الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
قصة حي الشيخ جراح في القدس.. شرارة الحرب

كيوبوست
شهد حي الشيخ جراح، في البلدة القديمة من مدينة القدس، خلال الأشهر الأخيرة، محاولات لطرد ساكنيه من منازلهم والاستيلاء عليها من قِبل مستوطنين، تبعتها مواجهات دارت في المسجد الأقصى ومحيطه بين شبان وشابات فلسطينيات من جهة، وبين مستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى؛ ما أسفر عن وقوع إصابات.
وكانت الشرارة التي بدأت في حي الشيخ جراح، والقدس عموماً، نجم عنها الحرب الحالية في قطاع غزة، ووصلت إلى أنحاء متفرقة في الضفة الغربية، وسبقها اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق عالمي؛ إذ بدأ المستخدمون بالتفاعل مع قضية حي الشيخ جراح، تضامناً مع ساكنيه، مستخدمين هاشتاج (#savesheikhjarrah) الذي وصل إلى تريند عالمي.
اقرأ أيضاً: “الفلسطينية“- إدوارد سعيد (3-3)
بداية الاعتداءات
لم تكن الشرارة التي أشعلت النار بسبب حي الشيخ جراح هي الأولى؛ إذ كانت البداية إبان النكبة عام 1948م، من خلال ما عُرف بمعارك الشيخ جراح، التي خاضها الفلسطينيون ضد العصابات الصهيونية، دفاعاً عن الحي، وأنقذته من السقوط، حتى نكسة عام 1967، عندما احتلت إسرائيل القدس الشرقية التي كانت تقع تحت السيادة الأردنية.
في عام 1972 حاولت إسرائيل طرد عائلات سكنت الحي، في بيوت أنشأتها الحكومة الأردنية عام 1956، بالتعاون مع وكالة الغوث؛ بغرض إيواء 28 عائلة فلسطينية مهجَّرة من أراضيها المحتلة عام 1948، وتكررت تلك المحاولات على مر السنين. وبحلول عام 2002، تم إخلاء 43 فلسطينياً من حي الشيخ جراح.

من جهتها، نشرت وزارة الخارجية الأردنية في 29 أبريل الماضي، وثائق تؤكد أحقية العائلات الفلسطينية ببيوت في الحي، بينما يستند مستوطنون إسرائيليون إلى أحكام قضائية من المحاكم الإسرائيلية، مدعين أن عائلات يهودية عاشت هناك وهربت أثناء وقوع النكبة عام 1948، وتلك العائلات اليهودية اشترت منازل في الحي من جمعيتَين يهوديتَين.
لكن حتى مع تلك الادعاءات، فإن تاريخ الحي وعمره يعودان إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل؛ فهو يضم معالم عمرها يزيد على 73 عاماً، كقصر كرم المفتي، الذي بُني عام 1840، وتحول بعدها إلى فندق شيبرد، وهُدم عام 2011، وغيره من المنازل التي تعود ملكيتها إلى عائلات مقدسية كالحسيني والنشاشيبي.
اقرأ أيضًا: الأزمات الداخلية في السلطة الفلسطينية وإسرائيل تنعكس على المواجهات العسكرية
وفي ذلك الوقت، كان الحي واحداً من أرقى أحياء القدس وأودعها؛ فقد تمتع بموقع مميز يطل من خلاله على شمال البلدة القديمة، وفيه أورقت أغصان الكروم والزيتون في حقول ضمها الحي؛ ما أكسبه مشهداً محبباً للعين تحديداً، مع طقس المدينة اللطيف في فصل الصيف، ولذلك شيَّدت فيه عائلات مقدسية عريقة منازلها؛ بهدف الاصطياف فيه، في حين تقع فيه اليوم مقرات لقنصليات وسفارات ومستشفيات وفنادق، إلى جانب البيوت السكنية المهددة.
وفي ذلك الوقت، كان الحي واحداً من أرقى أحياء القدس وأودعها؛ فقد تمتع بموقع مميز يطل من خلاله على شمال البلدة القديمة، وفيه أورقت أغصان الكروم والزيتون في حقول ضمها الحي؛ ما أكسبه مشهداً محبباً للعين تحديداً، مع طقس المدينة اللطيف في فصل الصيف، ولذلك شيَّدت فيه عائلات مقدسية عريقة منازلها؛ بهدف الاصطياف فيه، في حين تقع فيه اليوم مقرات لقنصليات وسفارات ومستشفيات وفنادق، إلى جانب البيوت السكنية المهددة.

التسمية: مَن هو الشيخ جراح؟
استمد حي الشيخ جراح اسمه، حسب عدة مصادر، من شخصية تاريخية لا يُعرف عنها معلومات كثيرة؛ لكن من الواضح أن صاحبها، وهو حسام الدين الحسين بن شرف الدين عيسى الجراحي، الملقب بـ”الشيخ جراح”، تمتع بمكانة رفيعة في عصر الدولة الأيوبية؛ فقد كان أحد الأمراء والطبيب الخاص بصلاح الدين الأيوبي (محرر القدس من الصليبيين).
اقرأ أيضًا: لا سلام في الشرق الأوسط من دون حل المسألة الفلسطينية
وكان أول مَن ذكر الشيخ جراح، المؤرخ مجير الدين الحنبلي، في كتابه «الأُنس الجليل في تاريخ القدس والجليل»، الصادر خلال القرن السادس عشر؛ إذ أشار إلى أن الشيخ جراح كان أحد أمراء صلاح الدين الأيوبي، وأنه توفي عام 598 هجرية، ودفن في زاوية سُميت بـ”الزاوية الجراحية”، نسبة إلى اسمه، وهذا ما أكده أيضاً المؤرخ عبدالغني النابلسي، في كتابه «الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية».

الأمر الذي يؤكده مدير مركز “معلومات وادي الحلوة” في القدس، جواد صيام، لـ”كيوبوست”، أن الحي أخذ اسمه من الشيخ جراح، أحد الأطباء المرافقين لصلاح الدين الأيوبي، الذي توفي في الحي، وبني على قبره مسجد ومقام.
وقال صيام إن سبب غياب المعلومات حول اسم الحي، نتيجة عمليات مصادرة الكتب والوثائق التي حدثت إبان النكبة.
بينما ذكرت عدة مصادر حديثة، من ضمنها دراسة فكرية وسياسية للكاتب حسين جمعة، بعنوان “من القدس إلى غزة”، أن الشيخ جراح كان طبيب صلاح الدين الأيوبي، إلى جانب كونه أحد أمرائه، وهذا ما أشار إليه المؤرخ عارف العارف، في كتابه «المفصّل في تاريخ القدس».