الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
كيف تتورط إيران وأمراء الحرب في إغراق اليمن بالسلاح والجريمة؟

كيوبوست
اعترف أحد مهربي الأسلحة، الملقى القبض عليهم مؤخراً، بوجود شبكة لتهريب الأسلحة، تزدهر في مناطق خليج عمان وخليج عدن والصومال واليمن، والتي تزود زبائنها في كل من الصومال واليمن بالأسلحة القادمة على الأرجح من إيران. وحسب الاعترافات، تعمل الشبكة، داخل اليمن، على تزويد المتمردين الحوثيين بالأسلحة. لكنّ مهربي الأسلحة -عموماً- لا يبالون -غالباً- بالمستفيد النهائي من العملية؛ إذ يعملون عادةً لمختلف الأطراف؛ مما يُسهم في ازدهار تجارة الحروب وإطالة أمد الصراعات.
تسببت الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط في ازدهار تهريب الأسلحة، في جميع أنحاء المنطقة. وقد تفاقمت هذه المشكلة بسبب الضعف الناجم عن القرصنة، وظهور شركات الأمن الخاصة، وأمراء الحروب، وفساد المسؤولين، وضعف قدرات قوات خفر السواحل، وغياب القدرة على تطبيق القانون، في أماكن مثل اليمن والصومال.
اقرأ أيضاً: اشتباكات شبوة.. هل حانت نهاية الإخوان في اليمن؟
الصراع الدائر في اليمن، جعل خليج عدن نقطة عبور رئيسة لشحنات الأسلحة المتجهة إلى كل من اليمن والصومال. في البر اليمني، أسهمت الشواطئ الجنوبية والغربية الطويلة المفتوحة، وتعدد أطراف الصراع، والفساد والتواطؤ، في تكوين خط تهريب يمتد مئات الكيلومترات من الأطراف الساحلية، وعبر الصحراء الشاسعة، وصولاً إلى المتمردين الحوثيين في أقصى الشمال.
خطوط التهريب
خلال اعترافه، ذكر إبراهيم عمر، الملقى القبض عليه مؤخراً، بعض الخطوط والنقاط التي تمر من خلالها الأسلحة المهربة؛ منها خليج عمان وخليج عدن بحراً، وسواحل حضرموت والمهرة، ورأس العارة القريبة جداً من باب المندب. اعترف إبراهيم باتصال خليته مع مسؤول من طرف المتمردين الحوثيين؛ يُدعى علي محمد حلحلي، كما شرح كيف يتم استلام الأسلحة من عرض البحر في خليج عمان، أو من بندر عباس في إيران، وتهريبها إلى بربرة في الصومال أو إلى السواحل اليمنية.
تعتبر سواحل المهرة، أقصى جنوب شرق اليمن، إحدى النقاط الأساسية؛ لاستلام الأسلحة المهربة من إيران. وفقاً لمصادر خاصة لـ”كيوبوست”؛ يتم نقل الأسلحة براً من المهرة، ومنها إلى وادي حضرموت، ثم عبر الصحراء في محافظة مأرب؛ للوصول إلى الوجهة النهائية في مناطق سيطرة الحوثيين. حسب المصادر، تتغاضى نقاط التفتيش، التابعة للحكومة الشرعية، في هذه المناطق عن عملية التهريب، رغم علمها بها.

رأس العارة، في محافظة لحج؛ هي إحدى النقاط الأساسية الأخرى التي أشار إليها إبراهيم عمر. ووفقاً لمصدر خاص آخر، تحدث إلى “كيوبوست” -شريطة عدم ذكر اسمه؛ لأسباب تتعلق بسلامته- فإن ضباطاً وعسكريين يمنيين يشاركون في عملية التهريب تلك، وهي عملية ذات اتجاهَين؛ إذ يتم تهريب الأسلحة المنهوبة أو المشتراة من اليمن إلى الصومال، واستلام الأسلحة المهربة من إيران. حسب معلومات غير مؤكدة، نقلها المصدر ذاته، يتورط رجال من الجيش في الصومال -أيضاً- في هذه العملية؛ على الأرجح بسبب عدم قدرة الحكومة -غير المعترف بها- على شراء الأسلحة.
تشابك المصالح
يظهر من اعترافات إبراهيم عمر، والمصادر الأخرى، أن عملية تهريب الأسلحة تشترك فيها عدة أطراف؛ تلتقي مصلحتها في الحصول على السلاح والمال، بغض النظر عن الأيديولوجيا، ومن غير الضروري علم الأطراف أو معرفتها التامة ببعضها. وعلى الرغم من فظاعة تلك النتيجة؛ فإن الأسوأ من كل ذلك هو أن المصدر الأساسي لكل هذه العملية هو إيران، كما أن اليمن ليس المنطقة الوحيدة المتأثرة بهذا النشاط الإجرامي؛ بل الصومال أيضاً، وما يرتبط بالبلدين من دول مجاورة.
اقرأ أيضاً: إخوان اليمن نحو مزيدٍ من التصعيد في عدن
هناك عدد من العوامل التي أسهمت في ازدهار تهريب الأسلحة، في إفريقيا وخليج عدن؛ أولها الجماعات الإرهابية، مثل حركة الشباب، وداعش، والقاعدة، والمتمردين الحوثيين؛ مما أدى إلى زيادة الطلب على الأسلحة في المنطقة.
ثانياً، جعل الصراع الدائر في اليمن خليج عدن نقطةَ عبور رئيسية، لشحنات الأسلحة المتجهة إلى كل من اليمن والصومال، بل ودول أخرى؛ مثل السودان، ليس بالنظر إلى حالة الانفلات الأمني في اليمن فقط، بل بشكل أساسي بسبب العلاقة الوثيقة بين المتمردين الحوثيين وإيران. وحسب اعترافات آخرين -أيضاً- يدير أشخاص مقربون من رأس القيادة الحوثية شبكات تهريب سلاح ضخمة.
اقرأ أيضاً: وثائقي عن حرب اليمن يقلب الحقائق ويلعب على التناقضات!!
يُذكر أن الهدف النهائي للحوثيين وإيران، ليس دائماً الحصول على السلاح، بل يمكن أن يكون -كذلك- الحصول على المال، من خلال بيع السلاح لجماعات أخرى في اليمن والصومال.
لا شك أن الصراع والحرب يرتبطان بتهريب الأسلحة. عندما تكون البلدان في خضم الصراع؛ يكون هناك طلب أكبر على الأسلحة والذخيرة. يخلق هذا الطلب فرصاً لمهربي الأسلحة للربح من خلال بيع أسلحة غير مشروعة لكلا طرفي النزاع. يمكن أن تؤدي هذه التجارة، غير المشروعة، إلى تأجيج الصراعات، وإطالة أمدها، مما يؤدي إلى المزيد من الموت والدمار.
ليس السلاح فقط
يعتبر خليج عدن من أخطر الأماكن لتهريب السلاح؛ بسبب موقعه بين الصومال واليمن، وهما دولتان متورطتان في صراع منذ سنوات عديدة. وقد سمحت القدرة -شبه المعدومة- على تطبيق القانون والرقابة والحماية، لمهربي الأسلحة بالعمل بقدرة كبيرة على الإفلات من العقاب، وتزويد كلا الجانبين بالأسلحة. في دائرة التهريب الواسعة هذه، يعتبر الحوثيون مستورداً أساسياً للأسلحة المهربة من إيران، بينما يعمل أمراء الحرب والمسؤولون الفاسدون، من الحكومة الشرعية، على تهريب السلاح من اليمن إلى الصومال.

لكن السلاح ليس العنصر الوحيد في الشحنات المهربة؛ فبما أن أحد الأغراض الأساسية هو الحصول على الكسب السريع؛ فإن المخدرات وغيرها من الممنوعات، تأتي في القائمة أيضاً، حسب ما كشفه الكثير من التحقيقات، بعد إلقاء القبض على المهربين وحمولتهم. إضافة إلى كل ذلك، تُعد أماكن؛ مثل رأس العارة إحدى نقاط تهريب الخارجين على القانون والمجرمين وغيرهم ممن يرغبون في مغادرة البلاد دون وثائق ثبوتية.
تعتبر تجارة الأسلحة، غير المشروعة، مشكلة رئيسية، تجب معالجتها، إذا كنا نرغب في رؤية سلام في منطقة خليج عدن. تحتاج الحكومات، ذات العلاقة، إلى بذل المزيد من الجهد للقضاء على مهربي الأسلحة ومنعهم من إمداد المتورطين في النزاع بالأسلحة؛ لكن بشكل أساسي أيضاً، ينبغي على المجتمع الدولي الضغط على إيران؛ للكف عن نشاطها التخريبي، والمزعزع للاستقرار في المنطقة. عندها فقط سنرى انخفاضاً في العنف، وميلاً إلى التفاوض الجاد من أجل السلام.