الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

قائد أركان الجيش الجزائري يسعى لتحرير البلاد من قبضة “أذناب” باريس

فرنسا في حرب خفية مع الجزائر قبل انتخاباتها الرئاسية

كيوبوست-الجزائر

اختلطت الأمور بين الجزائر وفرنسا بعد برقية نشرتها وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، تشير إلى أن وزير خارجية فرنسا، جون إيف لودريان، أعرب عن أمل فرنسا في إقامة الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في 4 يوليو المقبل، في ظروف جيدة تسودها الشفافية والهدوء، لكن فرنسا نفت صحتها قائلةً إن التصريحات “قديمة”، وإن موقف فرنسا تغيَّر عما تم التصريح به في بداية الحراك الشعبي، وجاء هذا اللغط في وقت تشن فيه جهات فرنسية هجومًا على قائد الأركان الجزائري قايد صالح؛ الأمر الذي يكشف عن حرب خفية بين الجزائر وفرنسا.

ونفت السفارة الفرنسية ما جاء في برقية وكالة الأنباء الجزائرية، التي نشرت تصريحًا “سابقًا” لوزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، يتحدث فيه عن موقف بلاده من الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في 4 يوليو المقبل، قائلةً إن البرقية توحي بأن تصريحات وزير الخارجية جون إيف لودريان جديدة، غير أنها في الحقيقة تعود إلى السادس من مارس الماضي، وعبر عنها خلال جلسة مساءلة شفهية للحكومة في البرلمان. وعلى الرغم من أن الرد الفرنسي جاء على شكل نفي؛ فإنه مرر رسالة قوية تعبِّر عن موقف فرنسا من الانتخابات الرئاسية ومن الوضع في الجزائر، حين أشارت إلى أن “هذه التصريحات لا تعكس الموقف الفرنسي الحالي”.

اقرأ أيضًا: الجزائر تتجه إلى حل دستوري بتوابل سياسية للخروج من الأزمة

وحدثت الواقعة نفسها قبل أسبوعَين تقريبًا، إثر نشر أحد المواقع الإعلامية مقالًا زعم فيه أن السلطات الفرنسية طلبت من وزارة الخارجية الجزائرية توضيحات بشأن سجن رجل الأعمال يسعد ربراب، ضمن حملة الأيادي النظيفة التي أعلنها قائد أركان الجيش قايد صالح، ضد الفاسدين وأفراد “المجموعة” التي كان يقودها شقيق الرئيس وجنرالان، غير أن سفارة فرنسا نفت الخبر، قائلةً إن فرنسا تحترم سيادة الجزائر وسيادة شعبها الصديق، وإنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلد وليست لها أية نية في ذلك.

برقية وكالة الأنباء الجزائرية وبيان السفارة الفرنسية

محاولة استفزاز

وفي السياق ذاته، أشار الإعلامي الجزائري المهتم بالشأن السياسي، حكيم مسعودي، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، إلى أن البيان “المغلوط” لوكالة الأنباء الجزائرية قد يكون متعمدًا، يندرج في إطار المعركة الحاصلة في أعلى هرم النظام، ويستهدف قائد الأركان قايد صالح؛ في محاولة لاستفزاز الشعب ضده، بحجة أنه ينسق مع فرنسا وينفذ مخططها في ما يتعلق بتمسكه بتنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها، قائلًا إن ما يُثير الشكوك هو ما ختمت به السفارة الفرنسية بيانها؛ حين تمسَّكت بإبراز الموقف من الرئاسيات بالقول إن التصريحات التي جاءت في البرقية الجزائرية والتي يعود تاريخها إلى 6 مارس الماضي، لا تعكس نهائيًّا الموقف الفرنسي بتاريخ 9 مايو 2019.

وتابع مسعودي موضحاً أن مَن يقف وراء برقية وكالة الأنباء الجزائرية أراد أن يضرب بقوة من خلال تعكير العلاقة بين الشعب والجيش؛ حين اغتنم فرصة إحياء الجزائريين ذكرى مجازر 8 مايو 1945، التي ارتكبتها فرنسا في حق الشعب الجزائري الأعزل.

اقرأ أيضًا: خطر “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” يهدد الجزائر بالعودة للخلف

إلى ذلك، يتم تداول خبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يفيد تقدُّم وزارة الخارجية الجزائرية بطلب إلى السلطات الرسمية الفرنسية تعدّ فيه أن السفير الفرنسي في الجزائر بات شخصية غير مرغوب فيها، مطالبةً بتغييره في أقرب وقت، من دون تأكيد رسمي من السلطات الجزائرية أو نفي من الحكومة الفرنسية.

أطراف أجنبية

وقد شهدت معظم مسيرات الجمعات الـ12 التي شهدتها الجزائر منذ 22 فبراير الماضي، رفع لافتات وشعارات تنتقد فرنسا ورئيسها ماكرون، وازداد التصعيد بعد خروج قائد الأركان بخطاب انتقد فيه رئيس جهاز الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين المدعو توفيق، بالإشراف على اجتماعات “مشبوهة” مع شخصيات معروفة؛ من أجل زعزعة استقرار البلاد والتآمر على الجيش والحراك الشعبي، حيث ذكرت صحف جزائرية بعض الأسماء التي حضرت الاجتماعات، مشيرةً إلى سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ورئيس جهاز الاستخبارات السابق، والجنرال محمد مدين، ورئيس الجمهورية الأسبق اليامين زروال، والجنرال بشير طرطاق، رئيس جهاز الاستخبارات الذي خلف المُقال توفيق، إضافة إلى عناصر من المخابرات الفرنسية، ثم تبعها قائد الأركان بانتقاد فرنسا ضمنيًّا في خطاب، موضحًا أن “أطرافاً أجنبية تحاول، انطلاقًا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، دفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبًا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة”.

قايد صالح

وتوجه فرنسا سهامها نحو قائد أركان الجيش الجزائري عبر وسائلها الإعلامية، وذلك منذ اتهامه جهات أجنبية بمحاولة زعزعة استقرار الجزائر؛ ما يكشف عن تحوُّل مرتقب لفرنسا في التعاطي “الحذر” مع الأزمة الجزائرية بما يهدد البلدَين بمواجهة دبلوماسية قد تعصف بعلاقاتهما المتجذرة؛ حيث تركز وسائل إعلام فرنسية على لافتات وشعارات تستهدف قائد أركان الجيش، يرفعها المتظاهرون خلال مسيرات الجمعة، مثل ما جاء في تقرير لـ”لاتريبون” الفرنسية، بينما اتجهت أخرى إلى نشر أخبار تشكك في صلابة وتماسك المؤسسة العسكرية، وتروج لانشقاقات تهدد قائد الأركان؛ حيث أوضح موقع “موند أفريك” المقرب من الاستخبارات الفرنسية والممول قطريًّا، أن قايد صالح يعاني الأَمَرَّين، فبينما كان يحارب فساد “عصابة معينة” تعرَّض لـ”خديعة” من دائرته التي كانت تنقل مكالماته إلى محيط الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة؛ الأمر الذي دفعه إلى إحالة الجنرال تابت، إلى القضاء العسكري بتهم التجسُّس على قائد أركان الجيش.

الاستعماريون الجدد

ويقول المحلل عبدالكريم تفرقنيت، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: إنه يوجد في فرنسا مَن لم يستوعب أن الجزائر أصبحت دولة ذات سيادة وقوة إقليمية سياسيًّا وعسكريًّا، وهؤلاء الاستعماريون الجدد الذين يتمركزون في الرئاسة والحكومة الفرنسيتَين، يسعون للتأثير على القرار الجزائري الذي يتخذه حاليًّا الجيش عن طريق قيادة الأركان، كونهم يعرفون أن الإطارات السامية الحالية في الجيش، ليس لها ارتباطات بفرنسا، ولا تخدم مصالحها الاقتصادية والثقافية ولا حتى السياسية والاجتماعية؛ وبالتالي فإن إشرافها ومرافقتها عملية التحضير لانتخاب رئيس جديد للجزائر في المرحلة المقبلة، لن يكون في صالح الأخطبوط الفرنسي الذي لا يفضل الشفافية السياسية ولا يحبذ التنافس الاقتصادي، موضحًا أن الأخطبوط الفرنسي يسعى إلى ربط علاقات خفية؛ للوصول إلى أهداف بعيدة عن مطالب الشعب. وأوضح تفرقنيت أن مسعى قيادة أركان الجيش لا يحقق رغبة الأخطبوط الفرنسي في الجزائر؛ بل إن قائد الأركان ندَّد صراحةً في خطاباته بالتدخلات التي تحاول أن تفرضها دولة أجنبية على مسار الحل المرتقب تحقيقه في الجزائر خلال مرحلة ما بعد الحراك، متابعًا أن فرنسا باتت تشعر أن كثيرًا من الشخصيات التي كانت تعول عليها بدأت في السقوط؛ فهناك شخصيات سياسية أُبعدت عن الحكم وهناك وجوه بارزة من عالم المال والأعمال اقتيدت إلى المحاكم، وهذا المشهد يزعجها ويقلل من تأثير نفوذها الخفي في دوائر القرار الجزائري، بل قد يقضي عليه.

اقرأ أيضًا: تركيا وقطر تدفعان بالجزائر إلى التعفن

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة