الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كواليس قنوات التلفزة الإخوانية في إسطنبول
رسائل جهادية متطرفة تصل من القنوات الإخوانية

ترجمة كيو بوست عن معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط الأمريكي
بقلم المحلل البارز يوتام فيليندر.
بعد أن ثار الشعب المصري على حكومة الإخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي عام 2013، شرعت القنوات التلفزيونية التابعة للإخوان المسلمين المصريين بنقل مقراتها وبثها إلى تركيا. ومنذ ذلك الحين، يعمل الإسلاميون المصريون في إسطنبول بحرية في ظل الرئيس رجب طيب إردوغان وحزب العدالة والتنمية ذي الفكر الإخواني. تعمل هذه القنوات الفضائية على ترويج فكرة استعادة نظام الإخوان في مصر، لكنها تشجع كذلك مجموعة متنوعة من القضايا الإقليمية والعالمية ذات التوجه الإسلاموي، فضلًا عن استخدام خطاب متشدد وتوجيه رسائل جهادية عنيفة.
اقرأ أيضًا: مذيعة في قناة “الشرق”: قادة الإخوان تاجروا بنا واشتروا القصور في إسطنبول!
من القاهرة إلى إسطنبول: نظرة تاريخية
جرى إطلاق أول قناة إخوانية مصرية في القاهرة في أيلول/سبتمبر 2011 تحت اسم “مصر 25″، وذلك في أعقاب بداية ما يسمى “الربيع العربي” الذي هدم أمن بعض الدول العربية واستقرارها. جرى إغلاق هذه القناة بعد عامين، إبان الثورة الشعبية المضادة للإخوان. حاول قادة الإخوان إعادة ترويج القناة تحت اسم “أحرار مصر 25″، لكن تأسيسها في الخارج لم يكن ناجحًا، فاندثرت القناة قبل إغلاقها بشكل كامل.
جرى إطلاق أول قناة إخوانية مصرية في إسطنبول تحت اسم “تلفزيون رابعة”، وبدأت بثها من تركيا عام 2013. وبعد ذلك، أطلق الإخوان عددًا آخر من قنوات التلفزة في إسطنبول، لكن عددًا قليلًا منها يعمل حتى هذه اللحظة؛ فقد أوقفت مزودات الأقمار الاصطناعية الأجنبية، أبرزها يوتلسات الفرنسية، بث القنوات الإخوانية، أهمها “الثورة” و”مصر الآن” و”تلفزيون رابعة”. وفي الوقت ذاته، اضطرت قنوات إخوانية أخرى إلى إنهاء عملها بسبب صعوبات مالية. في عام 2015، أمرت السلطات الفرنسية شركة “يوتلسات” بإزالة قناة “رابعة” من القمر بسبب نشرها صور عنيفة.
ولكن لا تزال 5 قنوات إخوانية مصرية تبث حتى هذه اللحظة من إسطنبول: قنوات سياسية تشمل “وطن” و”مكملين” و”الشرق” و”القناة 9″ و”الدعوة”. القنوات السياسية المذكورة خاضعة بشكل مباشر لإشراف وإدارة شخصيات رئيسة من الإخوان المسلمين المصريين.
اقرأ أيضًا: حرب تسريبات داخل قناة “الشرق” الإخوانية!
كل قناة من هذه القنوات تستهدف فئات محددة من الجمهور؛ فقناة “وطن” تستهدف أعضاء الإخوان ومناصري الجماعة، أما قناة “الشرق” التي يملكها المرشح الرئاسي المصري السابق أيمن نور، وكذلك قناة “مكملين”، فتستهدفان الشباب المصريين الذين بدأوا ثورة يناير/كانون الثاني 2011 في ميدان التحرير. ومن جانبها، تستهدف “القناة 9” الجمهور العربي العام، وتخصص وقتًا أطول للقضايا والشؤون غير المصرية. ومن الملاحظ أن هذه القنوات بشكل عام تنشر فكرًا جهاديًا متطرفًا باستخدام أساليب خطابية موجهة.
تمويل مراوغ
تمتنع قنوات الإخوان المسلمين العاملة في تركيا عن الكشف عن مصادر تمويلها، وفي معظم الحالات، ترفض الكشف عن أسماء مالكيها الحقيقيين. جرى توجيه أسئلة لها حول مصادر تمويلها، فادّعت أنها تحصل على التمويل من رجال أعمال “متشابهين في التفكير” دون ذكر أسمائهم.
ومع ذلك، تشير المعلومات المتوفرة إلى أن المال يأتي في المقام الأول من قطر؛ إذ تعمل الدوحة على تمويل قناة “مكملين”، وهي الوحيدة التي لم تضطر إلى تعليق عملها للحظة برغم الصعوبات المالية المذكورة.
استخدمت القنوات الإخوانية -منها “مكملين”- شركات إنتاج وهمية، أنشئت خصيصًا لإخفاء هوية الممولين القطريين. يمول القطريون كذلك قناة “الشرق” التي اشتراها أيمن نور عام 2015. وقد كشف “رامي جان”، أحد النشطاء المصريين المشبوهين، الذي قضى سنتين في إسطنبول وعمل لحساب “مكملين” قبل عودته لمصر، خلال مقابلة أجريت معه في ديسمبر/كانون الأول 2018، أن “قطر لديها باع طويلة في قرارات قناة الشرق التحريرية”.
محتويات عنيفة ورسائل مغرضة
من الملاحظ أن القنوات الإخوانية المذكورة لا تكتفي بالتلاعب بمحتويات الأنباء والتقارير، بل تعمل على دس معلومات مغرضة عارية عن صحة. على سبيل المثال، ناقش مذيعان على قناة “الشرق” ما إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسي “يتصرف مثل اليهود أم أن والدته يهودية من أصل يهودي”. بينما ظهر “الشيخ سلامة عبد القوي”، مستشار مرسي السابق للشؤون الدينية، على قناة “رابعة” ودعا إلى “اغتيال السيسي”، على اعتبار أن “قتل السيسي عمل جيد يقرب القاتل من الله”.
اقرأ أيضًا: المذيع الإخواني في قناة الشرق طارق قاسم: نحن مهزومون والقايدة خانتنا!
لم تكتف هذه القنوات بالتحريض على “قتل” شخصيات مصرية، بل دعا المعلقون والمضيفون إلى شن هجمات ضد المصالح الأجنبية في مصر، وضد الصحفيين والسياح والدبلوماسيين. في يناير/كانون الثاني 2015، قال “محمد عوض” على قناة “مصر الآن”: “ينبغي قتل الصحفيين المعارضين للإخوان باعتبارهم متواطئين مع السيسي”. بينما قال “وجدي غنيم” في الحلقة ذاتها: “من يستطيع أن يقطع رؤوس الكلاب (الصحفيين المصريين المعارضين للإخوان) سيحظى بمكافئة عند الله”.
ومن جانبه، ذهب تلفزيون “رابعة” إلى حد تهديد الأجانب في مصر، وقد بث بيانًا في أوائل عام 2015 يطالب فيه “الرعايا الأجانب بمغادرة البلاد في غضون أسبوعين، خشية استهدافهم خلال حركة الانتقام الثورية”. كما منح البيان الشركات الأجنبية أسبوعًا إضافيًا لإنهاء عملياتها التجارية على الأراضي المصرية، “قبل استهداف مشاريعها على الأرض”. وفي الوقت ذاته، طالب البيان الدبلوماسيين الأجانب مغادرة البلاد خلال شهر.
الخلاصة
تبرز قنوات التلفزة الإخوانية في إسطنبول تطرفها في بيئة سامة حتى هذا اليوم. وبرغم أن السلطات الفرنسية تمكنت من إزالة بعضها من الأقمار الاصطناعية الفرنسية، لكن الإخوان جاءوا بشبكات أخرى متطرفة. ولذلك، يبدو أن المزيد من التشريعات والتحركات الحكومية هي الملاذ الوحيد للقضاء على هذا المرتع المؤذي.
المصدر: معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط الأمريكي