شؤون دولية

كوريا(ج) واليابان: قضية “نساء المتعة” تعود إلى الواجهة من جديد

هل تعود الأزمة؟

كيو بوست –

أثرت قضية “نساء المتعة” على العلاقات الكورية الجنوبية واليابانية لزمن طويل، إلا أنها شهدت بوادر حل للأزمة، بدأت تظهر مع توقيع اتفاق عام 2015، بالرغم من الاحتجاجات الشعبية الكورية الجنوبية التي رافقت التوقيع عليه. وقد طالب المحتجون في تلك المظاهرات، حينها، اليابان بشروط أخرى للتوقيع على الاتفاقية. وقد عادت القضية إلى الواجهة من جديد على إثر قرار لحكومة كوريا الجنوبية، اليوم، بأنها لن تقوم بإعادة المفاوضات بشأن إبرام اتفاق جديد مع جارتها في قضية “نساء المتعة”.

 

نساء المتعة

هو تعبير “مخفف” يطلق على النساء والفتيان من دول آسيوية (هي كوريا الجنوبية والصين والفلبين وغيرها)، اللواتي أجبرن على العمل خلال الحرب العالمية الثانية في بيوت دعارة تابعة للجيش الياباني. ويقدر ناشطون من كوريا الجنوبية أن هناك ما يصل إلى 200 ألف ضحية كورية. ولا يزال هناك حوالي 44 امرأة منهنّ على قيد الحياة، من بين 238 تحدثن عن قصصهن.

وبحسب الروايات التاريخية، فإن اليابان أقدمت على أسر فتيات من كوريا الجنوبية، وبلدان أخرى، ليعملن في الجنس في بيوت الدعارة التي يديرها الجيش الياباني. كما تفيد الروايات بأن اليابانيين احتجزوا الفتيات كرقيق للمتعة، وعملوا على تدنيس شرفهن على يد الجنود، ما يعتبر أسوأ إرث خلفة الاستعمار الياباني لكوريا الجنوبية.

أما عن طريق نقل الفتيات من كوريا الجنوبية إلى اليابان، فبينت الشهادات التاريخية أنه كان يتم اختطافهن من منازلهن الواقعة تحت الحكم الإمبراطوري الياباني، وفي أحيان أخرى كان يتم “جذبهن” عن طريق إعطائهن وعود بالعمل في المصانع أو المطاعم، ليجدن أنفسهن مسجونات في “مناطق الراحة”.

ويطلق المصطلح الأخير على المكان الذي كانت توفره السلطات اليابانية للجنود العسكريين لوقايتهم من الأمراض النفسية، وتوفير الراحة لهم، بتقديم “نساء المتعة” كوسيلة لذلك. وفي إثبات ذلك، قدمت الصين عام 2014 نحو 90 وثيقة من أرشيف الجيش، تكشف تأسيس السلطات اليابانية محطات الراحة، وإجبار الفتيات على العمل في بيوت الدعارة. وبينت المصادر أن حوالي ثلاثة أرباع النساء في محطات الراحة قد توفين، فيما أصيبت الناجيات منهن بالعقم، إما بسبب الصدمة الجنسية، أو الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، بالإضافة إلى التعذيب والضرب.

وما يزال الشعب الكوري الجنوبي إلى اليوم يشعر بالمرارة تجاه الاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية الواقع بين عامي 1910-1945.

 

الاتفاق التاريخي عام 2015

توصل الطرفان في 28 كانون الأول 2015 إلى اتفاق تاريخي بشأن قضية “نساء المتعة”. ونصت بنود الاتفاق على أن يقدم رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي” اعتذارًا، بالإضافة إلى تقديم اليابان (8.8 مليون دولار) لصندوق يقدم المساعدة للضحايا، ويخصص هذا الصندوق لمن بقي على قيد الحياة من المتضررات.

لاقى هذا الاتفاق إمتعاضًا من قبل البرلمان والشعب الكوري الجنوبي، إذ وجدوا أنه يحتوي على العديد من الثغرات. وعلى إثر ذلك، طالب المحتجون أن لا يقتصر التعويض على الضحايا اللواتي ما زلن على قيد الحياة، والذي يقدر عددهن بـ44 امرأة، بل وأن يشمل التعويض عائلات من توفين أيضًا. يضاف هذا إلى تصريح رئيس كوريا الجنوبية “مون جاي-إن” بأن الاتفاق لا يلبي احتياجات الضحايا، أما وزيرة الخارجية “كانج كيونج-وا” فقالت إن على اليابان أن تبذل جهودًا إضافية لمساعدة الضحايا على “استعادة شرفهن، وكرامتهن، ومداواة جروحهن”.

في حينه رأت اليابان أن أية محاولة لتعديل الاتفاق، سيؤدي إلى تعقيد العلاقات بين البلدين، وأن الاتفاق الذي وقع جاء نتائج مفاوضات شرعية.

يذكر أن قضية “نساء المتعة” قد خلفت العديد من الأزمات بين الطرفين، والتي كان آخرها في يناير الماضي عندما سحبت اليابان سفيرها لدى الحكومة الكورية الجنوبية، مؤقتًا، وذلك بسبب تمثال “نساء المتعة” الذي وضع خارج القنصلية اليابانية في بوسان ثاني أكبر مدن كوريا الجنوبية، والذي يصور امرأة حافية القدمين تجلس على مقعد في مقابل السفارة.


تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة