الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

قصة الأخوات الثلاث اللاتي رسّخَ اغتيالهن لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة

 كيوبوست

لو علم ديكتاتور الدومنيكان “رافائيل تروخيو”، أن قراره بإنهاء حياة الأخوات “ميرابال”؛ باتريا ومينيرفا وتيريزا ماريا، المناهضات لحكمه عبر اغتيالهن بتاريخ 25 نوفمبر 1960م، هو فعليًا نهايته الحتمية، ربما كان سيعدل عن قراره. فقد اغتيل الجنرال تروخيو بعد أشهر إثر تفاقم الغضب على مقتل الأخوات الثلاث.

وتكريمًا لهن، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999م، يوم 25 نوفمبر يومًا دوليًا للقضاء على العنف ضد المرأة.

المقاومة النسويّة-حركة 14 يونيو

في منزل متواضع بقرية “أوجو دي أجوا” في مقاطعة سالسيدو بجمهورية الدومنيكان، وعلى عكس ما كان سائداً حينها في معظم بيوت المنطقة، لم تعلّق أسرة الأخوات “ميرابال” صورة الحاكم “رافائيل تروخيو”، الأمر الذي كان يفسّر على أنه اعتراض على النظام. ومن غير المؤكد إن كانت أجواء البيت هي التي دفعت الأخوات للعمل السياسي ضد سلطة تروخيو، لكن المؤكد أن اغتيال السلطات لوالد صديقة مينيرفا، كان أحد دوافعها للانخراط في حركة سياسية ضد تروخيو، لتتبعها فيما بعد أختاها ماريا تيريزا وباتريا.

الأخوات ميرابال- Guide to the Colonial Zone and the Dominican Republic

استقطبتِ الأخوات الثلاث مجموعة من المنشقين عن نظام تروخيو، وأطلقوا على أنفسهم اسم حركة “14 يونيو”، تكريماً للمنشقين الذين تعرضوا للتعذيب والقتل في الدومنيكان في 14 يونيو 1959م، فيما أطلقت الأخوات على أنفسهن لقب “لاس ماريبوساس”، وتعني “الفراشات”. بعد أسابيع من تأسيسها، كُشف أمر الحركة السرية، مما أدى إلى حرق منزل الأخت باتريا، حيث كانت تعقد الاجتماعات، وتم اعتقال ماريا تيريزا ومينيرفا، وزوج وابن باتريا، لكن تم الإفراج عن الأختين، نتيجة ضغوطاتٍ خارجية.

في يوم 25 نوفمبر 1960م، كانتِ الأخوات الثلاث يستقلّن سيارة، وفي طريقهن إلى المنزل، أوقفهن أتباع تروخيو الذين أقدموا على قتلهن خنقاً وبالضرب المبرح، فكانت تلك الخطوة بمثابة رصاصة عكسية بوجه تروخيو؛ لأنها مهدت الطريق لاغتياله بعد ستة أشهر في 30 مايو 1961م.

اقرأ أيضًا: المرأة في المنظومة الأبوية للأديان التوحيدية

العنف ضد المرأة

لم ينتهِ تأثير الأخوات “ميرابال” اللواتي اعتبرن رمزًا من رموز “المقاومة النسوية”، عند اغتيال تروخيو، بل امتد ذلك التأثير ليشمل مقاومة جميع أنواع العنف ضد المرأة، عندما خصصتِ الأمم المتحدة يوماً لذلك الغرض بنفس تاريخ اغتيالهن، والذي يرافقه لغاية يوم 10 ديسمبر.. حملة “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة”، التي تمتد لـ16 يوماً ويرمز لها باللون البرتقالي، لأنه يمثل مستقبلاً أكثر إشراقاً وخالياً من العنف ضد النساء والفتيات، بحسب الأمم المتحدة.

وللتوضيح، عرّف إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عام 1993م، ذلك العنف بأنه: “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.

وتتنوع أشكال العنف ضد النساء لتشمل عناوين عريضة كعنف الشريك (الضرب، الإساءة النفسية، الاغتصاب الزوجي، قتل النساء)، والعنف والمضايقات الجنسية (الاغتصاب، الأفعال الجنسية القسرية، التحرش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج القسري، التحرش في الشوارع، الملاحقة، المضايقة الإلكترونية)، والاتجار بالبشر (العبودية والاستغلال الجنسي)؛ وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وزواج الأطفال.

يزيد العنف من احتمالية إصابة المرأة بالاكتئاب

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي 1 من كل 3 (30%) من النساء في جميع أنحاء العالم، قد تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من الشريك الذي يستحوذ على النسبة الأكبر من العنف ضد النساء بما يقارب الثلث (27%)، أو للعنف الجنسي من غير الشريك في حياتهن.

فيما يزيد عدد النساء المعنفات خلال الأزمات، فخلال جائحة كورونا أبلغت اثنتان من كل ثلاث نساء عن تعرضهن أو تعرض امرأة يعرفنها، لشكلٍ ما من أشكال العنف، وقالت واحدة فقط من كل 10 ضحايا إنها ستبلغ الشرطة طلباً للمساعدة، وذلك وفقاً لتقرير صدر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، استند إلى بيانات قُدّمت من 13 دولة منذ بدء الجائحة.

تداعيات ومقاومة

وللعنف ضد المرأة تداعيات خطيرة على صحتها وصحة المجتمع، أبرزها أن يصل التعنيف الجسدي حد القتل أو يدفع باتجاه الانتحار، كما أن العنف يتسبب بإصابات، فقد أبلغت 42% من النساء اللاتي تعرضن لعنف الشريك عن إصابة نتيجة للعنف.

اقرأ أيضًا: رحيل نوال السعداوي.. رائدة الدفاع عن حقوق المرأة

في حين يؤدي العنف الجنسي إلى الحمل غير المرغوب فيه، والإجهاض المستحث، ومشاكل أمراض النساء، والأمراض المنقولة جنسياً، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية، كما أنّ عنف الشريك أثناء الحمل يزيد من احتمالية الإجهاض، وولادة جنين ميت، والولادة المبكرة، وانخفاض وزن الأطفال عند الولادة.

ويزيد العنف ضد المرأة من احتمالية إصابة المرأة بالاكتئاب، فقد وجد تحليل أُجري عام 2013م، أن النساء اللواتي تعرضن لعنف الشريك كن أكثر عرضة مرتين للإصابة بالاكتئاب، ومشكلة الشرب والإدمان للهروب من المواقع.

وفي سبيل وقف العنف ضد المرأة، توصي الأمم المتحدة بتصديق الناجيات من العنف، واعتماد نهج شامل لمعالجة الأسباب المؤدية له بشكل جذري، ومواجهة الأعراف الاجتماعية السلبية، وتمكين النساء والفتيات.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة