكبر متجر إلكتروني في قطر، باسم “من تركيا إلى باب منزلك”، لتوصيل 100 ألف منتج تركي إلى قطر عبر البريد، في وسيلة أخرى لهيمنة المنتجات التركية على السوق القطرية.
وتأتي مخططات تركيا للاستفراد بالسوق القطرية والاستحواذ عليها، بعد سلسلة من التحولات الاقتصادية التي أصابت الاقتصاد التركي، وخسارتها لمعظم الأسواق الكبرى في العالم العربي؛ فالتحوّلات التي شهدها الاقتصاد التركي والارتفاع القياسي بمعدلات التضخم وانخفاض قيمة الليرة هذا العام، اندمجت بالتقلبّات السياسية التي قام بها إردوغان؛ فالسياسة التركية تنتهج طريق “حافة الهاوية”؛ من مهاجمة إسرائيل إعلاميًا، ثم تقوية العلاقات الاقتصادية معها، وانقطاع الحلم بالدخول للاتحاد الأوروبي، ثم توتر العلاقات الاقتصادية مع دول كثيرة.
وفي ظل سوء سمعة الأوضاع التركية الداخلية، بعد أن أصبحت مفاتيحها الاقتصادية والسياسية، بعد اضطراب ضخم، في قبضة الرئيس إردوغان وصهره بيرات ألبيرق، مما أفقد ثقة المستثمرين بالاقتصاد، لأن المراسيم الجديدة التي أصدرها إردوغان بعد الانتخابات، جعلت البنك المركزي مرتبطًا بالرئاسة، وبالإضافة لدمج وزارتي الخزانة والمالية، وتشكيل مجلس لتنسيق الشؤون الاقتصادية تشرف عليه الرئاسة أيضًا! مما جعل مراقبين اقتصاديين يصفون الحالة الاقتصادية لتركيا بأنها تتجه نحو “اقتصاد الطوارىء”، وهو ما يشوّه سمعة الاقتصاد التركي عالميًا!
اقرأ أيضًا: خبير اقتصادي: 3 أسباب وراء تدهور الليرة التركية