الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
قضية فلسطين: مدخلُ إيران وأذرعها للمزايدة كلّما حانت الفرصة
ازدواجية المعايير تفضح سياسة إيران

كيو بوست –
تواصل جماعة الحوثي، أسوةً بآمرتها إيران، أسلوب المُزايدة المكشوفة على القضية الفلسطينية واستغلالها بشكل “خبيث”، سعيًا وراء أجندات خاصة، دون أن تُقدم شيئًا عمليًا لهذه القضية المُقدّسة. ولعل لجوءها قبل أيام لاستثمار عاطفة الشعب اليمني تجاه القدس بغية تنظيم حشد وتجمع تظاهري كبير في العاصمة صنعاء، تحت شعار “دعم القدس وفلسطين”، خير دليل على هذا التوظيف المُبتذل المبني على الشعارات وثقافة الصورة الدعائية لا أكثر.
اقرأ أيضًا: في رصد التصعيد: إسرائيل تريد “تأديب” إيران، لا القضاء على نظامها!
يقول القيادي في الحراك الجنوبي اليمني أحمد عمر بن فريد في حديث خاص لـ”كيو بوست” إن الحوثيين عبارة عن وكيل إيراني موجود في اليمن، يتبع السياسة الخارجية لطهران، الهادفة إلى اقتناص أي حدث في الدول العربية، ومحاولة الهيمنة عليه وتجييره وفق رؤيتها ولصالحها، فضلًا عن المُزايدة على قضية فلسطين من خلال أذرع إيران في المنطقة، بدءًا من حزب الله اللبناني، والآن من خلال ذراعها الأخرى التي أوجدتها في اليمن، المتمثلة بالحوثيين.
وأكد ابن فريد أن التجمعات التي ينظمها الحوثيون في العاصمة صنعاء وبقية المناطق التي يسيطرون عليها بذريعة دعم فلسطين والقدس، تأتي في سياق تنفيذ الجماعة الحرفي لأوامر إيران وأجنداتها.
ويعرب ابن فريد عن أسفه من استغلال الحوثيين لقضية فلسطين لإخفاء فشلهم وإفلاسهم السياسي تجاه الشعب اليمني، موضحًا أن ثمة فرقًا بين مَن يُزايد على قضية فلسطين فيما هو لا يعمل لها شيئًا، وبين مَن يجد من الواقعية والتعامل السياسي الحكيم الوسيلة لدعم قضية فلسطين المقدّسة في ظل الظروف المعقدة.
ويتابع: “يبدو أن صوت العقل والحكمة يضيع في وسط الضوضاء والضجيج من قبل المزايدين على هذه القضية، الذين لا يقدمون أي شيء لها على الأرض. ففي الواقع، الشعب الفلسطيني وحده يدفع الثمن في معركة غير متكافئة، في الوقت الذي ليس لهؤلاء فيه إلا المزايدة وتنظيم تجمعات تدّعي مُناصرة القدس في شوارع بعيدة آلاف الكيلومترات عن خط المواجهة مع إسرائيل”.
أكذوبة كبرى
يرى القيادي الجنوبي اليمني أحمد عمر بن فريد أن ما يسمى “محور الممانعة” هو في الحقيقة “أكذوبة كبرى”؛ ذلك أننا لا نجد أي شيء واقعي على الأرض يقدمه أطراف هذا المحور للقضية، أو على الأقل فيما يتعلق بالجوانب الإنسانية -ضمن منطق واقعي وعملي- للشعب الفلسطيني المُحاصر.
اقرأ أيضًا: بالإضافة لإسرائيل: الإرهاب هو المستفيد من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس!
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن جماعة الحوثي خصوصًا، وما يُسمّى “محور المُمانعة” عامة، يستغلون قضية فلسطين الحساسة جدًا دائمًا، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المُناصِرين في الشارع العربي لأجندات إيران البعيدة كل البعد عن تحرير فلسطين.
وتُصعّد طهران استغلالها للقضية في مثل هذه المحطات المحرجة والحرجة جدًا، ليزيدوا الاحتقان في الشارع العربي، في حين أن نظام خامنئي ومَن والاه هم أبعد ما يكون عن تقديم أضعف الإيمان من المساعدة الحقيقية للشعب الفلسطيني وقضيته.
والحقيقة، أن إيران لا تدفع مالًا لإغاثة الفلسطينيين، بل اعتادت أن تدفع مالًا فقط إذا كان يذهب لتسليح بعض التنظيمات الفلسطينية، بشرط أن تكون “في قبضتها”؛ لضمان الدفع بالفلسطينيين ليقاتلوا ويذهبوا ضحية في معركة غير متكافئة؛ فالدم الفلسطيني هنا مهم لبقاء النظام الإيراني.
ولتقريب المجهر أكثر على جماعة الحوثي، يربط القيادي الجنوبي أحمد عمر، بين قيام هذه الجماعة بتنظيم تظاهرات في صنعاء لما تقول إنه “نصرة لفلسطين” هذه الأيام، وبين شعور الجماعة أنها في مأزق شديد جدًا، مُبينًا أن الحوثيين محاصرون الآن، وينحصر وجودهم في اليمن حاليًا في جغرافيا لا تزيد عن 30% ذات نسبة سكانية كبيرة.
اقرأ أيضًا: من بيروت إلى بغداد: الانتخابات وسيناريوهات مستقبل نفوذ إيران في المنطقة
فرصة مناسبة
وللتنفيس على هذا المأزق عسكريًا وشعبيًا –لأنهم مرفوضون أيضًا في إطار التجمع السكاني الذي يسيطرون عليه- يجد الحوثيون ملاذهم في توظيف قضية فلسطين من أجل المزايدة عليها؛ علّهم يظهرون أنهم المدافعون والغيورون على القدس، فهذه فرصة مناسبة جدًا للحوثيين (ذراع إيران في اليمن) ليُمايزوا أنفسهم ولو عبثًا، لكنّ الحقيقة تقول إنهم أبعد عمّا يمكن أن يقدموا شيئًا لخدمة القضية.
يُشار إلى أن إيران قبل وخلال وبعد الانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن، بعثت بشحنات أسلحة متطورة للحوثيين عبر البحر الأبيض المتوسط رغم أن غزة أقرب، هذا إن علمنا أن طهران تساعد بعض التنظيمات الفلسطينية بأسلحة ليست متطورة، في حين تعطي الأسلحة النوعية لحزب الله والحوثيين، الأمر الذي يكشف حقيقة نوايا نظام الخميني، وحالة التناقض والازدواجية المقصودة التي يُبديها إزاء القضية الفلسطينية.
ركوب الموجة
من جهته، قال الكاتب الصحفي الفلسطيني داود كُتّاب إن القضية الفلسطينية عادلة؛ ولذلك تحاول أطراف عدة على رأسها إيران أن تركب الموجة وتستغل القضية، والاستفادة منها للتوسع في المنطقة.
ولذلك، لا يتفاجأ كُتّاب من هذا الاستغلال الإعلامي من القضية “العادلة”، لكن هذا لم يُفد القضية إطلاقًا، ذلك أن الشعارات لا تُسمن ولا تُغني من جوع، في حين أن الفائدة الحقيقية لقضية فلسطين تكون في المحافل الدولية ودعم الشعب الفلسطيني، وفي عدم إحداث خلافات في الصف العربي والإسلامي.
اقرأ أيضًا: الشرارة التي قد تشعل الحرب بين إسرائيل وإيران
ويتابع كُتّاب: “كلنا نعلم أن شعارات التحرير لفلسطين عبارة عن ركوب موجة لا أكثر ولا أقل”، موضحًا أن هناك رأيًا يقول إن التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية أدى لإعطاء أولوية لملفات أخرى على حساب القضية الفلسطينية؛ ما يعني أن إيران بهذه الطريقة قامت بتشتيت الجهد العربي والإسلامي الذي يفترض أن يكون في وضع أقوى ومُوحد لدعم القضية، ولهذا يبرز التساؤل الأكبر: “إذا كانت طهران تريد تحرير فلسطين فعلًا، فلماذا تضع كل تركيزها على التدخل بالدول العربية وإضعافها، وتحاول أن تحدث وقيعة فيما بين العرب وقادتهم؟!”.