الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون عربية
قصص غير مروية عن جزيرة دلما
يُعتقد أن الجزيرة كانت من أوائل مواقع الاستيطان البشري في الإمارات العربية المتحدة، وكانت أيضاً مركزاً لتجارة اللؤلؤ ومصدراً حيوياً للمياه لسكان أبوظبي في القرن العشرين.

كيوبوست- ترجمات
رازميج بيدريان♦
يكتب رازميج بيدريان، في هذا المقال لـ”ذا ناشيونال”، عن جزيرة دلما الإماراتية؛ وهي أحد أقدم أماكن استيطان البشر في الإمارات. يقول إنه في أبريل 1981 قام الوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بزيارة جزيرة دلما، يرافقه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي. وضع الشيخ زايد حجر الأساس لمشروع بقيمة 700 مليون دولار؛ لتطوير أهم حقول النفط في الجزيرة، وكان هذا من أوائل المشروعات النفطية المحورية التي ساعدت الإمارات على الارتقاء والازدهار. وإلى جانب أهمية الجزيرة في صناعة النفط، فهي تتمتع بإرث تاريخي أوسع بكثير يرجع إلى العصر الحجري.

ويُعتقد أن الجزيرة التي تقع على بُعد 42 كيلومتراً من ساحل أبوظبي، كانت من أوائل مواقع الاستيطان البشري في الإمارات العربية المتحدة، وكانت أيضاً مركزاً لتجارة اللؤلؤ ومصدراً حيوياً للمياه لسكان أبوظبي في القرن العشرين. عمل سكان الجزيرة، البالغ عددهم عشرة آلاف نسمة تقريباً، في الصيد، وتتميز الجزيرة بخصوبة أراضيها وبساتين الفواكه والخضار مترامية الأطراف.
في عام 1993، كشفت الحفريات في الجزيرة عن بقايا منزل يُعتقد أنه يرجع إلى سكانها الأوائل، ومع ذلك تأخر علماء الآثار حتى عام 2015 للعثور على المزيد من الأدلة حول سكان الجزيرة؛ بما في ذلك عدد من أصداف محار اللؤلؤ بين طبقات النفايات، الأمر الذي يشير إلى أن الضفاف الضحلة الغنية باللؤلؤ حول الجزيرة قد استكشفها البشر قبل آلاف السنين. كما كشفت الحفريات أيضاً عن النظام الغذائي الأساسي لسكان الجزيرة؛ المكون من سمك التونا وقنافذ البحر والدلافين والسلاحف والأغنام والماعز. وتم الكشف أيضاً عن عظام أسماك هامور؛ يصل طولها إلى متر.
اقرأ أيضاً: صور من العصر الذهبي لصيد اللؤلؤ في أبوظبي
تمكَّن العلماء من تحديد عمر النفايات من خلال التأريخ الكربوني لنواتَي تمر؛ فكانت الأولى ترجع إلى 4600 سنة قبل الميلاد، والأخرى إلى 5100 سنة قبل الميلاد. واكتشف المنقبون بقايا ما يُعتقد أنه نسخ محلية الصنع من فخار عُبَيد صنعت من الجص وزينت بالهيماتيت المتوفر محلياً بأسلوب يشبه فخار حقبة العُبيد في بلاد ما بين النهرَين؛ مما يوحي بأن السكان الأصليين شعروا بقرابة تلك الثقافة وشعبها.
اقرأ أيضاً: “أبوظبي”.. مدينة الأمن والجمال
ومع ذلك، فالمنزل والنفايات التي وجدت حوله ليست سوى قمة جبل الجليد الأثري؛ إذ تشير المسوحات الجيوفيزيائية للموقع إلى وجود المزيد من الهياكل المدفونة تحت الأرض. ويمتد الموقع على مساحة 200 متر طولاً و150 متراً عرضاً، ويضم قرية كاملة يعود تاريخها إلى سبعة آلاف عام. ومع استمرار الحفريات في المنطقة سوف يُكشف العمق التاريخي لجزيرة دلما وقصة الأشخاص الذين سكنوها ذات يوم.

كان الخط الساحلي لجزيرة دلما سوقاً مزدهرة خلال ذروة تجارة اللؤلؤ في المنطقة، في أواخر القرن التاسع عشر. ووفقاً لموقع ثقافة أبوظبي؛ تحتوي الجزيرة على أكثر من مئتي بئر كانت تزود أبوظبي بالمياه حتى خمسينيات القرن الماضي. ويُعد منزل محمد بن جاسم المريخي، تاجر اللؤلؤ البارز؛ بمثابة قلب الجزء التاريخي من الجزيرة، ويضم هيكله المحصَّن العديد من السمات المرتبطة بالهندسة المعمارية التقليدية في الإمارات؛ بما في ذلك برجيل التهوية. وقد تحول المنزل اليوم إلى متحف جزيرة دلما.
♦صحفي في صحيفة “ذا ناشيونال”، يكتب في شؤون الفن والثقافة، حاصل على بكالوريوس في الصحافة من الجامعة الأمريكية في الشارقة، ودرجة الماجستير في الكتابة الإبداعية من جامعة نيويورك؛ حيث عمل كمدرس مساعد.
المصدر: ذا ناشيونال