الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
التوجه الروسي- الإماراتي في مكافحة الإرهاب.. انسجام في الرؤية والأهداف
خبير روسي: العلاقات الروسية الإماراتية أقوى من أي وقت مضى

أبوظبي- كيوبوست
تحمل العلاقات الإماراتية- الروسية طابعًا تاريخيًّا على المستويات كافة، ويعود تاريخ هذه العلاقة إلى عام 1971 في عهد الاتحاد السوفييتي -آنذاك- وازدهرت هذه العلاقة في عهد روسيا الاتحادية؛ الأمر الذي يشير إلى أهمية العلاقات بين البلدَين، باعتبارهما دولتَين مؤثرتَين دوليًّا وإقليميًّا.
من أبرز وجوه التعاون بين البلدَين ملف الإرهاب الذي يعتبر أولوية البلدَين في ظل تنامي هذه الظاهرة العابرة للقارات؛ إذ تمت العلاقة بين البلدَين ضد قوى التطرف والإرهاب، لتعملا جنبًا إلى جنب ضد كل هذه القوى التكفيرية الظلامية، التي عملت مدعومةً من بعض الدول المارقة على زعزعة الاستقرار في الدول العربية.
في 20 أبريل عام 2017، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة للإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، في موسكو، وتصدَّر ملف مكافحة الإرهاب في سوريا وغيرها من الدول المباحثات الثنائية، وبالفعل دعمت الإمارات المساعي الروسية في سوريا؛ لمحاربة التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك استئصال جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا).
اقرأ أيضًا:ترجمات: 5 قضايا بارزة تشرح الدور الإماراتي المتصاعد في المنطقة
وكان موقف الإمارات واضحًا صارمًا في قتال التنظيمات الإرهابية في سوريا، حين بدأ التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية؛ إذ قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، إن بلاده مستعدة للمشاركة في أي جهد دولي يتطلب تدخلًا بريًّا لمكافحة ما وصفه بالإرهاب في سوريا، مفضلًا أن يكون هذا التدخل بقيادة تحالف عربي، موضحًا عدم رفض الإمارات قيام القوات الروسية بعمليات ضد تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة، إلا أنه شدد على أن أي تدخل بري أجنبي قد يُعَقِّد المشهد.
ويقول الصحفي الروسي كيريل كريفوشيف، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: “إن العلاقات الإماراتية- الروسية اليوم أقوى من أي وقت مضى، نتيجة الظروف الإقليمية والدولية وتنامي المخاطر الإيرانية على منطقة الخليج وكذلك تنامي التطرف”، لافتًا إلى أن الدولتَين تعملان على الاستقرار الإقليمي والدولي، وهذا ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف كريفوشيف: “زيارة الرئيس الروسي إلى الإمارات تؤكد رغبة البلدَين في التعاون في عديد من الملفات؛ وعلى رأسها مكافحة الإرهاب في المنطقة”، لافتًا إلى أن التوجه الروسي- الإماراتي في ملف الإرهاب واحد ويحمل تطابقًا واضحًا في الرؤية والأهداف في مكافحة التطرف والإرهاب؛ خصوصًا في سوريا ومصر.

تطابق الأفكار
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في دعم الاستقرار في مصر، عقب تخلُّص المصريين من حكم الإخوان المسلمين وطيّ صفحة سوداء من تاريخ مصر، وذهبت إلى تأييد كل الخطوات التي أقدم عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مكافحة الإرهاب؛ خصوصًا ضد تنظيم داعش الإرهابي في صحراء سيناء.
في المقابل، أيَّدت روسيا الإرادة الشعبية المصرية التي ساندها الجيش، فوجدت مصر في روسيا داعمًا عالميًّا قويًّا وسط تلك الأجواء السياسية المضطربة؛ بل عملت موسكو على دعم مساعي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، بينما في الوقت ذاته تحارب موسكو بقايا التنظيم في سوريا. وفي الحالتَين كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم الدول التي تدعو إلى التنسيق الأمني بين الدول لاجتثاث هذه التنظيمات، وَفق رؤية متناغمة بين الإمارات ومصر وروسيا؛ من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة والعالم.
اقرأ أيضًا: كيف صقلت الإمارات سياستيْها الداخلية والخارجية بمفهوم التسامح؟ أكاديمية إيطالية تجيب
وليس من الصدفة على الإطلاق أن يكون الموقف الإماراتي متناسقًا مع الموقف الروسي في ليبيا، في دلالة على الخط المشترك الذي تتبعه الدولتان؛ ففي ليبيا تطابقت الرؤى الإماراتية- الروسية بشكل كبير ضد الجماعات المتطرفة والإرهابية، إذ وقف كلٌّ من أبوظبي وموسكو على ذات الخط الوطني الليبي؛ من أجل استعادة قرار الجيش الوطني الليبي ضد القوى المتطرفة المدعومة من قطر وتركيا.
وحظي القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، بالدعم الإماراتي لبلاده في مواجهة التنظيمات الإرهابية والفوضى التي أحدثها تنظيما القاعدة وداعش في بلاده. وفي الوقت ذاته كانت روسيا من أبرز الدول التي وقفت إلى جانب المشير حفتر، باعتباره الركيزة الأساسية في مواجهة تنظيمَي القاعدة وداعش.
وهذا الانسجام الإماراتي- الروسي في عديد من الملفات الأمنية واتباع الدولتَين النهج نفسه في مواجهة الإرهاب، يؤكدان عمق العلاقة الاستراتيجية بين البلدَين، في ملف مكافحة الإرهاب.
بالنسبة إلى الإمارات تشكل مسألة مكافحة الإرهاب والتطرف أولوية ومسألة مبدئية؛ إذ دعت دولة الإمارات في الأمم المتحدة منذ عام 2007، إلى إنشاء تحالفات استراتيجية دولية؛ تهدف إلى تعزيز مكافحة الخطاب الإرهابي حول العالم، وحذرت من التحديات الدولية المعقدة والخطيرة التي تشكلها ظاهرة الإرهاب العابرة للحدود، والتي لا تنحصر آثارها على دول معينة فحسب، بل تمتد تهديداتها إلى عديد من الدول. (2)
وفي هذا المجال تشترك مع موسكو في مساعيها الدائمة لدحر التطرف والإرهاب أينما كان؛ ما يدل على مضي الدولتَين قدمًا في استراتيجية مكافحة الإرهاب، وهذا يجعل من العلاقات بين البلدَين أكثر تطورًا ومتانةً، باعتبارها ترتكز على قواعد سياسية واقتصادية وأخرى أمنية.. وفي هذا الإطار ستكون زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ذات أبعاد متعددة؛ أبرزها التنسيق الأمني ضد كل ما يهدد أمن المنطقة والعالم.