الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية

قطر: الصديق الذي يريد بنا شرًا

كتاب فرنسي: قناة "الجزيرة" فكرة يهودية، و"الربيع" صناعة أمريكية-قطرية

كيو بوست –

عام 2013، نشر اثنان من كبار الصحفيين الفرنسيين، نيكولابو وجارك بورجيه، كتابًا بعنوان “قطر: الصديق الذي يريد بنا شرًا”، كشفا فيه الكثير من الأدلة على الدور التخريبي الذي تلعبه قطر، بداية من إطلاق قناة “الجزيرة”، وعلاقتها بإسرائيل، وليس انتهاءً باستخدامها لحركات الإسلام السياسي وتوجيهها لمصالحها أثناء ما سمي بـ”الربيع العربي”، من أجل تمرير مشروعها لإضعاف الدول العربية، وهو ما تجسّد عمليًا في كل من ليبيا وسوريا.

الكتاب، الذي جاء بمثابة تحقيق ميداني قام به من يُصنفان على أنهما من أهم صحفيي التحقيقات المعمقة في فرنسا، استعرض بالشرح الوافر علاقة قطر بإسرائيل منذ وصول الأمير السابق إلى الحكم، وموافقته على تصدير الغاز لإسرائيل في التسعينيات. يقول الكتاب: “منذ افتتحت الدوحة مكتب التمثيل الديبلوماسي الإسرائيلي، اعتادت على استقبال الرئيس السابق شمعون بيريز وزعيمة حزب كاديما اليميني تسيبي ليفني، التي كانت تستسيغ التسوق في المجمعات التجارية القطرية المكيفة، وزيارة القصر الأميري”، كأول اختراق علني يقوم به مسؤولون إسرائيليون لعاصمة عربية.

وحينها، قام باستقبالهما وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، الذي نقل عنه الكاتبان بأنه كان يصرخ عندما يسمع نشرات الأخبار: “هل سيزعجنا طويلًا هؤلاء الأغبياء؟”، في إشارة إلى الفلسطينيين!

وينقل الكتاب أيضًا أن حمد بن جاسم كان غير متعاطف نهائيًا مع الفلسطينيين، وتربطه علاقات وطيدة مع اللوبيات الصهيونية في العالم. ولا يزال البعض يعتبر ابن جاسم -برغم استقالته من الخارجية- العقل المدبر للسياسات القطرية، ومهندس العلاقات بين الدوحة وتل أبيب.

 

الجزيرة مبادرة يهودية

يرجّح الكاتبان أن فكرة إنشاء قناة “الجزيرة” كانت على يد الأخوين اليهوديين، ديفيد وجان فريدمان، التي التقطها منهما الأمير حمد، ثم قام بتبنيها، وقام بإبعادهما بعد أن بدأت السعودية باتهام قطر بأنها أسست لمحطة يهودية.

وبحسب ما جاء في الكتاب: “خلافًا للشائع، فإن فكرة إطلاق قناة الجزيرة لم تكن وليدة عبقرية الأمير حمد برغم أنه رجل ذكي، بل كانت نتيجة طبيعية لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين في العام 1995؛ فغداة الاغتيال، قرر الأخوان ديفيد وجان فريدمان، وهما يهوديان فرنسيان، بذل كل ما في وسعهما لإقامة السلام بين إسرائيل وفلسطين، وهكذا اتصلا بأصدقائهما من الأميركيين الأعضاء في إيباك (لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية) الذين ساعدوا أمير قطر في الانقلاب على والده لإقناع هذا الأخير بالأمر. وبالفعل وجد الشيخ حمد الفكرة مثالية تخدم طموحه من جهة، وتفتح أبواب العالم العربي لإسرائيل من جهة ثانية”.

وهي النتائج التي تحققت على أرض الواقع، إذ كانت الجزيرة سباقة إلى استضافة متحدثين إسرائيليين، تحت بند “الرأي والرأي الآخر”، كما وانفردت بالاعتراف العلني بإسرائيل من خلال كتابة “إسرائيل”، مكان “فلسطين” المحتلة، على الخرائط التي تعرضها القناة.

ومن العلامات المهمة التي تطرق لها الكاتبان، تعيين الليبي محمود جبريل مستشارًا للقناة، وتدريبه لكبار المذيعين ومقدمي البرامج فيها، من بينهم المدير السابق وضاح خنفر، المعروف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين. ويشير الكاتبان إلى تلك العلامة بقولهم: “فالأميركيون، وغداة إطلاق الجزيرة، سلموه [محمود جبريل] أحد أبرز مفاتيح القناة، وهذا ما يثبت أن هدف القناة كان قلب الأمور في الشرق الأوسط. هذه كانت مهمة جبريل الذي أصبح بعد 15 عامًا رئيسًا للمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا”.

 

الربيع القطري – الأمريكي

الكتاب، بقوة أدلته وترابط أحداثه، يجعل القارىء يشك في كل ما سمع ورأى خلال السنوات الماضية على شاشة الجزيرة، إذ تبدأ الأحداث من قرار أمريكي بتغيير الوطن العربي، بعد احتلال العراق، الذي كانت تكلفته كبيرة جدًا على الولايات المتحدة ماديًا وبشريًا. ولذلك، يهتدي الأمريكيون إلى وسائل أقل كلفة مثل “مواقع التواصل الاجتماعي” التي بدأت شعبيتها تكتسح الوطن العربي، في نهايات 2010.

وخلال الفترة التالية أطلقت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت مؤسسة “شبكة مدوني المغرب والشرق الأوسط”. سبق ذلك وتبعه سلسلة من المنتديات في العاصمة القطرية الدوحة بعنوان “منتدى الديموقراطيات الجديدة”، وكان من بين المشاركين في أحد هذه المنتديات، في شباط العام 2006، بيل كلينتون وابنته ووزيرة خارجيته كوندليزا رايس، وجرى حينها الاتفاق على وثيقة سرية باسم “مشاريع للتغيير في العالم العربي”.

كان من نتائج ذلك أن أسس المصري هشام مرسي، صهر الشيخ يوسف القرضاوي، “أكاديمية التغيير”. تضم المؤسسة عددًا من محترفي الإنترنت والمدونين. وأطلقت المؤسسة، في كانون الثاني 2011، عملية “التونسية” التي كانت تدار مباشرة من الولايات المتحدة.

ومن العلامات الأخرى البارزة التي ينقلها الكتاب فما يخص التأثير على مجرى الربيع العربي، دور المدعو “جيني شارب”، مؤسس “معهد آينشتاين”، الذي كان له دور في الثورات البرتقالية التي ضربت دول شرق أوروبا، كما أنه صاحب فكرة “الثورة من دون عنف”. وتستند فكرته إلى “فيديو التمرد” القائم على تصوير أحداث عاطفية مفبركة، تستطيع أن تحرك الشارع. وبعد نجاحه في جورجيا وأوكرانيا، راح شارب “يستقبل المتدربين الذين ترسلهم قطر والولايات المتحدة إلى بلغراد، وفي معهد آينشتاين هذا تدرب محمد عادل، بطل الربيع العربي في مصر، العضو في أكاديمية التغيير في قطر”.

كما يكشف الكتاب عن الدور الذي قامت به قطر في احتلال ليبيا وقتل الرئيس الليبي معمر القذافي، ومشاركة فرنسا في تلك العملية، إضافة إلى حادثة قتل 3 مسؤولين ليبيين، كانوا على علم بدعم القذافي لحملة ساركوزي، مما يجعل مقتلهم محاولة لدفن السر معهم.

وبالإضافة إلى المصالح المالية الهائلة التي كانت وراء ضرب ليبيا -بينها الودائع المالية الكبيرة للعقيد في قطر- كانت الدوحة تسعى إلى احتلال مواقع العقيد القذافي في أفريقيا، عبر تدمير ليبيا، الأمر الذي يظهر من خلال قيام قطر بعدها بمد خيوطها المالية والسياسية والأمنية تحت ذرائع المساعدات الخيرية والإنسانية.

ويحمل الكتاب الكثير من التحذيرات عن حجم الاستثمارت المالية القطرية في فرنسا، الأمر الذي يعتبره الكاتبان إحدى قواها الناعمة للسيطرة على القرار الفرنسي، بعد أن نجحت من خلاله بإقناع بعض الدول باحتلال ليبيا.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة