
ترجمة كيو بوست –
نستعرض في هذا التقرير أسلوب قطر في ممارسة وجهٍ من وجوه القوة الناعمة، التي تهدف إلى “تنظيف سمعتها الدولية” بعد أن تأثرت سلبًا في أعقاب تورطها بدعم مجموعاتٍ إسلاميةٍ متطرفة، بالإضافة إلى تدخلاتٍ في دولٍ عربية وإقليمية، أدت إلى نزع الاستقرار فيها.
ومن خلال قراءة الأحداث وفقًا لتسلسلها الزمني، يمكن للقارئ أن يُدرك بشكلٍ جليّ أن النظام في قطر يعمل على تجنيد بعض الشخصيات الغربية المعروفة والمؤثرة، لا سيّما الأمريكية والمقربة من الإدارة الأمريكية، لدفعها إلى الكتابة في مختلف وسائل الإعلام الغربية، للترويج للرواية القطرية، ونفي جميع شبهات دعم الإرهاب من حولها، وحثّ الإدارة الأمريكية على التدخل لإنهاء المقاطعة الخليجية ضدها.
ومن المثير للدهشة أن “أبواق” قطر في الولايات المتحدة استبقوا وصول الوفد القطري إلى واشنطن أمس الثلاثاء، وسارعوا إلى الكتابة في صحفٍ ومجلاتٍ عدّة، يدعون فيها واشنطن إلى “التدخل بحزمٍ من أجل إنهاء “الحصار” على قطر”. وشدّدوا فيها “على أن ديمومة “الحصار” ستلحق الضرر بالمصالح الأمريكية العليا وبحلفائها في المنطقة”.
المستشارة الأمريكية المعروفة د. آن سبيخارد
آن سبيخارد هي مستشارة البنتاغون ووزارة العدل الأمريكية لشؤون التطرف والإرهاب، أستاذة الطب النفسي في جامعة جورج تاون الأمريكية، مديرة المركز الدوليّ لدراسة التطرف العنيف.
بعد زيارتها للدوحة، واجتماعها بوزير الدفاع القطريّ ومسؤولين في وزارة الخارجية، بتاريخ 22/1/2018، كتبت د. آن سبيخارد مقالة في مجلة “مودرن دبلوماسي” الأمريكية بتاريخ 30/1/2018، تحت عنوان “قطر ولعبة إلقاء اللوم على الإرهاب”، تكيل فيها المديح للنظام القطريّ، وتنتقد اللجنة الرباعية العربية لمكافحة الإرهاب.
دعت “سبيخارد” في مقالتها الدول الخليجية إلى إنهاء المقاطعة ضد قطر، قائلة “إن النظام القطري يحارب التطرف والإرهاب ولا يسنده؛ بل إن الدوحة تفي بالتزاماتها بمكافحة الإرهاب، لذا نأمل من واشنطن القيام بدور الوساطة لإنهاء “الحصار” عليها، الذي يهدّد بشكلٍ مباشر المصالح الوطنية الأمريكية، وحلفائها إقليميًا ودوليًا”.
وما يثير الانتباه أنها لم تتردد في نشر صورها إلى جانب وزير الدفاع القطريّ في الدوحة، بتاريخ 22/1/2018، عبر حسابها على تويتر، إذ كتبت تعليقًا فوق الصورة “اجتماعي بوزير الدفاع القطري” و”أمام مبنى وزارة الخارجية القطرية” فوق صورة أخرى.
ووفقًا لموقعها الشخصي على الإنترنت، الذي يحمل اسمها، فقد عملت على تقديم استشارات للعديد من الحكومات الأوروبية، بالإضافة إلى وزارتي الدفاع والعدل الأمريكيتين، حول طرق وقاية وإعادة إصلاح الأفراد المتورطين في العنف والإرهاب الجهادي.
كما واعتمد عليها البنتاغون عام 2007 في تصميم برنامج إعادة إصلاح المعتقلين في العراق، بالإضافة إلى خدماتها الاستشارية لوزارة العدل الأمريكية، والمخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات الفدرالي. وقد ترأست مركز أبحاث الناتو لعقد ورشات عمل حول الأيدلوجيات المتطرفة، وطرق معالجة أسباب التطرف.
المحامي الأمريكي كريستوفر نيكسون كوكس
كريستوفر كوكس شخصية مقرّبة من الرئيس دونالد ترامب، إذ أكدت مجلة “نيويورك بوست” الأمريكية الشهيرة أن “كوكس” انضم إلى الرئيس الأمريكيّ في إقامة حفلٍ بمناسبة عيد الشكر في منتجع “مار لاغو” على شاطئ النخيل في ولاية فلوريدا. ووفقًا لها، فإن “كوكس” مرشحٌ قويّ لشغلِ منصب السفير الأمريكيّ لدى الصين. كوكس أيضًا هو حفيد -الرئيس الـ37 للولايات المتحدة- نيسكون.
نشر “كوكس” يوم الثلاثاء 30/1/2018 مقالة في مجلة “نيوز ماكس” الأمريكية تحت عنوان “الإدارة الأمريكية وقطر تتوحدان من أجل مكافحة الإرهاب”.
وقد كتب هذه المقالة بالتزامن مع زيارة الوفد القطريّ لواشنطن، بعد أسبوعين فقط من إتمام زيارته إلى الدوحة، التي سنستعرض تفاصيلها في إطار هذا التقرير.
تحدث “كوكس” في مقالته عن زيارة الوفد القطريّ إلى واشنطن، وقال إن “قطر أصبحت شريكًا حقيقيًا للولايات المتحدة، وهي عازمةٌ على خلق آلاف الوظائف للأمريكيين هنا في الولايات المتحدة”. وأضاف أن “قطر تفعل كلّ ما بوسعها في الحرب على الإرهاب، وأصبحت شريكًا حاسمًا في مكافحة التطرف”. وقال أيضًا إن “قطر لا تعتمد سياسة تمويل الإرهاب كما تدّعي الحكومات الخليجية المجاورة”.
من الجدير ذكره أن “كوكس” زار الدوحة بتاريخ 13/1/2018، الأمر الذي أكّده المؤلف والإعلامي الأمريكيّ “جون باتشلور”، الذي يدير برنامجًا إذاعيًا صباحيًا على راديو WABC الأمريكي في مدينة نيويورك.
وقد تواجد “باتشلور” إلى جانب “كوكس” في الدوحة منتصف هذا الشهر، لإجراء حواراتٍ إذاعية صباحية على الإذاعة الأمريكية حول “أضرار الأزمة الخليجية على المنطقة، وأهمية الاقتصاد القطري محليًا وخارجيًا”.
وقال “باتشلور” في برنامجه الصباحي: “أهلا بكم .. أنا جون باتشلور، أتواجد الآن مع كريستوفر نيكسون كوكس في الدوحة”. واستضاف على البث المباشر خبيرة اقتصادية أمريكية تحدثت عن “أهمية قطر في تزويد المنطقة والعالم بالغاز الطبيعي، ودورها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مختلف الساحات”، وقد استمر الحديث معها لمدة 7 دقائق قبل الانتقال إلى ضيفٍ آخر.
ووفقًا للتسجيلات الصوتية التي نشرتها “مجلة أكاست” الأمريكية المتخصصة في نشر الحوارات الإذاعية، استضاف “كوكس” خلال البثّ المباشر وزير الدفاع القطري خالد العطية، للحديث عمّا وصفه “الظلم الممارس على قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين”. وقد استمر الحوار لمدة 21 دقيقة، أسهب خلالها الوزير القطريّ في الحديث عن “سياسات الدوحة الشفافة، ومحاربتها للإرهاب، ودورها الفعّال في مكافحة أشكال التطرف كافة، وتحقيق السلام في الشرق الأوسط”.
وبالرجوع إلى مقالته على مجلة نيوز ماكس، ذهب “كوكس” إلى حدّ القول إن نجاح المعركة ضدّ داعش في العراق وسوريا ارتبط بشكلٍ مباشرٍ بالنظام القطري، إذ قال “إن النصر العسكري الذي حققه ترامب ضد داعش في العراق وسوريا لم يكن ليتحقّق لولا جهود الدوحة التي توفر لنا قاعدة العديد الجوية، التي أصبحت شريكًا إستراتيجيًا لواشنطن، تعمل على زيادة فعالية العمليات العسكرية الأمريكية”.
وفي دفاعه عن تورّط قطر في النشاطات الإقليمية المتطرفة، قال كوكس “إن حكومة الدوحة لم تدعم الإرهاب بأي شكلٍ من الأشكال في تاريخها، لأن هذا يتناقض مع قيم ومعتقدات قطر، بل تعاونت وفعّلت قوانين منع تمويل الإرهاب”.
وفي هجومه على السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي -مستثنيًا الدوحة- أضاف “كوكس” أن “العديد من دول الخليج تعتبر مصادرٌ رئيسةٌ لتمويل الإرهاب، وأن حجم الإرهاب الذي تصدّره السعودية يُقزّم الجهود القطرية [لمكافحته]”.
وأنهى “كوكس” مقالته داعيًا الدول الخليجية إلى “اللحاق بركب قطر”، وقال “إن لم تنجح الدول الخليجية الأخرى في تبنّي نموذج قطر في مكافحة الإرهاب، سيتواصل تدفّق التمويل إلى المجموعات الإرهابية في أفغانستان، وستندلع حربٌ أهلية أفغانية تستوجب تدخّل الولايات المتحدة، الأمر الذي يعني مزيدًا من التكاليف، فضلًا عن فقدان الكثير من حياة الجنود الأمريكيين. لقد كان ترامب محقًا في إقامة علاقةٍ وثيقةٍ مع قطر، لوقف تدفق تمويل الإرهاب القادم من دول مجلس التعاون الخليجي، التي ينبغي عليها أن تلحق بركب الدوحة وواشنطن في حملتهما المضادة على الإرهاب”.
المحامي اليهوديّ الأمريكيّ المعروف د. آلان ديرشوويتز
آلان ديرشوويتز هو رجل القانون الأمريكيّ الشهير، أستاذ القانون الدستوريّ في جامعة هارفارد العريقة، من أبرز الحقوقيين في محكمة الجنايات الدولية.
بعد دفاعه عن قطر وهجومه على السعودية في مقالته على مجلة “ذي هيل” الأمريكية الشهر المنصرم، التي أكد فيها زيارته للدوحة على نفقة وحساب أمير قطر، واصل “ديرشوويتز” حملته الهادفة إلى الترويج للرواية القطرية.
فقد كتب مقالة جديدة أول أمس 29/1/2018 في صحيفة “جيروزلم بوست” الإسرائيلية الصادرة بالإنجليزية، أكد فيها على مواقفه الداعمة لسياسات قطر، ورفضه لاتهامات دعم الإرهاب الموجهة للنظام في الدوحة. كما وشدد على ضرورة “الوساطة الأمريكية لإنهاء “الحصار” عن الدوحة؛ الذي يضرّ بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط”.
ومن الجدير ذكره أن “ديرشوويتز” انقلب في مواقفه السابقة المناهضة لسياسات قطر بعد إتمام زيارته إلى الدوحة مطلع العام الحاليّ.
غربيون آخرون موالون للنظام القطريّ
من بين أبرز “أبواق” قطر الأمريكيين، الأكاديمي والناشط السياسي الأمريكي البارز د. ساشا توبريش، الذي استبق زيارة الوفد القطري إلى واشنطن بمقالة كتبها على “مجلة ذي هيل” الأمريكية يوم الخميس المنصرم 25/1/2018، طالب فيها الإدارة الأمريكية “بعدم الوقوف مكتوفة الأيدي إزاء “حصار” قطر، وضرورة التوسّط بين الطرفين لإيجاد حلّ لها”.
ولم يتردد “توبريش” في الاعتراف عبر حسابه الرسمي على تويتر بأنه أجرى لقاءات مكثفة مع وزير الخارجية ووزير الدفاع القطريين في الدوحة، يوم الإثنين الموافق 22/1/2018.
وكذلك الصحفي البريطاني أنتوني هاروود، الذي كتب مقالة مطلع هذا الأسبوع على صحيفة العربي الجديد في لندن، يطالب فيها الإدارة الأمريكية بالعمل على إنهاء “حصار” قطر وحل الأزمة الخليجية. واعتبر أن “عدم قدرة واشنطن على إقناع الطرفين على الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية شاملة، يعني أن المصالح الأمريكية ستذهب أدراج الرياح في الشرق الأوسط”.
التركيز على شخصيات موالية لإسرائيل
ومن ضمن جهود قطر في اختيار الزعماء اليهود الأمريكيين، كشف رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية، مورتون كلين، لصحيفة هآرتس أمس الثلاثاء 30/1/2018، الذي زار الدوحة سرًا بعد توجيه أمير قطر دعوة شخصية له، أن “قطر تستخدم أسماءً موالية لإسرائيل لتنظيف سمعتها الملطخة بدعم الإرهاب”.
وأضاف “كلين” للصحيفة أن قطر لم تختر أحدًا من اليهود المعروفين بموالاتهم للسلام، مثل منظمة “جي ستريت” أو “أمريكيون من أجل السلام” أو “حركة الإصلاح اليهودية”، بل إن “الدوحة ركزت على اليهود المعروفين بموالاتهم للحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس ترامب”.