الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كيف بنى مودي ونتنياهو تحالفاً عسكرياً؟

كيوبوست- ترجمات
سوميت جانجولي♦
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالة تناولت بالنقد والتحليل كتاب “أوطان معادية.. التحالف الجديد بين الهند وإسرائيل” لآزاد عيسى. يتمحور الكتاب، الذي صدر هذا العام، حول كيف تعمَّقت العلاقة الهندية- الإسرائيلية وتوسَّعت على نحو كبير في العقود القليلة الماضية، وأصبحت علاقة متعددة الأوجه، تمتد من التدفق السنوي للسياح الإسرائيليين الشباب، الذين يأتون إلى شواطئ الساحل الغربي للهند للاسترخاء بعد خدمتهم العسكرية، إلى التعاون في الزراعة بالتنقيط، وإلى بيع الأسلحة المتطورة.
إن هذه الشراكة الوثيقة لها تداعيات كبيرة على السياسة الإقليمية والعالمية؛ إذ إن العلاقة الثنائية الوثيقة تُمكِّن كلا الطرفَين من أداء دور أوسع في الشرق الأوسط؛ خصوصاً في الخليج العربي. ويتضح هذا على نحو متزايد من مشاركتهما في الترتيب الرباعي الجديد، مجموعة “آي 2 يو 2” أو مجموعة “I2U2″، وهو ترتيب مصمم للحد من نفوذ الصين في المنطقة، وأيضاً طمأنة الحلفاء بشأن التزام الولايات المتحدة الدائم تجاه المنطقة.
اقرأ أيضًا: الهند تعزِّز وجودها في الشرق الأوسط
تقارب متدرج
يشير الكتاب إلى أن العلاقة الهندية- الإسرائيلية ظلت تاريخياً بعيدة كل البعد عن أن تكون وثيقة. كانت الحركة القومية الهندية حذرة من دعم دولة تأسَّست على أساس ديني، وقلقة من أنها يمكن أن توفِّر الشرعية لمنافسة الأسس الأخلاقية الباكستانية. علاوة على ذلك، كانت أجزاء من مؤسسة السياسة الخارجية الهندية تتعاطف مع العالم العربي انطلاقاً من المشاعر المشتركة المناهضة للاستعمار. كانت القيادة السياسية في نيودلهي حساسة أيضاً تجاه أكبر أقلية دينية في الهند، المسلمين، الذين كانوا في الغالب غير ميالين إلى إسرائيل. وهكذا، ظلت العلاقة ضعيفة، بل وسرية.
ولكن، ابتداءً من أواخر التسعينيات، شهدت العلاقات تحسناً كبيراً في ظل الحكومات اليمينية التي يهيمن عليها حزب بهاراتيا جاناتا. وبطبيعة الحال، كانت إسرائيل حريصة على المساعدة؛ لأن الهند كانت سوقاً محتملةً مربحةً. حدث هذا التحوُّل في ظل حزب بهاراتيا جاناتا؛ لأنه، على عكس حزب المؤتمر، لم يكن لديه الالتزام الأيديولوجي نفسه تجاه القضية الفلسطينية والعالم العربي. علاوة على ذلك، لم يكن لديه المخاوف نفسها بشأن الناخبين المسلمين في الهند.

علاقات متعددة الأوجه
تتمتع الهند اليوم بعلاقة متعددة الأوجه مع إسرائيل، من التبادل السياحي المكثف إلى عمليات شراء الأسلحة المتفوقة. لقد أصبحت الهند أقل دعماً للقضية الفلسطينية منذ وصول مودي إلى السلطة في عام 2014، حتى مع بقائها ملتزمة بها علناً. على سبيل المثال، في عامَي 2015 و2016، امتنعت الهند عن التصويت على قرار للأمم المتحدة كان من شأنه إحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم حرب مزعومة ارتكبت خلال أزمة غزة عام 2014.
إن حجة آزاد عيسى المركزية هي أن الشراكة الأمنية بين الهند وإسرائيل قد تبلورت بالفعل في العقد الماضي؛ خصوصاً في عهد مودي، وأنها أصبحت أكثر بروزاً بسبب ظهور قوى عرقية قومية قوية في كلا البلدَين. وهكذا، يجادل عيسى بأن شراكة الهند المتنامية مع إسرائيل تستند إلى تقارب وجهات النظر الأيديولوجية العرقية القومية.
يريد عيسى أن يثبت في هذا الكتاب أن الشراكة الاستراتيجية المزدهرة بين الهند وإسرائيل تنطوي على التخلي عن جميع النوازع الأخلاقية، وتستند على نحو متزايد إلى تقارب الميول الأيديولوجية، وكذلك العلاقات المادية ذات المنفعة المتبادلة عبر مجموعة من المجالات، من التجارة إلى الدفاع.

قواسم مشتركة وتلميحات
القاسم المشترك بين الحكومتَين الهندية والإسرائيلية -كما يجادل عيسى- هو عدائهما المعلن تجاه الأقليات: المسلمون في الهند والعرب المسلمون في إسرائيل. يرى عيسى، بشكل صحيح، أنه على الرغم من الإيماءات العابرة نحو الحفاظ على حقوق الأقليات، فإن كلاً من مودي ونتنياهو يرغبان في تحويل بلديهما إلى ديمقراطيات عرقية تمنح امتيازات لمجتمع الأغلبية، وهو خط من التفكير لا يمكن التشكيك فيه حقاً. لقد ساعدت هذه القواسم المشتركة بالتأكيد الحكومتَين على تعزيز علاقاتهما الثنائية.
على الجانب الآخر، فإن كتاب عيسى مليء بالتلميحات التي لا تصمد أمام التمحيص والتدقيق. وبدلاً من الاعتراف بأن الدول تحصل بشكل روتيني على أسلحة متطورة من أي مورد يرغب في توفيرها لها بتكلفة معقولة، يلمح إلى أن علاقة نقل الأسلحة الهندية- الإسرائيلية المزدهرة تنطوي على خطط شريرة.
اقرأ أيضًا: الهند.. استمرار الصراع والتطرف كمحفز على الإرهاب
على وجه التحديد، يركز على نقل أجهزة الاستشعار الإلكترونية التي يمكن نشرها على طول الحدود للكشف عن المتسللين. ونظراً لخبرة إسرائيل الكبيرة في هذا المجال، ومشكلات الهند الحدودية ذات الجبهتَين مع باكستان والصين، فإن قرار نيودلهي الحصول على هذه التقنيات ليس صادماً. وعندما تتوافق كل من الاعتبارات البراغماتية للأمن القومي والتقارب الأيديولوجي، تصبح صفقات الأسلحة هذه شائعة.
من ناحية أخرى، يثير شراء الهند ونشرها معدات المراقبة المحلية، برنامج “بيجاسوس”، من شركة إسرائيلية خاصة، الذي كُشف عنه النقاب في يوليو 2021، تساؤلات جدية حول التزام حكومة مودي بحماية الخصوصية والحريات المدنية للمعارضين في الهند. يناقش عيسى هذه القضية بإيجاز، ويؤكد كيف أن الحصول على هذه التكنولوجيا يرقى إلى مثال آخر على قلة اهتمام الحكومتَين بالحريات المدنية. ومع ذلك، كانت هذه صفقة تجارية وليست نقل تكنولوجيا من حكومة إلى حكومة.
كما يتحدث عيسى بإسهاب عن الجماعات المؤيدة للهندوتفا في الولايات المتحدة، وعلاقاتها بالمنظمات المؤيدة لإسرائيل هناك أيضاً. هذه الروابط، بلا شك، موجودة، ومع ذلك، ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت مؤثرة في تشكيل وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الهندية- الإسرائيلية كما يلمِّح. وعلى وجه التحديد، يؤكد أنهم طوروا علاقة مريحة من المصلحة المتبادلة؛ حيث تعزِّز كل مجموعة العلاقات بين الحكومات اليمينية في الهند وإسرائيل.
ليس هناك شك في أن منحنى الشراكة الهندية- الإسرائيلية قد شهد تحولاً كبيراً تحت قيادة مودي ومع صعود نتنياهو. لا شك أن المشروعات العرقية القومية المشتركة للزعيمَين عزَّزت التقارب المتزايد بين الدولتَين. إنه لأمر مؤسف أن حجة عيسى الأساسية الدقيقة تتضاءل بسبب إغفال الوقائع والادعاءات المثيرة للجدل.
المصدر: فورين بوليسي