الواجهة الرئيسيةفلسطينيات
قمة الظهران: عودة صفقة القرن خطوة إلى الوراء
هل عادت بوصلة العرب إلى فلسطين؟

كيو بوست –
بخلاف الأوضاع التي كان يتوقع أن تدفع باتجاه حضور ضعيف للقضية الفلسطينية على جدول أعمال القمة العربية، شكلت تصريحات رؤساء الدول الأكثر تأثيرًا في مسار القضية الفلسطينية نقطة بارزة في الجلسة التي عقدت بمدينة الظهران في السعودية.
وجاءت المواقف العربية في القمة في وقت حرج يمر به الفلسطينيون، في مواجهة ما تدعى “صفقة القرن”، التي أعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، وترفضها القيادة الفلسطينية وتعتبرها خطة لتصفية القضية وسلب حقوق الشعب الفلسطيني.
وأعلن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عن إطلاق اسم القدس على القمة التي عقدت بمشاركة 17 من ملوك ورؤساء الدول العربية.
وقال العاهل السعودي: “أود أن أعلن عن تسمية القمة الـ29 بقمة القدس، ليعلم القاضي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين”.
مثل هذه التصريحات، تكتسب أهميتها الكبيرة بالنسبة للسلطة الفلسطينية، في جلب موقف عربي حاسم حيال التحرك الأمريكي-الإسرائيلي لفرض صفقة القرن على الرئيس محمود عباس الرافض لها.
وكانت شائعات كثيرة -بعضها من وسائل إعلام عبرية، وأخرى عربية تتبع للخط القطري المعادي للسعودية- شكلت غيمة قاتمة على الموقف السعودي من صفقة ترامب، وأوصلت انطباعًا لدى الشارع الفلسطيني بأن السعودية تقبل سرًا بالصفقة التي تخرج القدس من معادلة الصراع، وتنسف حق عودة اللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية المنشودة.
عزز من هذا الانطباع تصريحات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي قال فيها لوسائل إعلام غربية إن للإسرائيليين الحق في العيش على أرضهم، مما أثار جدلًا في الأوساط الفلسطينية والعربية.
لكن الموقف السعودي الرسمي الذي ظهر في القمة، وضع كما يبدو، نهاية لموجة الشكوك، وبعث برسالة معنوية هامة للرئيس عباس في وقت حرج.
وأعلن الملك السعودي عن “تبرع المملكة بمبلغ 150 مليون دولار أميركي لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس”، وبمبلغ 50 مليون دولار أميركي، لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وتبع الموقف السعودي، موقفان حاسمان من الأردن ومصر خلال كلمات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وقال السيسي: إن لا مساومة على حق الشعب الفلسطيني في القدس.
وجاء الموقف الأردني مماثلًا، إذ قال الملك عبد الله: “نؤكد على الحق الأبدي والخالد للفلسطينيين والعرب، مسلمين ومسيحيين في مدينة القدس”.
وشدد البيان الختامي للقمة على “الدعم العربي لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967″، وضرورة التصدي “لمحاولات تهويد القدس”.
تعزيز إسقاط صفقة القرن
لعل إحدى أبرز معالم صفقة القرن، كانت في بعدها الإقليمي، وذلك عبر استنادها إلى جلب موقف عربي مرحب بها، ما قد يحاصر الموقف الفلسطيني الرافض.
وتروج الحكومة الإسرائيلية لمزاعم تقدم التطبيع مع العرب في مواجهة إيران، في محاولة لزعزعة ثقة الفلسطينيين بدعم العرب، وبالتالي القبول بأنصاف الحلول.
وتعد دول السعودية ومصر والأردن، الأكثر تأثيرًا في الموقف الفلسطيني، وبمثابة اللبنة الأساسية للحاضنة العربية للقضية الفلسطينية. ومن شأن قبول هذه الدول بصفقة القرن أن يضعف الفلسطينيين إلى حد كبير، لكن الموقف الذي أبدته تلك الدول ترك ارتياحًا في الوسط السياسي الفلسطيني.
وقال نائب القائد العام لحركة فتح، عضو اللجنة المركزية، محمود العالول للوكالة الرسمية، إن “ما أعلنه خادم الحرمين بشأن القدس، وما تبرع به، يؤكد أن القدس عربية وعاصمة لدولة فلسطين، وفشل إعلان ترمب”.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني إن إطلاق اسم القدس على الدورة الـ29 للقمة العربية الحالية له مغزى كبير يعكس اهتمام القمة العربية وقادة الدول بالقدس، باعتبار أن القضية الفلسطينية ما زالت تشكل القضية المركزية المحورية للنظام الرسمي العربي.
الرئيس عباس حقق أهدافه
في مقالة لمعهد واشنطن للدراسات قبيل انعقاد القمة، جاء أن القمة ستمثل فرصة لرؤية مدى استعداد القادة العرب للمضي قدمًا في التطبيع السري مع إسرائيل.
واعتبرت المقالة أن الرئيس محمود عباس سيسعى إلى تحديد لهجة الخطاب العربي تجاه إسرائيل، من خلال التركيز على أربع مسائل:
- ضمان إدانة قوية لردّ إسرائيل على التظاهرات المستمرة في غزة، وكذلك وعود باتخاذ إجراءات دبلوماسية ملموسة.
- السعي إلى رفض عربي حازم وقوي وموحّد لقرار واشنطن القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
- إلزام الدول العربية برفض جماعي لأي خطة سلام أمريكية لا تلبي المصالح الفلسطينية.
- منع أي تقدّم مستقبلي في العلاقات الثنائية العربية-الإسرائيلية، من خلال السعي إلى إعادة التأكيد الرسمي على النهج المنصوص عليه في “مبادرة السلام العربية”.
وفي ضوء ما صدر عن القمة، يبدو أن أهداف الرئيس الفلسطيني تحققت، ما يدفعه للسير قدمًا في رفض صفقة القرن، ومواصلة اللهجة الحادة تجاه واشنطن، والإدارة الأمريكية، التي تبنت رؤية الاحتلال الإسرائيلي لحل يطمس كامل الحق الفلسطيني.