الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون دوليةشؤون عربية

كيف استفادت الجماعات الإرهابية في سوريا من فاجعة الزلزال؟

تحدث الباحث في مركز الأهرام أحمد كامل البحيري في مقابلةٍ مع "كيوبوست" عن التنظيمات الإرهابية في الشمال السوري وكيفية تعاملها مع تداعيات الزلزال

كيوبوست

تباين تعامل التنظيمات الإرهابية في إدلب مع الزلزال المدمر الذي وقع في سوريا وتركيا الأسبوع الماضي، التباين الذي جاء نتيجة اختلاف الأضرار التي خلفها الزلزال، والمصالح المتباينة لكل جماعة، جاء في وقت سجلت فيه حصيلة الضحايا أكثر من 41 ألف قتيل بسوريا وتركيا، وسط مخاوف أممية من تزايد أعداد الضحايا، وتأخر وصول المساعدات لبعض المناطق المنكوبة لاسيما في سوريا.

في مقابلةٍ مع “كيوبوست”، تحدث الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل البحيري، عن وضعيةِ التنظيمات المتطرفة في الأراضي السورية، وطريقة تعاملها مع الوضع الذي خلفه الزلزال، ودرجة تأثيره عليها.

اقرأ أيضًا: المأساة والتضامن

أحمد كامل البحيري

يقول البحيري إن وجود تنظيم داعش في مساحة مختلفة جغرافياً بعيداً عن التي وقع فيها الزلزال جعلت درجة تأثره أقل نظرياً، حيث يعمل على استغلال ما حدث لتوظيفه سياسياً بالحديث عن فكرة الابتلاء التي وقعت في الأراضي التي لا يسيطر عليها، مشيراً إلى أن التنظيم يسعى نحو تجنيد مزيدٍ من المقاتلين وكسب أنصار جدد.

وأضاف أنه بالرغم من كون التنظيم يحاول إظهار عدم تضرره من الزلزال وتداعياته فإن هذا الأمر يبدو غير صحيح بناءً على عدة دلائل من بينها صدور جريدة “النبأ” الخاصة بالتنظيم للمرة الأولى منذ عام 2014 في 8 صفحات بدلاً من 12 صفحة، وهو أمر يرجَّح أن له علاقة بتمركز الوحدة الإعلامية الرئيسية للتنظيم في شمال غرب سوريا، المنطقة الأكثر تضرراً من الزلزال.

اقرأ أيضًا: سوريا.. بين مطرقة الزلزال وسندان العقوبات

ما يستند إليه البحيري في دعم تفسيره هو تأخر نشر بعض البيانات والمعلومات عن ما يجري تنفيذه على الأرض، من جانب تنظيم الأعماق الذي ينشر الأخبار متأخراً، على عكس ما كان يقوم به سلفاً، وهو ما يدعمه أيضاً تنفيذ عمليات استهداف قادة التنظيم بهذه المنطقة، رغم عدم سيطرته عليها.

تنسيق مشترك

يقول الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن وجود القيادة المركزية لتنظيم داعش في شمال غرب سوريا، يكون من خلال التحالف والتنسيق مع تنظيماتٍ، على غرار تنظيم القاعدة، لاسيما في ظل وجود تنسيقاتٍ مسبقة بين الجانين، وبمشاركة جماعاتٍ أخرى.

يعتبر البحيري أن هيئة تحرير الشام هي الفائز الوحيد من الزلزال حتى الآن، خاصة وأن قائدها محمد الجولاني يحاول تسويق نفسه باعتباره زعيماً للمعارضة، نافياً صلته بما يسمَّى “الجهاد العالمي” أو وجود علاقة بينه وبين “تنظيم القاعدة”، لافتاً إلى أنه يقدم نفسه للمجتمع الدولي كسياسيٍّ معارض ذي توجه ديني، يسيطر على منطقة شمال غرب سورياً، والمفاوض الأول في المنطقة، مع الاقتراب من مفهوم الحكم الذاتي عند الأكراد بشرق سوريا.

تعرضت سوريا لزلزال مدمر- وكالات

يوضح الباحث المصري رؤيته المستندة إلى المؤتمرات الصحافية الكبيرة التي عقدها الجولاني منذ الزلزال والظهور بمظهر رجل الدولة، مشيراً إلى أنه سعى لتوظيف الكارثة الإنسانية التي حدثت من أجل الاستفادة وتحقيق مصالح مرتبطة بالتسوية السياسية المحتملة، وضمان وجود مقعد له في حال التفاوض والتعامل مع الهيئة، باعتبارها جبهة معارضة، وليست تنظيماً إرهابياً.

وأوضح أن هذا الأمر ليس بجديد على السياسة التي ينتهجها الجولاني منذ فترة، من خلال محاولته إظهار نفسه بالمعارضة الساعية للسيطرة على المنطقة التي يوجد فيها، وليس الانخراط في أي أعمال إرهابية، مشيراً إلى أن مؤتمراته الصحافية الأخيرة شهدت حضوراً إعلامياً مكثفاً من وسائل الإعلام العالمية، بما يخدم الصورة التي يرغب في إيصالها للمجتمع الدولي.

شاهد: فيديوغراف.. الإمارات توجه بمساعدات عاجلة لسوريا وتركيا بعد الزلزال‎‎

يشير بحيري إلى أن هيئة تحرير الشام تسعى لتكوين جبهة جديدة تحت مسمَّى تجمع “الشهباء” من أجل توحيد الجماعات المتشرذمة، والعمل على تقديم رؤية موحدة في الفترة المقبلة، لكن تحقيق هذا الأمر يبقى محل شك، لاسيما وأنه سببٌ في جزءٍ من الخلاف بينها وبين أنقرة.

خسارة تركية

يعتبر البحيري أن التنظيمات القريبة من تركيا هي الخاسر الأكبر من الزلزال لعدة أسبابٍ، منها الغضب الشعبي، وتحميل مسؤولية التأخر عن أعمال الإغاثة للسلطات الرسمية في سوريا وتركيا، الأمر الذي أدى لارتفاع عدد الضحايا، بالإضافة إلى عدم تدخل تركيا لمساعدة المتضررين في الأراضي السورية التي تسيطر عليها التنظيمات التابعة لها، على غرار ما حدث من تدخلات في أراضيها، وهو الأمر الذي أدى لخلق حالة من الكراهية والعنف ليس فقط تجاه أنقرة من السوريين الموجودين بهذه المناطق، ولكن أيضاً تجاه التنظيمات الموالية لها.

وأضاف أن هناك أرقاماً صادمة يُتوقع الإعلان عنها لضحايا الزلزال في المناطق السورية خلال الأيام المقبلة، نظراً لوجود أحياء بالكامل تعرضت للتدمير نتيجة الزلزال لافتاً إلى أن الوضع الإنساني صعب للغاية في هذه المنطقة، وساعد الوضع السياسي المتأزم في مزيدٍ من التعقيد له.

أودى الزلزال بحياة أكثر من 13000 شخص في تركيا وسوريا- بي بي سي

يختتم أحمد كامل البحيري حديثه بالتأكيد على أن التوظيف السياسي لحادث الزلزال لم يقتصر على جماعةٍ بعينها، ولكنه امتد ليشمل الجماعات كافة، سواء التي تعرضت مناطقها لضررٍ مباشر منه أم لا، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من اتضاح الرؤية حول شكل العلاقات بين الجماعات الموجودة بالمنطقة، لاسيما مع وجود سوابق بالاندماج بين بعض هذه الجماعات خلال السنوات الماضية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة