الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
كاتب فرنسي: تركيا تحلم بإمبراطورية عثمانية جديدة
أوروبا والولايات المتحدة تركتا تركيا وحيدة تفعل ما تشاء.. تاركتين بوتين حصناً وحيداً ضد الطموحات العثمانية

كيوبوست- ترجمات
بقلم: أنطوان دو لاكوست
لدى أردوغان حلمٌ؛ هو إعادة تركيا إلى قوتها السابقة؛ إلى سلطة الإمبراطورية العثمانية. كثيراً ما ننسى أن هذه الإمبراطورية كان لها هدفٌ بعيد؛ ألا وهو تدمير العالم المسيحي، هدف تجاوز مجرد غزو الشرق الأوسط والسيطرة على الأراضي المقدسة فيه، وامتد إلى إحكام القبضة على البلقان، مروراً بأسوار فيينا، عبوراً للبحر الأبيض المتوسط، ووصولاً إلى روما؛ الهدف النهائي.
عديدٌ من الخلفاء العثمانيين كانوا يرون أنفسهم وهم يدخلون على ظهور الخيل كاتدرائية القديس بطرس في روما ويحولونها إلى مسجد؛ مثل كاتدرائية آيا صوفيا في القسطنطينية عام 1453؛ لكن المقاومة المستمرة لجزء من العالم المسيحي، في ذلك الوقت، دمرت هذا الحلم كما هي الحال في معركتي ليبانتو أو أوترانتو؛ حيث تشهد جماجم الشهداء المكدسة في الكاتدرائية على تضحياتهم.
اقرأ أيضاً: في ليبيا.. مرتزقة أردوغان متهمون بنشر الفوضى ونقل الوباء
يمكن وضع انهيار الإمبراطورية العثمانية واختفائها بين قوسين؛ لأن تركيا الحديثة العلمانية كانت أكثر دموية، كما حصل في الإبادة الجماعية للأرمن، وطرد العديد من المجتمعات اليونانية؛ وهي خطوة كانت نابعة من الرغبة في التطهير العرقي والديني، التي لم يشأ الغرب رؤيتها آنذاك، كما أن الغربيين قد تغاضوا عن تركيا عندما دعمت بنشاط الجيشَ البوسني من خلال أسلمته في عام 1995، رغم أن الأمريكيين والفرنسيين كانوا مع البوسنيين ضد الصرب في ذلك الوقت.

نحن الإخوان المسلمون، ولسنا كذلك بلا مقابل، يجب فهم جميع مبادرات أردوغان الخارجية وقراءتها عبر تفكيك هذا الخطاب السياسي والديني الذي يتبناه.
وضع أردوغان أنظاره على حدوده الجنوبية، ليبدأ حرباً في سوريا؛ هدفها إسقاط النظام العلوي. وأراد أن يسهم في تعزيز الفضاء السني الذي كان يحلم بأن يكون الحاكم والحامي في تلك المنطقة. ورغم أن التدخل الروسي أدى إلى القضاء على هذا المشروع؛ فإن تركيا ما زالت تحتل عدة أجزاء من الأراضي السورية، في الشمال والشمال الغربي، وتحديداً محافظة إدلب. لا شك في أن تركيا كانت ستحتل معظم سوريا اليوم، لولا تدخل الجيش الروسي.
لكن ذلك ليس كل شيء؛ فتركيا اليوم نشطة على جبهتين أخريين.

في ليبيا أولاً؛ حيث وقع أردوغان اتفاقية سياسية عسكرية مع فايز السراج، رئيس الوزراء المعترف به من قِبَل المجتمع الدولي، والذي وجد نفسه في حالة حرب ضد المشير حفتر، المدعوم من روسيا، وعندما استعاد هذا الأخير ثلثي البلاد، أرسلت تركيا معدات وأسلحة ومدربين، وبضعة آلاف من الميليشيات الإسلامية التي انسحبت من الجبهة الشمالية لسوريا؛ بهدف خلق توازن على الأرض في ليبيا، وهذا التدخل هو الذي سمح لحكومة الوفاق باستعادة عدة مناطق، وكل ذلك حتماً ليس بالمجان.
في مقابل ذلك -وهذه هي الجبهة الثانية- تستفيد تركيا من حقوق عدة في المجال البحري الليبي، وهكذا مدد أردوغان ممتلكاته وحدوده البحرية، في تحدٍّ واضح لحقوق اليونان.
اقرأ أيضاً: كاتب روسي: قد يدفع اقتصاد أردوغان ثمنا باهظا لوجوده العسكري في ليبيا
صحيح أنه ليست لهذه الاتفاقية أية قيمة قانونية؛ لكنها تسمح للبحرية التركية بالإبحار بحرية في البحر الأبيض المتوسط، والتظاهر بأنها في بيتها، بل وشن هجمات منتظمة على شركات النفط والغاز؛ لا سيما حول جزيرة قبرص.
أوروبا والولايات المتحدة تركتا تركيا وحيدةً تفعل ما تشاء، تاركتين بوتين حصناً وحيداً ضد الطموحات العثمانية.
المصدر: بولفارد فولتر