
كيو بوست –
تعقد في العاصمة البولندية وارسو قمة حول الشرق الأوسط في 13 و14 فبراير/شباط القادم، أعلنت عنها الولايات المتحدة وبولندا، وستناقش بحسب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو استقرار الشرق الأوسط والسلام والحرية والأمن في هذه المنطقة، وهذا يتضمن عنصرًا مهمًا هو التأكد أن إيران لا تمارس نفوذًا مزعزعًا للاستقرار. الإعلان عن القمة أثار غضب طهران، ودفعها لاستدعاء القائم بأعمال سفير بولندا، احتجاجًا على تخطيط بلاده لاستضافة قمة وصفتها بأنها “مناوئة لها”.
اقرأ أيضًا: 5 مؤشرات تدل على حرب عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران قريبًا
وأبلغت وزارة الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال البولندي احتجاجها الرسمي على استضافة القمة التي ستركز على سياسة إيران في المنطقة، معتبرة أن القمة “تجسد سياسة الولايات المتحدة المعادية لإيران”. وتوقعت الخارجية الإيرانية أن “تتخلى بولندا عن مواكبة الولايات المتحدة في عقد هذه القمة”، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
وانتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف القمة عبر تدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر نشر خلالها صورتين؛ الأولى تظهر الزعماء الذين شاركوا في قمة حول مواجهة الإرهاب في الشرق الأوسط عام 1996 بمدينة شرم الشيخ المصرية، وصورة أخرى حول دعم إيران لبولندا، إذ علق: “في حين أنقذت إيران البولنديين في الحرب العالمية الثانية، تستضيف بولندا الآن عرضًا هزليًا يائسًا مناوئًا لإيران. نذكر من يستضيفون المؤتمر المناهض لإيران والمشاركين فيه أن الذين حضروا العرض الأمريكي السابق المناهض لإيران، إما ماتوا أو أصبحوا موصومين أو مهمشين. وإيران أقوى من أي وقت مضى”.
وتعكس انتقادات إيران لعقد القمة، حسب مراقبين، مدى تخوف طهران من كبح جماح النظام الإيراني في المنطقة واقتراب ضربها عسكريًا، خصوصًا مع تأكيد تقارير إعلامية أن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» بصدد الإعداد لضرب إيران، بعد أن طلب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون قبل بضعة أشهر من الوزارة تقديم خطة لمهاجمة إيران.
كما يضع انعقاد القمة حلفاء طهران بالمنطقة في حرج، لا سيما تركيا وقطر، إذ عليهما تحديد موقفهما بشأن قمة بولندا؛ فالدوحة التي تعتبر شريكًا إستراتيجيًا لطهران في منطقة الخليج العربي، ستكون في مأزق اختيار الإبقاء على علاقاتها الوطيدة مع النظام الإيراني بعدم حضور القمة، أو الانصياع وتلبية الدولة العظمى الحليف الرئيس لقطر ودول الخليج، أو التوجه إلى الخيار الثالث وهو المناورة عبر حضور القمة لكن بالتنسيق مع طهران ومحاولة التأثير في أي موقف يتبنى التصعيد أو عزل النظام الإيراني.
اقرأ أيضًا: 3 أسباب تكشف عجز إيران عن افتعال حرب مع الولايات المتحدة
أما من جهة تركيا، فربما تكون حريصة على حضور القمة رغم علاقتها المتينة بإيران، فمصالحها في سوريا أكبر من علاقاتها مع طهران، لا سيما بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا، والتفاهمات الجديدة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي تعكس مدى تغير الموقف التركي حيال مختلف القضايا مع الولايات المتحدة، والتي ظهرت جليًا بإعلان الرئيس التركي، أن قوات أنقرة ستتولى إقامة “المنطقة الأمنية” التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للفصل بين وحدات حماية الشعب الكردية، والحدود التركية، بعد يومين من تهديد ترامب بتدمير اقتصاد تركيا إذا هاجمت حلفاء واشنطن الأكراد في سوريا.
ومن جانب الدول الأوروبية، فإن انعقاد القمة في وارسو لم يأت محض صدفة؛ فاختيار الولايات المتحدة الأمريكية بولندا لعقد القمة له رسالتين رئيستين؛ فحوى الأولى أنها تفتح الباب لمحور دول الشرق الأوروبي المتعطش لعقد تحالفات إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة لمواجهة التصاعد الروسي في المنطقة، وثانيهما رسالة موجهة لدول الغرب الأوروبي، تحديدًا فرنسا وبريطانيا وألمانيا؛ أي الدول التي تؤيد الاتفاق النووي الإيراني، وتحاول الالتفاف على العقوبات الأمريكية بإيجاد آلية مالية لمواصلة التجارة مع طهران بعيدًا عن العقوبات، إذ يمكن أن يشكل دعم الولايات المتحدة لدول الشرق الأوروبي -عبر تحالفات جديدة- تهديدًا لنفوذ الدول الأوروبية الكبرى على الساحة الشرقية للقارة العجوز.
اقرأ أيضًا: سيناريوهات متتابعة ترسم ملامح حرب حقيقية بين إيران والولايات المتحدة