الواجهة الرئيسيةترجمات
كيف أثرت الطباعة الورقية بعصر النهضة والإصلاح الديني؟
بحسب أينشتاين فإن مرحلة الانتقال من النسخ إلى الطابعة لا تختلف كثيرًا عما نحياه الآن من تحول إلى الإلكترونية

ترجمات – كيوبوست
حققت إليزابيث آينشتاين شهرتها الواسعة كمؤرخة من خلال عملها البحثي في تاريخ الطباعة الورقية؛ فقد أرَّخت للتأثير الثوري الذي أحدثه اختراع الطباعة على الحضارة الغربية، لكن أهم ما يميز إليزابيث هو أنها قدمت محتوًى علميًّا مُبتكرًا تمامًا.
وعلى الرغم من تقاعد آينشتاين من عملها بالتدريس في جامعة متشجن؛ فإن كتابها الأهم الذي حقَّق لها باعًا كبيرًا بين مؤرخي العصر الحديث ما زال مرجعًا مهمًّا في هذا الصدد. وكانت آينشتاين قد أصدرت كتابها عام 1979 تحت عنوان “الطباعة الورقية كعامل للتغيير.. التحولات الثقافية والاتصالية في أوائل التاريخ الأوروبي الحديث”. وهو مؤلف ضخم يتكون من مجلدَين بحجم 800 صفحة، وقد حظي بالترجمة إلى عديد من اللغات حول العالم، وما زالت المكتبات تستقبل طبعات جديدة منه حتى الآن.
تحولات ضخمة
أكدت آينشتاين النتائج المهمة والخطيرة لاختراع الطباعة؛ فانتشار أماكن بيع المطبوعات الورقية عبر أوروبا لم يكن مجرد تعبير عن ظهور سلعة جديدة، بل أدى إلى تحولات ضخمة. ولم يكن عصر النهضة أو الإصلاح الديني إلا نتائج مباشرة لهذا الاختراع؛ حتى إن الثورة العلمية التي بدأت في القرن السادس عشر واستمرت بعد ذلك كانت إحدى ثمار الطباعة الورقية أيضًا.
وعندما بدأت آينشتاين البحث في تاريخ الطباعة، اكتشفت وجود كثير من الأبحاث حول تاريخ النسخ في العصور الوسطى؛ أي قبل اختراع ماكينة جوتنبرج للطباعة. كما كان هناك كثير عن الحياة الأدبية في عصر النهضة. وعلى الرغم من ذلك؛ فإنه لم تحظَ السنوات الواقعة بين هاتين الحقبتَين باهتمامٍ كافٍ، تلك السنوات التي تعتبرها آينشتاين نقطة تحول في التاريخ الأوروبي، والتي شهدت الظهور الأول للطباعة.
وكان لظهور الطباعة تأثير ضخم على أوروبا؛ حيث بدأت بتغيير الخريطة المهنية في القارة العجوز. وقد كانت بداية قاتلة لمهنة النسخ القديمة؛ إذ وجد كثير من الناسخين أنفسهم بلا عمل، لكن الملاحظة الأهم، حسب آينشتاين، هي أن مرحلة الانتقال من النسخ إلى الطباعة الورقية لا تختلف كثيرًا عما نحياه الآن من تحول من الطباعة الورقية إلى الإلكترونية.
اقرأ أيضًا: هل يفاقم الكتاب الإلكتروني أزمات دور النشر الورقية؟
وقد اتهم بعض الأكاديميين آينشتاين بالمبالغة الشديدة في تقديراتها؛ حيث اعتبروا ما تشير إليه من تحولات تاريخية يحمل قدرًا كبيرًا من التضخيم، غير أن هناك آخرين يؤكدون العكس.

بين الماضي والحاضر
ولدت آينشتاين في أكتوبر من عام 1923 في مانهاتن لإحدى العائلات البارزة في أمريكا؛ حيث كان جدها لأبيها أدولف لويشون، أحد رجال الصناعة في ذلك الزمن، كما كان والدها أحد رجال الأعمال البارزين والمعروفين باهتمامهم بالعمل العام، بينما كانت أُمُّها أحد رواد الإصلاح التعليمي في أمريكا. وقامت بالتدريس في الجامعة الأمريكية بواشنطن قبل أن تنتقل إلى جامعة متشجن؛ حيث حصلت على كرسي أليس فريمان بالمر عام 1975، وهو أحد المناصب الرفيعة التي يطمح إليها علماء التاريخ، وهناك قامت بالتدريس حتى تقاعدها عام 1988.
حصلت آينشتاين على زمالة مؤسستي جوجينهايم وروكفيللر المهتمتَين بالأعمال الخيرية والعمل العام، كما تم استدعاؤها من قِبَل هيئة الكتاب بمكتبة الكونجرس عام 1979؛ لتكريمها بالحصول على درجة أكاديمي مقيم، وكان ذلك الحدث هو الأول من نوعه في تاريخ المؤسسة في هذا الوقت. ومن بين التكريمات الأخرى التي حصلت عليها كانت جائزة جوتنبرج لعام 2012، والتي تمنحها جمعية جوتنبرج الدولية.
اقرأ أيضًا: الكتاب الصوتي ينافس الورقي.. ولكلٍّ جمهوره
وهناك عديد من المؤلفات الأخرى التي أنجزتها آينشتاين على مدى حياتها؛ من بينها كتاب “أول ثوري محترف في التاريخ” الذي صدر عام 1959، ويدور حول الاجتماعي الطوباوي فيليب بوناروتي، بالإضافة إلى كتاب “مظاهر الطباعة العابرة للثقافات في فرنسا منذ عصر لويس الرابع عشر حتى الثورة الفرنسية”، الذي صدر عام 1992. وأخيرًا كتاب “الفن الديني والماكينة الشيطانية” عام 2011، وتحاول في هذا الكتاب رسم خريطة لكيفية استقبال الناس للطباعة منذ بداية عصر جوتنبرج إلى العصر الحاضر. وتوفيت إليزابيث أينشتاين في يناير 2016 عن عمر يناهز الـ92 عامًا.
المصدر: نيويورك تايمز