الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون عربية

قفزة إماراتية نحو استدامة البيئة البحرية وتعزيز الأمن الغذائي

كيوبوست

لم تغفل دولةُ الإمارات العربية يوماً الشأنَ البيئي، الذي كان ضمن أولوياتها منذ نشأتها، عندما منع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الصيدَ، وقاد عملية تشجير واسعة في البلاد، وصولاً إلى الاستراتيجيات البيئية الطموحة التي تتبناها الإمارات العربية اليوم.

ووصل اعتناء دولة الإمارات بالبيئة إلى حرصها وانعكاسها على معظم المشروعات الحكومية؛ بما فيها مشروعات قطاع السياحة والضيافة، فقد أطلقت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي صندوقاً جديداً للاستثمار في قطاع الطهي، بقيمة 100 مليون دولار؛ من أجل استقطاب ألمع علامات المطاعم العالمية، ودعم إنشاء أكاديمية طهي تقدِّم درجتَين جديدتَين في استدامة البيئة البحرية والأمن الغذائي.

تحوي إمارة أبوظبي وحدها 34 نوعاً مختلفاً من أنواع المرجان الصلب

تطوير قطاع الضيافة

وتواصل أبوظبي تطوير جودة مجال الضيافة فيها، من خلال استراتيجية دائرة الثقافة والسياحة، والتي تهدف إلى زيادة عدد الزائرين والإنفاق ومتوسط ​​مدة الإقامة، وتحفيز طلب السوق، وإلهام أصحاب المصلحة ومشاركة القطاع الخاص، وتحسين التسويق من خلال التسليم المستهدف، وممارسة التأثير من خلال التميز والريادة والتعاون.

كما أن أبوظبي حاضنة لجهود تصب في تطوير السياحة والضيافة؛ فمن المقرر عقد قمة الضيافة المستقبلية في فندق هيلتون أبوظبي، في الفترة من 25 إلى 27 سبتمبر 2023م، لأول مرة؛ لإجراء مناقشات وصفقات ورؤى حول النمو المستمر لقطاعَي الضيافة والسياحة في المنطقة.

إضافة إلى عدة مشروعات تطويرية تتخذها العاصمة، أطلقت أبوظبي في وقت سابق، برنامج “خبرتي” لتطوير المهارات المهنية الأساسية للشباب الإماراتي، واكتشاف فرص العمل في قطاعَي السياحة والضيافة في أبوظبي.

ويتميز صندوق الاستثمار في قطاع الطهي الذي أطلقته الوزارة مؤخراً، بأنه يدعم إنشاء أكاديمية طهي تقدِّم درجتَين جديدتَين في استدامة البيئة البحرية والأمن الغذائي، فكيف تعزز إمارة أبوظبي هذين الجانبَين؟

استدامة البيئة البحرية

تشكِّل البيئة البحرية جزءاً أصيلاً من جغرافية واقتصاد وثقافة دولة الإمارات العربية، وتحرص الحكومة على اتخاذ مجموعة إجراءات من شأنها ضمان استدامة البيئة البحرية.

وفي أبوظبي أطلق سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة- أبوظبي، خلال شهر يناير الماضي، سفينة الأبحاث البحرية “جيوَن”؛ لتقييم ومراقبة البيئة البحرية في البلاد، وتوفير المعلومات حول التهديدات التي تواجه البيئة البحرية، وكيفية إدارتها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تؤدي إعادة الحياة في المحيطات إلى اقتصاد أزرق مزدهر؟

وتضم أبوظبي، على سبيل المثال لا الحصر، عدة محميات بحرية؛ بما في ذلك منتزه السعديات البحري الوطني، ومحمية الياسات البحرية. كما تحيط بها الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية؛ إذ تحوي إمارة أبوظبي وحدها 34 نوعاً مختلفاً من أنواع المرجان الصلب، وكانت قد أطلقت عام 2021م مشروع استزراع أكثر من مليون مستعمرة من الشعاب المرجانية.

كما تضم أبوظبي محمية جزيرة مروح؛ ثاني أكبر موطن لأبقار البحر في العالم، وفي عام 2019م اكتشف علماء الآثار ما يُعتقد أنه أقدم لؤلؤة في العالم على الجزيرة. كما تحتضن أبوظبي منتزه قرم جبيل الوطني، وهو موطن لملايين من أشجار المنغروف، التي توليها أبوظبي أهمية خاصة، وقد أعلنت الإمارة، في فبراير 2022م، خطة طموحة لترسيخ مكانتها كمركز عالمي للبحث والتطوير والابتكار؛ للحفاظ على غابات المانغروف.

منتزه قرم جبيل الوطني.. موطن لملايين من أشجار المنغروف- موقع منتزه قرم جبيل الرسمي

وفي فبراير الماضي، أصدرت هيئة البيئة في أبوظبي سياسة الحفاظ على جودة المياه البحرية، مستعرضةً الوضع الحالي والتحديات الرئيسية المتعلقة بجودة المياه البحرية في الإمارة؛ من أجل الحفاظ على المياه البحرية في أبوظبي واستدامتها، والحد من الممارسات التي يمكن أن تسبب التلوث البحري، عبر تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، ووقف التصريفات التي قد يكون لها آثار سلبية على البيئة البحرية من خلال تعزيز برامج إعادة التدوير وإعادة الاستخدام.

اقرأ أيضاً: لماذا يبحث العلماء عن أدوية جديدة في المحيطات؟

يأتي ذلك ضمن منظومة قانونية تراعي سلامة البيئة البحرية؛ إذ تعتمد دولة الإمارات عدة قوانين لضمان سلامة البحار والمحيطات، مثل القانون الاتحادي الإماراتي رقم 24 لسنة 1999م بشأن حماية البيئة وتنميتها، والذي يحظر أي تخلص متعمد من الملوثات أو النفايات الملقاة من السفن أو الطائرات أو أية وسيلة أخرى في البيئة البحرية، وأي إلقاء متعمد من السفن، أو المنشآت الصناعية أو أية وسائل أخرى في البيئة البحرية. إضافة إلى القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1999، وقراره الوزاري رقم 302 لسنة 2001؛ لمعالجة استغلال الثروات المائية الحية وحمايتها وتنميتها في دولة الإمارات.

وتنخرط دولة الإمارات في عدة معاهدات دولية وإقليمية للحفاظ على الحياة والنظم البحرية؛ بما في ذلك اتفاقية “رامسار” للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة، ومذكرة تفاهم حول حماية وإدارة السلاحف البحرية وموائلها في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا، واتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث لعام 1978م، كما انضمت دولة الإمارات إلى التحالف العالمي للمحيطات الذي أطلقته المملكة المتحدة؛ بهدف تعزيز حماية المحيطات والبيئة البحرية عالمياً من الضغوط في 2020م.

تعزيز الأمن الغذائي

أما الأمن الغذائي، فهو ملف مهم تُخصِّص له دولة الإمارات سلسلة مكثفة من السياسات، لتعزيز أمنها الغذائي، تحديداً في ظل التغير المناخي الخطير.

وكانت أبرز الإجراءات المتخذة في سبيل تعزيز الأمن الغذائي؛ أن أطلقت حكومة دولة الإمارات في نوفمبر 2018م، الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، ضمن رؤية عام 2051. وحددت الاستراتيجية عدة أهداف؛ على رأسها أن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وضمن أفضل 10 دول بحلول عام 2021م، ولم تستغرق الأمور وقتاً طويلاً حتى تؤتي أوكلها، فمنذ عام 2018م حتى عام 2019م، حققت دولة الإمارات قفزة نوعية في مؤشر الأمن الغذائي العالمي؛ فقد تقدمت 10 مراكز، منتقلةً من المركز 31 إلى المركز 21.

اقرأ أيضاً: التنسيق العربي ضرورة لتحقيق الأمن الغذائي والمائي

وتشكِّل أبوظبي نموذجاً لتعزيز الأمن الغذائي، من خلال عدة أذرع تعمل على ذلك؛ على رأسها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، وهي سلطة محلية تتألف من جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، ومركز أبوظبي لخدمات المزارعين، ومركز الأمن الغذائي- أبوظبي.

وتعمل الهيئة على تطوير الزراعة المستدامة، وضمان الأمن الغذائي من خلال الزراعة المستدامة وسلامة الأغذية والأمن البيولوجي وحماية صحة الحيوانات والنباتات، كما يوكل للهيئة مهمة التفتيش والرقابة على المؤسسات الغذائية والزراعية في أبوظبي والمزارع، بينما تسعى الهيئة إلى تطوير أصناف جديدة من البذور والنباتات تكون أكثر ملاءمة لظروف الزراعة المحلية.

شاهد: فيديوغراف.. مليون دولار لمشروعات تعنى بتكنولوجيا الأمن الغذائي في الإمارات

ومن ضمن المشروعات التي تبنتها أبوظبي عام 2022م، والتي يمكن اعتبارها شكلاً من أشكال تحقيق الأمن الغذائي، أن أعلن مركز أبوظبي للأغذية “كيزاد” بالتعاون مع شركة “رونجيس”، إنشاء مركز Food HUB للإمداد الغذائي عبر تجارة الأغذية بالجملة، في منطقة خليفة الصناعية، ويعتبر المركز جزءاً من خطة دولة الإمارات للأمن الغذائي؛ إذ سيكون المركز أكبر نظام بيئي متكامل لتجارة جميع السلع الغذائية. وجاء المركز نتيجة شراكة بين “مجموعة موانئ أبوظبي” و”مجموعة غسان عبود”.

من المقرر أن يكون food hub أكبر نظام بيئي متكامل لتجارة جميع السلع الغذائية

ومن آخر التطورات الحاصلة في مجال الأمن الغذائي في أبوظبي، أن تقرر بناء ثلاثة مصانع لمعالجة الأغذية، بقيمة استثمارية قدرها مليار درهم، في مناطق خليفة الاقتصادية بأبوظبي، ويأتي ذلك في سياق الجهود المبذولة لتعزيز الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية.

تدرك القيادة الإماراتية أن عمليات الزراعة والتخزين والتوزيع غير المستدامة، إلى جانب العوامل البيئية؛ مثل تغير المناخ، سوف تُسهم في فرض المزيد من التحديات المستقبلية على الأمن الغذائي؛ لذلك، يجب الاستثمار باكراً في الاستدامة البيئية والأمن الغذائي لتوفير سبل العيش الملائم والميسور للمجتمعات، والتكيف مع تغير المناخ.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة