الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

قصيدة أردوغان تزعج إيران.. ولكن!

مراقبون يؤكدون لـ"كيوبوست": انزعاج إيران حكومة وشعباً من أردوغان واضح.. لكن المصالح المشتركة تحول دون اتخاذ موقف حقيقي في وقت يتعرض فيه البلدان إلى عقوبات وضغوط دولية

كيوبوست

تسببت أبيات شعرية ألقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال عرض عسكري حضره في أذربيجان، في حالة واسعة من استياء حليفته إيران التي استدعت وزارتها للخارجية السفير التركي، لتسلمه رسالة شديدة اللهجة، معربةً عن رفضها التام ما جاء على لسان رئيسه.

وألقى أردوغان جزءاً من قصيدة للشاعر الأذربيجاني محمد إبراهيموف، تتحدث عن أهمية “نهر أراس” للشعب الأذربيجاني؛ وهي قصيدة تعتبرها إيران بمثابة دعوة انفصالية.

أثار موقف أردوغان غضب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي كتب على حسابه بموقع “تويتر”، مندداً بالقصيدة، ومخاطباً الرئيس التركي، قائلاً إن إيران ليست لديها أطماع توسعية، لافتاً إلى أن “أردوغان لم يدرك معنى الأبيات التي ألقاها والتي تنادي بالفصل القسري لمناطق شمال أراس عن الوطن الأم إيران”، واصفاً أذربيجان بالدولة “العزيزة”.

اقرأ أيضًا: تحريض تركي يؤجج المواجهات العسكرية بين أرمينيا وأذربيجان

غضب إيراني

“لا يمكن التعامل مع تغريدة جواد ظريف باعتبارها موقفاً رسمياً فقط؛ بل في حقيقة الأمر هي انعكاس لغضب شعبي كبير في الشارع الإيراني”، حسب الدكتور علي نوري زادة؛ مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن.

د. علي نوري زادة

يضيف زادة لـ”كيوبوست”: “أطلق أردوغان أبياتاً شعرية لا تختلف كثيراً عن تصريحاته التي تثير المشكلات طوال الوقت؛ ولكن هذه المرة ضد حليفته الكبرى إيران، وفي مسألةٍ شديدة الحساسية والأهمية بالنسبة إلى المواطن الإيراني؛ حيث إن نهر أراس خط أحمر لدى الإيرانيين، وهذه القصيدة تدعو إلى الانفصال، وتعتبر مرفوضة تماماً؛ لذلك لم يكن من الممكن التغاضي عن اتخاذ موقف رسمي معلن ضد أنقرة، لأن النظام الإيراني لن يقوى على مواجهة غضب الشارع إذا تأخر في رد فعله أو تخاذل”.

يقطع “نهر أراس” الحدود بين إيران وأذربيجان، وتعيش على إحدى ضفتيه أقلية أذرية تركية في شمال إيران، يحثها أردوغان بالأبيات الشعرية على الانفصال عن إيران؛ حيث تعتبر جزءاً من الشمال الغربي الإيراني، بينما تشير القصيدة إلى أنها جزء من أذربيجان.

اقرأ أيضًا: إيران تساعد تركيا وحكومة الوفاق الوطني في ليبيا.. وكذلك الولايات المتحدة!

الخارجية التركية ردت بالمثل على طهران، وقامت باستدعاء السفير الإيراني، معربةً عن استيائها إزاء “ادعاءات لا أساس لها” تم توجيهها إلى أردوغان.

أثارت تصريحات أردوغان في أذربيجان استياء الشارع الإيراني – أ ف ب

مصالح مشتركة

يرى الباحث المتخصص في الشأن التركي كرم سعيد، أنه “على الرغم من المناوشات الدبلوماسية الحاصلة حالياً بين تركيا وإيران؛ فإن الأمر لن يخرج عن كونه خلافاً محدوداً للغاية، بسبب الملفات المشتركة للبلدين، فضلاً عن حساسية الظرف التاريخي الحالي بعد قدوم جو بايدن إلى البيت الأبيض، وما سيترتب عليه من مواقف لواشنطن تجاه أنقرة وطهران”.

اقرأ أيضًا: مستقبل النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران في الوطن العربي

يقول سعيد لـ”كيوبوست”: “إيران لا يمكنها بأية حال تهديد علاقتها مع تركيا؛ لعدة أسباب منها العقوبات الأمريكية ضدها، والتي جعلت من أنقرة متنفساً اقتصادياً ممتازاً بالنسبة إليها، فضلاً عن العديد من المصانع الإيرانية التي انتقلت للعمل على الأراضي التركية؛ خصوصاً مصانع السيارات، كما أن هناك عشرات من المستثمرين في إيران انتقلوا أيضاً إلى تركيا واشتروا عقارات وأسسوا شركات، وهذه أمور لا يمكن التضحية بها في ظل العزلة المفروضة على إيران حالياً إقليمياً ودولياً”.

اقرأ أيضًا: لماذا هاجمت إيران وتركيا اتفاق السلام الإماراتي- الإسرائيلي؟

كرم سعيد

يتفق الدكتور علي نوري زادة، مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية، في لندن مع هذا الطرح، لافتاً إلى أن “النظام الإيراني يشعر بخوف وقلق شديدَين مما ستسفر عنه السياسة الأمريكية الجديدة تحت قيادة جو بايدن، وفي ظروف كهذه لا يمكن تعريض علاقتها بتركيا وأيضاً قطر إلى أي خطر ممكن، وذلك على الرغم من أهمية مسألة أراس لطهران”.

يلفت الباحث المتخصص في الشأن التركي كرم سعيد، إلى أن “أردوغان ربما لم يتحدث عن نهر أراس بعشوائية، بقدر ما كان يفكر في إرسال إشارة ضمنية إلى إيران، والعالم كله، بأنه مؤثر وحاضر في منطقة القوقاز، وأنه يستطيع لعب دور مهم إقليمياً ودولياً، وأن أي مفاوضات تتم في هذه المنطقة لا بد أن تكون بلاده حاضرة بقوة فيها، ولها كلمة مسموعة؛ الأمر الذي يفيده بشكل أو بآخر في أزمة المتوسط التي تشهد رفضاً دولياً متزايداً لممارساته هناك”.

يختم الدكتور علي نوري زادة؛ مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن، حديثه، متوقعاً انتهاء الأزمة خلال أيام قليلة؛ “حيث إن الأمر انتهى تقريباً بعد موقف الخارجية الإيرانية ثم الرد التركي، لأن الجانبَين يدركان أهمية كل منهما للآخر، وأنه لا بد من اللجوء إلى المواقف الرسمية اضطراراً في بعض الأوقات لتفادي الغضب الشعبي أو حفظ ماء الوجه أمام العالم”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة