الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

قاطَعوا الانتخابات وانتقَدوا تنظيمها.. إخوان الجزائر يتراجعون عن مواقفهم ويستجيبون لخطوات الرئيس تبون!

الجزائر- علي ياحي

في وقت رفض فيه إخوان الجزائر الانتخابات الرئاسية التي جَرَت نهاية 2019، وقاطعوها وانتقدوا تنظيمها تحت عديد من التبريرات، وتمسكوا بعدم الاعتراف بنتائجها، تراجعوا مؤخرًا بشكل استغربته الأوساط المتابعة للشأن السياسي في البلاد كما الحراك، بعد أن “قبلوا الحوار الذي دعا إليه الرئيس تبون، ثم الجلوس معه بقصر الرئاسة في إطار مشاورات أطلقها للخروج من الأزمة، بعد أن طعنوا في شرعيته وقد أفرزته الانتخابات التي قاطعوها وانتقدوا تنظيمها في وقت حرج كانت تمر به البلاد، وهي في أمسّ الحاجة إلى جميع أبنائها”، في تناقض صارخ يزيد نيَّاتهم غموضًا.

وجلس رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، مع الرئيس تبون، بقصر “المرادية”، وتناول اللقاء الإصلاحات والحوار، وضرورة الذهاب إلى انتخابات تشريعية ومحلية بعد التعديل الدستوري وقانون الانتخابات، بالإضافة إلى المخاطر المحدقة بالبلد في المجال الاقتصادي، وكذا مكافحة الفساد واسترجاع الأموال، والتعجيل في بناء المؤسسة الاقتصادية الناجحة، في مشهد “عادي” وكأن شيئًا لم يحدث.

مواقف متضاربة

وما زاد من الدهشة والغموض في آن واحد، هو أن حركة مجتمع السلم المحسوبة على الإخوان، أكدت مشاركتها في انتخابات العهدة الخامسة للرئيس السابق بوتفليقة، إثر ترشيح رئيسها عبدالرزاق مقري، ثم دعت صراحةً عكس تطلعات الشعب الجزائري إلى تمديد العهدة الرابعة للرئيس المخلوع إلى عام آخر مع بدايات الحراك.

اقرأ أيضًا: الزعامة والمصالح والخطاب المزدوج.. رصاصات قد تقضي على إخوان الجزائر

ويعتبر المحلل السياسي مومن عوير، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، أن اقتراح الإخوان تمديد العهدة الرابعة للرئيس المخلوع عرضهم إلى انتقادات شديدة من الرأي العام، فتراجع موقعهم على الساحة السياسية، قائلًا إنهم حاولوا استرجاع مكانتهم لدى الرأي العام بإعلان دعمهم للحراك ومباركتهم أغلب المطالب المرفوعة، رغم أن كثيرًا منها شعبوية وصعبة التحقيق.

المحلل السياسي مومن عوير

وتابع عوير بأن رفض حركة مجتمع السلم الإخوانية المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة له خلفيات سياسية؛ فهي حاولت مغازلة الرافضين من الحراك الشعبي من أجل كسبهم لصالحها في المستقبل القريب، وكذا من أجل التموقع بقوة في الساحة، موضحًا أن المعروف عن الحركة الإخوانية أنها شاركت في مختلف الانتخابات خلال فترة حكم بوتفليقة، وعليه “فالتبرير الذي اختفت وراءه والمتعلق بتخوفها من التزوير بسبب غياب الشفافية وآليات الرقابة النزيهة، ليس كافيًا لرفض المشاركة في موعد 12 ديسمبر”.

اقرأ أيضًا: الجزائر.. مرشحون للرئاسة يتجنبون أزمة ليبيا.. وإخواني يهاجم حفتر ويحذِّر من هجوم قواته

في السياق ذاته، سارع عبدالله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، إلى الجلوس مع الرئيس، وهو الذي قاطع الرئاسيات الماضية، ورفض الاعتراف بنتائجها، حيث قال في بيان أعقب اللقاء الذي يندرج في إطار المشاورات التي فتحها الرئيس مع الشخصيات والقيادات الحزبية وجمعيات المجتمع المدني، إنه تم التطرق إلى كيفية بناء دولة تجسد الوفاء لشهداء ثورة من جهة، وتقوى على تحقيق آمال الأمة وآمال الشعب المشروعة من جهة أخرى، مقترحًا بناء مؤسسات شرعية وقوية وعادلة، وختم بأن هناك إرادة سياسية في إصلاح الوضع؛ وهي التصريحات التي تركت الحراك مصدومًا باعتبارها صدرت من شخصية كانت إلى وقت قريب تطعن في شرعية الرئيس المنتخب.

خيانة الإخوان

تقول المحللة أسماء صبرينة، في حديث إلى “كيوبوست”: “إن أولى بوادر انقلاب الإخوان على مواقفهم كانت خلال ثنائهم على خطاب الرئيس عبدالمجيد تبون، عقب فوزه بالانتخابات، ثم سارعوا إلى تقديم خدماتهم تحت عنوان المشاركة في حل أزمات البلاد، وغازلوه بالقول إن خطابه كان جامعًا يساعد على التخفيف من التوتر”، موضحةً أن هذا التيار بات مكشوفًا لدى الرأي العام بتناقض مواقفه منذ سنوات التسعينيات، مشيرةً إلى أن الحراك الشعبي فضح “مراوغات” الإخوان؛ فبمتابعة مواقفهم منذ إعلان الرئيس السابق بوتفليقة عن عهدة خامسة حتى الأسبوع الماضي، “نجد عديدًا من المواقف المتضادة والمتناقضة” بشكل يوحي بأن الأمر يتعلق بالمصالح والتموقع لا غير.

الإعلامية المهتمة بالشأن السياسي أسماء صبرينة

وتابعت صبرينة بأن أحزاب الإخوان تتجنب معاداة الشارع المنتفض، كما تريد في الوقت ذاته المحافظة على تحالفاتها السرية مع السلطة، مضيفةً أن السلطة الجديدة التي باتت على دراية بالتلوُّن الذي تعتمده أحزاب الإخوان، قامت بتأديب الإخوان عبر الاهتمام بغريمهم؛ حيث مالت كفّة السلطة لصالح حركة البناء لزعيمها المترشح السابق للرئاسيات عبدالقادر بن قرينة، وهي الحركة المنشقة عن حركة مجتمع السلم، كما منحت رئاسة البرلمان لسليمان شنين أحد قيادات الحركة، مختتمةً بأنه “ربما أرادت السلطة توجيه رسالة بأن مستقبل المشهد السياسي يتجه نحو تغيير لاعبيه”.

اقرأ أيضًا: رئاسيات الجزائر تكشف عن “طمع” الإخوان

واتهم عمار سعداني، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير (أكبر تشكيلة سياسية حكمت البلاد منذ الاستقلال حتى سقوط بوتفليقة)، الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حركة مجتمع السلم، بأنها تساند مشروع جلادها الفريق محمد مدين المدعو توفيق، رئيس جهاز الاستخبارات الأسبق، الموجود في السجن بعد الحكم عليه بـ15 سنة سجنًا بتهمة التآمر على الجيش والدولة، عبر مقاطعتها الانتخابات الرئاسية التي تصب في مشروع الدولة العميقة وليس الدولة الوطنية أو الإسلامية، حسب قوله.

عمار سعداني

وجزم سعداني بأن حركة عبدالرزاق مقري تعمَّدت مقاطعة الرئاسيات؛ من أجل مهادنة الحراك، رغم أن هذا الأخير يقف ضدها، وقال: “إنهم يعتقدون قدرتهم على ربح الحراك الشعبي ويريدون ذلك، وعليه هم يسوقون مبررات غياب الشفافية ووجود مؤشرات تزوير الانتخابات، ومع هذا فهم لن يتمكنوا من ذلك؛ لأنهم غير موجودين في الحراك ولا خارجه”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

علي ياحي

كاتب صحفي جزائري

مقالات ذات صلة