الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
كتاب جديد وخطير يُنسب “للحوالي”، وباحثون مختصون يشككون
إجماع على أن عناصر إخوانية هي من كتبت الكتاب، بعلم الحوالي أو بدون

خاص كيو بوست – منى العتيبي
كتاب جديد منسوب لسفر الحوالي يدعو للتحالف مع طالبان وتركيا في الوقت نفسه، يحرم الابتعاث، ويشجع على الطائفية، يهاجم السعودية وبعض الدول العربية الأخرى، فيما يعلي من شأن تركيا، وفكر الإخوان، ويتضمن أفكارًا متطرفة تشرعن الدم والقتل، فهل كتب “الحوالي” هذا الكتاب فعلًا رغم ظرفه الصحي السيء منذ 2005؟ وهل تغيرت أفكار الحوالي لدرجة التناقض داخل الكتاب نفسه؟ أم أن الكتاب منسوب للحوالي، بعضه أو كله؟
خطورة الكتاب المسمى “المسلمون والحضارة الغربية” وأفكاره، دفعت كيو بوست لاستطلاع آراء باحثين ومفكرين إسلاميين اطلعوا على مضامين الكتاب، ولديهم معرفة ودراية بفكر “الحوالي”.
العساكر: تبني تركي إخواني
يرى الباحث في الجماعات الإرهابية نايف العساكر أن الكتاب كتب بأساليب متعددة، وليس بأسلوب واحد: “هذا يعرفه من له خبرة ومعرفة بعلم الأسلوب والصياغة، وهذا ما يؤكد على أن من تبناه هو مراكز القوى الإخوانية المدعومة من قطر وتركيا”. متابعًا: “لما كان الكتاب بهذا الحجم من التناقضات والتلون، فهذا يثبت بأن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين هو الذي تولاه عبر مراكز القوى البحثية والإعلامية، إعدادًا ونشرًا، بإشراف سفر الحوالي”.

وقال العساكر في تصريحاته الخاصة إلى كيو بوست: “من العجيب بأن أسلوب هذا الكتاب مشابه لمن كتب مذكرة النصيحة، وقد تجد أسلوب الأحمري وعطوان وغيرهما من الإخوانيين أو عملائهم في الكتاب ذاته”.
وأضاف: “يقوم الكتاب على الثناء الأعمى والمديح المستهجن لإردوغان، ودعم الإرهابيين من خلال الثناء على رموزهم وتبرير إرهابهم، وتبرير علاقتهم بنظام الملالي في إيران، كما أنه عين نفسه مدافعًا عن الحوثيين، منتقدًا للتحالف الذي جاء لإنقاذ اليمن… وفي المقابل يهاجم الكتاب الإمارات ومصر والسعودية، ويحرض عليها”.
وأوضح العساكر: “لذلك جاء في الكتاب تكفير التعاملات الاقتصادية والتجارية والسياسية مع اليهود والنصارى، وجعلها من الموالاة التي تستوجب الكفر، والموجبة للخروج على الحكام”، لكنه في الوقت ذاته لا ينتقد علاقات تركيا بإسرائيل، بل ويدعو للتحالف معها.
وأضاف: “كما حمل كتاب الحوالي عددًا من المؤاخذات التي يرفضها العقل والدين من تحريم الابتعاث، والدعوة للتحالف مع طالبان وتركيا، كما أنه على عادة الإخوان في التهوين من شأن الوطن ووصفهم له بالوثن، وها هو الحوالي يصفه بالحظيرة، كما دعا إلى الطائفية وروج لها”.
وأشار العساكر إلى أن مؤلف كتاب “المسلمون والحضارة الغربية” ناقض نفسه بمطالبته خروج السعودية من هيئة الأمم المتحدة، وغيرها من الهيئات العالمية، وجعلها من أسباب التكفير، قبل أن يطالب بعضوية تركيا في مجلس الأمن.
ابن الشيخ: الكتاب يعبّر عن تفكير الحوالي منذ التسعينيات
يرى الباحث في القضايا الفكرية محمد بن الشيخ أن كتاب “الحوالي” يلتقي بأفكار وبأسلوب وبطريقة سفر الحوالي، منذ أن أعلن عن نفسه معارضًا سياسيًا مطلع التسعينيات في محاضرتيه الأشهر حينذاك: «فستذكرون ما أقول لكم» و«ففروا إلى الله». وبغض النظر إن كان قد كتب الكتاب بنفسه أم نسبه غيره إليه، فهو يعبّر عن تفكير الصحوة ومبادئها، وهو امتدادٌ طبيعيٌ لهذا الفكر وخطابه.

وأضاف: “إن الجديد في الكتاب من وجهة نظري هو دعم تركيا ونقد السعودية… تركيا الجميلة في نظرهم هي من تقيم العلاقات مع إسرائيل بعين الرضا”.
ويشير ابن الشيخ في تصريحاته إلى كيو بوست إلى أن الحوالي مجد في كتابه الدولة العثمانية، وطالب بمقعد دائم لتركيا في مجلس الأمن لأنها تمثل العالم الإسلامي، ووصف الإعلاميين السعوديين بالملحدين، متابعًا: “لا يعترف الحوالي بالأوطان ويراها حظيرة، ولا يعترف بسيادة السعودية ولا حدودها”، مؤكدًا أن الصحوة تتوالد وتتكاثر؛ لأن القيادات التنفيذية تتلون وتتكيف مع الوقت والمكان، لإجهاض أي مشروع فكري ووطني، وقال: “لا يحمل هؤلاء للوطن أي ولاء، فكل ولائهم موجه إلى أيديولوجيتهم المتطرفة ولا شيء غيرها، وهم يعتبرون أن الولاء للوطن عار يلحق بصاحبه”.
الدوسري: أستبعد أن يكون مؤلف الكتاب “الحوالي”!
في المقابل، استبعد الباحث في الجماعات الإرهابية محمد الدوسري، في حديثه إلى كيو بوست، أن يكون سفر الحوالي من كتب كتاب “المسلمون والحضارة الغربية”، معللًا ذلك بأن الوضع الصحي له منذ 15 عامًا لا يمكّنه من كتابة صفحة في اليوم، فـ”كيف يمكن أن يكتب الحوالي ما يزيد عن 3 آلاف صفحة؟!”.

وتوقع أن يكون الكتاب قد ألفه مجموعة حول سفر الحوالي، وأن يكون الأخير مشرفًا عليهم. “أما من ناحية أفكار الكتاب، فهنالك من رأى فكر سفر الحوالي بين طيات الكتاب، إضافة إلى وجود أساليب أخرى، مما يدل على أن النص كتب من قبل مجموعة من الكتاب، لا سيما أن هنالك فصولًا من الكتاب تحمل فكر إسفاف وهجوم، وهذا مختلف مع أسلوب الحوالي في الطرح، إضافة إلى وجود أساليب لجماعات متطرفة، وبعض أعضاء تنظيم الإخوان”.
وتابع: “على رغم من ادعاء الحوالي أنه على خطى علماء السعودية كما ابن باز، إلا أن الحوالي عرف عنه أنه صاحب فكر ورأي مختلف؛ ففكره أقرب إلى الفكر الإخواني، وشبيه بفكر محمد قطب، شقيق سيد قطب، فهو يسير على المسار السروري أو القطبي المعدل، وهو لا يتوافق مع أسلوب الكتاب الذي تهجم، ويدعو إلى إشاعة الفوضى”.
وقال: “الكتاب سيء جدًا، وهو أخطر ما كتب خلال العشر السنوات الأخيرة، فهو يدعو إلى الخروج على الحاكم، والوقوف أمام الدولة، ويعد بمنحى جديد للفكر الصحوي الإخواني”.
وأضاف: “إن الكتاب فيه تهييج للشعوب، وأجد أن هذا الأسلوب بعيد عن سفر الحوالي، خصوصًا أن الحوالي يمشي على خطى محمد وسيد قطب في عدم الاستعجال والتأني، وما ذكر في الكتاب مخالف لطريقته ونهجه، وما يطرحه في محاضراته أو كتاباته السابقة، التي كان يتبع فيها مبدأ السروريين والقطبيين”.
العضاض: من سرب “الكتاب” لم يراعِ وضع “الحوالي” الصحي!
يذهب الباحث في الجماعات الإرهابية خالد العضاض إلى القول بأن هذا الكتاب جاء ليفضح الادعاءات التي درج الصحويون على إطلاقها، من أنهم يدينون بالولاء والسمع والطاعة لولاة الأمر. ويرى الباحث بأن “محتوى الكتاب جاء مناقضًا لنفسه، ومناقضًا لما كان يطرحه الحوالي بعد خروجه من السجن عام 1999، واعتدال فكره في بعض القضايا، خصوصًا ما يتعلق بالوطن والأمن الوطني بشكل عام. والكتاب بالعموم احتوى على مغالطات فاضحة، وغلطات فادحة في الفكرة والتناول، وهو أقل من أن يلتفت إليه، لولا نفخ أعداء الوطن في صورته”.

وتابع العضاض في حديثه الخاص إلى كيو بوست: “ما لا تخطئه العين أن كتاب الحوالي كُتب بأقلام عدة؛ فخلال قراءتي للكتاب قرأت لسعد الفقيه، ولمحمد حامد الأحمري، ولأحمد بن راشد بن سعيد، وغيرهم، في كتاب حمل اسم سفر الحوالي، وهذا يتضح في بعض الإشارات لبعض العلماء والمثقفين الغربيين الذين أجزم يقينًا أن الدكتور سفر الحوالي بعيد كل البعد عن معرفتهم أو الاحتكاك بكتاباتهم”.
“ويتضح كذلك في الحمق الغريب –الذي لا يقع فيه الحوالي غالبًا- في تناول القضايا التي تمس أمن الدولة، والقضايا الوطنية الحساسة التي تدرج تحت بند الخيانة، ويتضح ذلك من الانبطاح التام لبكائيات الإخوان ومظلوميتهم، وهو الذي لم يفعله الحوالي يومًا، نعم هو لا ينتقد أو يقدح جماعة الإخوان -الجماعة الأم للإرهاب- وقد يثني على بعض الشخصيات والمواقف في زمنٍ مضى، لكنه لا يتماهى هذا التماهي الفاقع، كما لو كان أحد القيادات الإخوانية في المنفى التركي، ويتضح كذلك من خلال الجراءة والبذاءات التي كتبت، التي غالبًا لا تصدر إلا عن سفهاء لندن”، أضاف العضاض.
وأضاف أيضًا: “ما يمكن قوله في هذه الصدد، إن الكتاب يتحمل كامل مسؤوليته الحوالي، والقائمون على أمر هذا الرجل المريض -شفاه الله-، لوجود الوقت الكافي لنفي نسبة الكتاب له، أو على الأقل تكذيب بعض ما جاء فيه، مما يجعله تحت طائلة المساءلة والمحاسبة”.