الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
قطر تمول مشاريع تركيا التوسعية: كيف تحولت الدوحة إلى صراف آلي؟
هل تستفيد الدوحة من ذلك؟

كيو بوست –
في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، مع ازدياد مشاكلها التجارية مع دول أوروبا ودول الجوار، وزيادة مصاريفها على العمليات العسكرية التي تجريها في سوريا، تقوم قطر بتوفير الدعم المالي الذي تحتاجه تركيا في مشاريعها الاستعمارية داخل الوطن العربي.
قطر التي لم يقتصر دورها على توفير قنواتها الإعلامية الضخمة خدمة للمشروع التركي، بدأت بتمويل مشاريع تركيا في أكثر من جهة، لتعويض العجز الاقتصادي الذي تعاني منه الأخيرة منذ بداية الربيع العربي، خصوصًا مع وصول الدولار إلى أعلى مستوى له أمام الليرة التركية (4.0361)، وارتفاع أسعار البنزين بأكثر من 27 قرشًا خلال أسبوع واحد.
وتحاول تركيا حل أزمتها الاقتصادية عبر تخفيض سعر جنسيتها من مليون دولار إلى 300 ألف، لتشجيع جذب المستثمرين الأجانب إليها، وزيادة المبيعات العقارية، بعد أن وصلت نسبة البطالة فيها إلى 10.5%.
ويرجح جيم توزجا مدير شركة ATA، بحسب ما صرّح به لجريدة Bloomberg HT التركية، “حدوث ضغوط تضخمية على الاقتصاد، فعند النظر إلى الأزمات الموجودة في العجز الجاري، نجد أن من المرجح استمرار ضعف الليرة التركية”.
الاتكاء على إمارة قطر
لدى الحزب الحاكم في تركيا مشروع توسعي في المنطقة العربية يفوق إمكانيات الدولة الاقتصادية، خصوصًا مع ازدياد الإنفاق العسكري الخارجي، عبر دعمه لميلشيات الجيش الحر التي تقاتل إلى جانبه، بالإضافة إلى المصاريف الباهظة على نشاطات جماعة الإخوان المسلمين، ورعاية العشرات من الفضائيات الإخوانية والتركية الناطقة بالعربية الموجهة إلى الوطن العربي.
مع الأخذ بعين الاعتبار استخدام تركيا للمال السياسي، لإيجاد مناطق نفوذ لها في دول عربية وأفريقية، بالإضافة لإنشاء قواعد عسكرية تركية خارج أراضيها، في قطر والعراق وسوريا والسودان وجيبوتي، وأحلامها المستمرة بالسيطرة على البحر الأحمر، وتطويق الجزيرة العربية ومحاصرة مصر.
كل ذلك أدى بقطر لأن تلعب دور “الصراف الآلي” لاستثمارت تركيا العسكرية في الخارج، وآخرها قيام الإمارة الغنية بتمويل إعمار جزيرة “سواكن” السودانية، التي منح إدارتها لتركيا، الرئيس السوداني عمر البشير.
مشروع إعمار سواكن ومينائها، سيكلف قطر أكثر من 4 مليارات دولار، بحسب ما صرّح به وزير النقل السوداني مكاوي عوض، بعد لقائه مع وزير الاتصالات والنقل القطري جاسم السيلطي.
حدث هذا بعد ثلاثة شهور، من قيام البشير بمنح سواكن للرئيس أردوغان، خلال زيارة الأخير للسودان.
قطر – تركيا: تبعية أم ابتزاز؟
لا تقتصر العلاقة التركية-القطرية على قيام الأخيرة بتمويل وتغطية مشاريع النفوذ التركي إعلاميًا وماديًا فحسب، بل أصبح التوافق بينهما قائمًا على تبعية قطر الكاملة لسياسة أردوغان الخارجية، خصوصًا بعد الأزمة الخليجية الأخيرة، وعزل قطر بسبب قيامها بدعم منظمات إرهابية تمس الأمن القومي العربي.
فقد استنجدت قطر بتركيا، وافتتحت لها قاعدة “الريان” العسكرية، التي تستوعب ما بين 3000-5000 جندي تركي، وقادرة على استيعاب أسلحة ثقيلة من الدبابات والمدافع.
وبعد ازدياد عزلة قطر عربيًا وخليجيًا، وخروجها عن الإجماع العربي الرافض لدعم الإرهاب والتدخلات التركية الداعمة للحروب الأهلية في الوطن العربي، وثقّت قطر علاقاتها العسكرية مع تركيا، ووقعت الشهر الفائت اتفاقية مع الجانب التركي تسمح من خلالها لتركيا بإنشاء قاعدة عسكرية بحرية شمال قطر.
وفسر مراقبون ذلك بأنه استحواذ تركي كامل على السيادة القطرية، وعلى أنه علاقات عسكرية من طرف واحد، إذ لا يوجد جندي قطري واحد على الأراضي التركية، لتبدو تركيا هي المستفيد الوحيد من تلك الاتفاقيات العسكرية، التي حولت قطر إلى دولة تقع تحت الهيمنة التركية المباشرة، خصوصًا أن إمكانيات الجنود الأتراك المتواجدين في قطر، تفوق إمكانيات الجنود القطريين، الذين يعانون من القلة العددية.
وهو ما مهد لسيطرة تركيا على القرار السياسي القطري، مما زاد من قطيعتها مع الدول العربية، وتحولت إلى رهينة بيد الأتراك، تقوم بتغطية جميع مشاريعهم التوسعية في المنطقة العربية، ماديًا وإعلاميًا.