الواجهة الرئيسيةشؤون عربيةفلسطينيات
كواليس انتخابات “حماس” تكشف عن ازدواجية المعايير
أعادت الحركة انتخاب يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي في انتخابات داخلية أثارت جدلاً واسعاً بين أعضائها الذين يؤكدون افتقارها إلى معايير النزاهة والشفافية

كيوبوست – مصطفى أبو عمشة
شابت الانتخابات الداخلية الحمساوية، والتي أسفرت عن إعادة انتخاب يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس لدورة ثانية، الكثير من الشبهات؛ فالبعض رأى أن الحالة التي سادت أثناء الانتخابات غير متوزانة، وتفتقد معايير النزاهة والشفافية والمساوة، وشهدت حالة استقطاب وتجاذب تعمل على صعود شخصيات محددة، وتهميش شخصيات أخرى.
وفي إشارةٍ صريحة إلى انتقاد انتخابات “حماس” الأخيرة، كان يمكن قراءة تصريح قيادي رفيع في الحركة، وهو النائب عن “حماس” في المجلس التشريعي يحيى موسى، والذي أكد أن “الانتخابات الفصائلية تفتقد النزاهة والشفافية؛ بسبب غياب مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الأعضاء، وعدم حيادية المؤسسة أو بعض أجزائها”، وطالب موسى بـ”دمقرطة كاملة للحركة”؛ من حيث حق الترشح والدعاية وتقديم البرامج وتشكيل القوائم والتحالفات الانتخابية والنشر والاعتراض والطعون، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.
أضف إلى ذلك أن الانتخابات الداخلية للحركة تخضع لتوازنات وتداخلات إقليمية في علاقات الحركة مع أطراف إقليمية؛ أبرزها إيران وتركيا وقطر والإخوان المسلمون، وبالتالي إبراز شخصيات تتماهى مع مثل هذه الحالة من الاستقطاب؛ فما المعايير التي استندت إليها الحركة في انتخاباتها الداخلية؟
اقرأ أيضاً: صدمة في غزة بعد اعتقال شيخ السلفيين بسبب صورة سليماني!
معايير مزدوجة

من الناحية الفعلية، فإن معايير الانتخابات الداخلية داخل حركة حماس غير واضحة بشكل كامل؛ بل يراها البعض تتم وَفق آلية سرية غير معلنة، وهذا ما يذهب إليه الإعلامي الفلسطيني أحمد مازن، الذي يؤكد أن الانتخابات الداخلية للحركة لا تعكس ما تحاول قيادات الحركة نشره بين أطياف المجتمع الفلسطيني، والتي تتمثل في الترويج بأن “حماس” حركة ديمقراطية وانتخاباتها قمة في الشفافية والنزاهة، مشيراً إلى أنه لا توجد صيغة واضحة للترشح للانتخابات؛ بل هناك تزكية فقط، والغريب أن من تتم تزكيتهم لا يقدمون برامج ولا مشروعات إصلاحية ولا خططاً اقتصادية أو حتى سياسية وعسكرية.
ويتساءل مازن، في حديثه الخاص إلى “كيوبوست”، بالقول: “السؤال المهم اليوم هو على أي أساس تتم تزكية وانتخاب هؤلاء الأشخاص في (حماس)، ومَن ينتخبهم وما هدفه وماذا ينتظر منهم؟!”، مشدداً على أن الفائز بالانتخابات فعلياً هو رئيس بلا أهداف ولا خطط واضحة ومعلنة، فكيف سيقيِّمون عمله خلال فترته الرئاسية؟ كل هذا يدل على أن “حماس” ليست حركة براغماتية ومؤسساتية كما يتحدثون؛ بل هي حركة أفراد وأجندات خارجية.
اقرأ أيضاً: هجوم على “حماس” بسبب “الكريسماس”!

وفي ما يتعلق بتأثيرات التوازنات والتدخلات الإقليمية على نتائج الانتخابات الداخلية للحركة، يؤكد مازن أن انتخابات “حماس” تخضع وبشكل مباشر وواضح لاختيار الشخص الأمثل لتمرير أجندات إيران وتركياعلى حساب القضية الفلسطينية، منوهاً بأنه داخل أروقة “حماس” حديث يدور اليوم عن انفتاح عربي للحركة في عهد يحيى السنوار؛ ولكن فعلياً هذا الانفتاح كان أكبر على دولة قطر الممول العربي الوحيد لهم بطلبٍ مباشر من إيران وإسرائيل، إضافة إلى انفتاحٍ سابق على نظام الأسد الذي رفض خالد مشعل مع بداية الثورة السورية الوقوف إلى جانبه؛ ما كلف الحركة الخروج من دمشق، المقر الرئيسي لها خارج غزة، ومن ثم عادوا في عهد السنوار إلى مغازلة الأسد بطلب مباشر من طهران؛ لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل 2011، وامتد هذا الانفتاح المزعوم ليصل إلى “حزب الله” والحوثي “اللذين أصبحت علاقاتهما أقوى من ذي قبل مع (حماس)؛ حيث زارت وفود من (حماس) اليمن ولبنان لأول مرة منذ سنين طويلة”.

رسالة للفلسطينيين
تواكبت انتخابات “حماس” مع فترة التحضير للانتخابات الفلسطينية، وكأنها تريد إرسال رسالة إلى الشعب الفلسطيني بأن “حماس” قوية وتحترم انتخاباتها واختياراتها؛ وهذا ما أكده المحلل السياسي الفلسطيني ناجي شراب، الذي يرى أن الهدف الأساسي من إجراء الانتخابات هو أن “حماس” تريد أن تذهب إلى الانتخابات الفلسطينية بقيادة سياسية جديدة لإعطاء شرعية لها، مشيراً إلى أن انتخابات “حماس” الداخلية هي مرحلة أولى لإيجاد تمثيلٍ لها على مستوى الحركة، وكأنها تريد القول للمنتمين إليها إن هذه القيادة المنتخبة هي مَن لها الحق في الانتخابات الفلسطينية، وبالتالي تريد ضمان الحصول على أكبر نتيجة ممكنة في الانتخابات الفلسطينية القادمة عبر هذه الخطوة، في الوقت الذي نرى فيه اختلافات وانقسامات في حركة فتح.

ويؤكد شراب، في تصريحاتٍ خاصة أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن الساحة الفلسطينية مقبلة على مرحلة سياسية وخطيرة جداً في تاريخ القضية في السنوات الأربع المقبلة لمرحلة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن؛ حيث هناك توجه لحلٍّ سلمي ومرحلة جديدة لاستئناف دائرة المفاوضات مع إسرائيل، وبالتالي قد تهيئ “حماس” نفسها لهذا الدور؛ فهناك عوامل كثيرة تلعب دوراً أساسياً، منها دور جماعة الإخوان وقطر، وكل هذا يصب لتهيئة “حماس” في دورها للمرحلة المقبلة.
شاهد: تناقض تصريحات قيادة “حماس” بين الارتباط بالإخوان والتخلي عنهم إعلامياً حيناً آخر

كما أن الحركة راعت في انتخاباتها إبراز شخوص؛ كيحيى السنوار وإسماعيل هنية وصالح العاروري، وهي شخصيات تربطها علاقات بأطراف فاعلة (تركيا، قطر، إيران، الإخوان)؛ فلا يمكن تجاهل تأثير هذه الدول على توجهات “حماس” وسياق الانتخابات الداخلية للحركة، ويتم ذلك عبر تعزيز حضور شخصيات هي الأقرب إلى تلك المحاور الأربعة.