الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

قيس سعيّد يرد على أردوغان: “لسنا ولاية عثمانية”

الدبلوماسي والسفير الأسبق عبدالله العبيدي لـ"كيوبوست": السيادة التونسية مخترقة وعليها مراجعة سياستها

تونس- وفاء دعاسة

اشتدتِ الأزمة السياسية في تونس الأسبوع الماضي، عندما عقد أكثر من نصف أعضاء البرلمان جلسة على الإنترنت لإلغاء الاجراءات والمراسيم الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الصيف الماضي، والذي كان رده بحل البرلمان، واستدعاء راشد الغنوشي وبرلمانيين آخرين لاستجوابهم.

وواجهت هذه الخطوة من الرئيس التونسي، انتقاداتٍ في الداخل والخارج، ففيما عبَّرت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرار حل البرلمان، واصفاً ذلك بأنه “تشويه للديمقراطية”، وضربة لإرادة الشعب التونسي.

اقرأ أيضاً: تونس تمضي قدمًا في انتقالها الديموقراطي

وقال أردوغان في تصريحٍ إعلامي “الديمقراطية نظام يحترم فيه المنتخبُ والمعين؛ كلٌّ منهما الآخر، نحن ننظر إلى التطورات في تونس على أنها إساءة للديمقراطية”.

استدعاء السفير التركي

تصريحات أثارت استنكار السلطات التونسية، التي اعتبرت الموقف التركي “تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي” للبلاد، واستدعت السفير التركي.

وأعربت وزارة الخارجية التونسية، في بيانٍ نشرته عبر صفحتها على “فيسبوك”، الثلاثاء، عن “بالغ استغرابها” من تصريحات أردوغان، مؤكدة أنها ترفض التدخل في الشأن الداخلي للبلاد. كما رأت أن هذا التصريح يتعارض تماماً مع مبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول، مؤكدة أن تونس “تتمسك باستقلال قرارها الوطني، وترفض بشدّة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه”.

من جانبه، أعلن وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي على “تويتر”، صباح الأربعاء، أنه تحدث أيضاً إلى نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو عبر الهاتف، واستدعى سفير أنقرة للتعبير عن رفض بلاده تعليقات أردوغان.

كما أوضح أنه أبلغ الوزير والسفير على السواء، رفض تونس التدخل في شؤونها، مشدداً على أن “علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني، واختيارات الشعب التونسي، دون سواه، وأن بلاده لا تسمح بالتشكيك في مسارها الديمقراطي”.

اقرأ أيضاً: قيس سعيّد يحلُّ البرلمان “الانقلابي”.. وابتهاج تونسي بنهاية الهيمنة الإخوانية

بينما وجه رئيس الجمهورية قيس سعيّد من محافظة المنستير، تزامناً مع إحياء الذكرى 22 لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة رسالة شديدة اللهجة لحركة النهضة وللرئيس التركي أردوغان قائلاً: “جئنا للتذكير بتاريخ تونس.. وتقديراً لما قدمه بورقيبة لتونس بعيداً عن أي توظيف سياسي، كما يحاول الكثيرون أن يفعلوا”..

“نحن لا ننسى تاريخنا، وسنعمل على أن نكمل ما بدأه بعيداً عن أي تدخل في شؤوننا الداخلية، وأنتم تعرفون مواقف بورقيبة من أي تدخل أجنبي.. لنا سيادتنا ولنا اختياراتنا”…

“نحن لسنا إيالة ولا ننتظر فرمانا من أي كان.. سيادتنا وكرامتنا وعزتنا قبل أي شي.. نحن دولة ذات سيادة والشعب هو صاحب السيادة.. ما يحصل اليوم غير مقبول، والشعب سيقول كلمته بعيداً عن التدخل الأجنبي”.

تآمر واختراق للسيادة

يرى مراقبون أن التطورات تشكل منعرجاً جديداً في العلاقات بين البلدين، التي تطورت خلال العشرية الماضية، حيث استفادت تركيا من وجود حركة النهضة في الحكم لتقوية نفوذها في تونس.

عبدالله العبيدي

وتلقت تركيا بقلقٍ شديد ما جرى في تونس منذ صيف الماضي، وعبّرت عن رفضها للإجراءات الاستثنائية التي أقرّها الرئيس قيس سعيّد، وآخرها حل البرلمان، والتي حجّمت حليفتها حركة النهضة، في المشهد السياسي.

ويرى الدبلوماسي والسفير الأسبق، عبدالله العبيدي، أن ما ورد على لسان الرئيس التركي، ومن دبلوماسيين معتمدين في تونس، في مناسباتٍ مختلفة، يدل على عجزٍ سجلته الدبلوماسية التونسية في العشرية الأخيرة.

وبيَّن العبيدي، في حديثٍ خاص أدلى به إلى “كيوبوست”، أن الدبلوماسية تنص على احترام كل دولة على حدة،  وتصريحات  السفير ترد في شكل مذكرة شفاهية، وبطريقة سرية تحترم سياسة البلاد، مبيناً أن ما حدث يدل على أن السيادة التونسية مخترقة، ويتم التدخل في شأنها وعدم احترامها.

اقرأ أيضاً: أضرت بميزانها التجاري.. تونس تسعى لمراجعة اتفاقياتها التجارية مع تركيا

وأوضح العبيدي أنه كان من المفروض أن تكون لتونس علاقات سوية مع تركيا من خلال قيام مسؤوليها بربط علاقات متينة معها، وتحذيرها من مزالق مواقفها الاعتباطية، وفق تعبيره،  والتأكيد على أن تونس دولة يعتد بها ولديها مسؤولون حريصون على سيادتها، ولديها ثوابت لا يمكن المساس بها، مشيراً إلى أن ما حدث يعد مؤشراً على عدم احترام الجهات الخارجية لتونس لما لمسوه من غيابٍ لمسؤولين يعتد بهم في  تونس.

وأضاف عبدالله العبيدي: “قد تكون بداية القطيعة مع تركيا”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

وفاء دعاسة

كاتبة صحفية تونسية

مقالات ذات صلة