الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
كيف استنسخت حركات الإسلام السياسي نظرية المؤامرة النازية؟
هذه هي أوجه الشبه بين حركات الإسلام السياسي وهتلر!

كيو بوست –
كان هتلر سباقًا في استخدام “نظرية المؤامرة” لاستعباد الشعب الألماني، وخوض حروب طويلة الأمد أنهكت العالم، وأزهقت أرواح عشرات الملايين من البشر.
ومن أجل أهدافه، استخدم هتلر نظرية المؤامرة، التي تبدو بالنسبة للمستبدين أسهل الطرق للفوز بخوف الشعب، فالخائفون يلجأون إلى من يعتقدون أنه منقذهم الوحيد من الأعداء الوهميين.
وقد استخدم هتلر في البداية اليهود، كأعداء محليين يحيكون المؤامرات ضد ألمانيا من أجل إضعافها، ونهب اقتصادها، فجرى ترداد تلك المقولة على سمع وبصر الألمان ملايين المرات، حتى أصبحت شبه حقيقية، ثم قام بعدها بتأسيس الوحدات العسكرية الخاصة، تحت مسمى تطهير ألمانيا من اليهود، وبالتالي استطاع عبر تلك الأجهزة الخاصة، قمع أي معارض له، وحوّل الشعب الألماني إلى شعب متجانس، يدين بالولاء لشخص “الفوهرر” قبل الولاء لألمانيا ذاتها.
ولذلك استطاع هتلر اللعب على مخاوف الشعب الألماني، حتى استطاع استعباده، ثم جيّش الشعب لخوض حروب لا طائل منها في معظم أنحاء العالم.
نظرية المؤامرة التي استخدمها هتلر من أجل الفوز بالانتخابات، وقمع المعارضين، وإخراج كل من يختلف مع الجنس “الآري” من المجتمع، كل ذلك كوّن الأسس الأولى لنشوء النازية وتوحشها، حتى رفعت شعار السيطرة على العالم، لأن الجنس الآري له وحده الحق في سيادة البشرية!
ومما يؤكد على سلطوية الأفكار النازية اندثار الفكر النازي بعد هزيمة ألمانيا عسكريًا، وموت الشخوص الذين أداروا تلك الأفكار!
جميع تلك الأفكار عن السيادة المحمولة على نظرية المؤامرة، انتهت تقريبًا من العقل البشري، باستثناء حركات الإسلام السياسي، ورأس حربتهم جماعة الإخوان المسلمين، الذين ما يزالون يلعبون على ذلك الوتر، ويدّعون بأن الإسلام مهدد ويتعرض لحرب عالمية في الخفاء، وأن الدين لن ينجو من تلك المؤامرة، إلا من خلال وصولهم إلى السلطة، مصورين أنفسهم كحماة للدين، بالنظرة السلطوية ذاتها المبنية على مخاوف الشعب التي مارستها النازية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.
التشابه بين النازية وحركات الإسلام السياسي لا يقتصر على إيجاد عدو خفي متآمر، مثل الغرب والأقليات الدينية والمذهبية وغيرهم، بل يمتد إلى خلق “آرية” خاصة بهم، مثل أن الذي يعارض تلك الحركات داخليًا، حتى لو كان من الدين ذاته، يعتبر ولاؤه مشكوكًا فيه، ما لم يكن ينتمي لفكرة الحزب.
ومن أجل ذلك أنشأت حركة الإخوان المسلمين، في بداياتها، ما يسمى بـ“الجهاز الخاص” لتنفيذ عمليات اغتيال ضد معارضين للجماعة، وضد أفراد لا يتخذون من مبدأ “السمع والطاعة” منهجًا في حياتهم السياسية، بما يشبه “الجستابو” لدى هتلر، الذي مارس عمليات قمع واغتيال داخل الحزب النازي نفسه.
كما يتواجد معادل إخواني في القيادة، مشابه “للفوهرر” الذي يعلو ولاء النازيين له على الولاء لألمانيا، هو “المرشد”، المتحكم بجميع قرارات الجماعة ومستقبلها، ويكون قراره السياسي بمثابة “الفتوى” الدينية، غير القابلة للنقد أو للتفنيد. ومن يشك بضرورة وأهمية موقفه، يكون قد أخرج نفسه تلقائيًا من الدين، بحسب عقيدة الإخوان التي لا تسمح بالنقد، سواء كان المرشد مصيبًا أو مخطئًا.
ولذلك من النادر أن تجد إخوانيًا يقيّم بعقلانية تجربة الإخوان في السنوات الأخيرة، ووصول الجماعة من أعلى درجات السلطة في الدولة والمجتمع، إلى أسفلها، بعد كمية المغامرات السياسية التي قامت بها قياداتها، سواء في مصر، أو في سوريا، التي حولوا فيها ثورة الشعب السلمية إلى حرب أهلية!
فالولاء للمرشد الإخواني، يشبه ولاء الألمان حين استعبدتهم النازية وأخذتهم إلى جبهات خاسرة، دون أن يجرؤوا على سؤال أنفسهم “إلى أين نحن ذاهبون؟ ولماذا؟!”، وهي الحالة ذاتها من الانقياد الأعمى التي يعيشها الإخوان في الوقت الحاضر، بعد انقشاع ما سمي بـ”الربيع العربي”، الذي أضر بأحداثه الدموية الإخوان وأوطانهم، دون أن يجرؤوا على طرح أي سؤال علني عن مصيرهم!
ولكن في عز هزيمتهم، تظل فقط عقدة حكم العالم تراودهم، حتى دون أن تتوفر الأسباب العقلانية لذلك!