الواجهة الرئيسيةترجمات
في طرابلس الليبية.. كيف تجنِّد حكومة الوفاق المهاجرين كمرتزقة؟
إنها عملية تجنيد غير قانونية لكنها تتم بسرية.. خصوصًا بعد فضيحة سوق الرقيق التي صورتها شبكة "سي إن إن" قبل عامَين

كيوبوست- ترجمات
سواء أكانوا من تشاد أم من السودان، فإنهم يبيعون أنفسهم لقاء قطعة خبز في “بازار المرتزقة الكبير” على مشارف طرابلس؛ حيث يتم تجنيد المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، للقتال على الجبهة الليبية مع الميليشيا التابعة لحكومة الوفاق.
استغلال للمهاجرين
لا تجنِّدوا القادمين من غانا “إنهم لا يعرفون حتى كيف يحملون البندقية، التشاديون قادرون على ذلك؛ فهؤلاء الناس يشعرون بأنهم ليبيون ويريدون القتال، حتى الإريتريون متمرسون على حمل السلاح، لقد ولدوا جنودًا”. لكن الأفضل بطبيعة الحال هو السودانيون: “لقد وصل كثير منهم هنا كمرتزقة، وليس هناك أي عوائق تحول دون الحصول على أحدهم لتجنيده من قِبَل الميليشيات..”، يتردد هذا الكلام في السادسة صباحًا عند دوار “فاشلوم” الواقع في ضواحي العاصمة طرابلس؛ هو بمثابة سوبر ماركت ضخم للحصول على الجنود بسعر مخفض.
اقرأ أيضًا: ليبيا.. فتاوى الصادق الغرياني تؤجج الصراع وتخدم الإخوان
في حالة الحرب التي تشهدها البلاد تقع مكاتب التجنيد في كل مكان تقريبًا، بين المباني قيد الإنشاء أو في الغرف الخلفية للمقاهي؛ لأنه وعلى عكس الاعتقاد السائد هناك مهاجر من كل عشرة في ليبيا محتجز في مركز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين. أما الآخرون فهم أحرار في الشوارع يحلمون بالهجرة إلى إيطاليا.
هكذا يتم عرض البضائع البشرية في وقت مبكر على الأرصفة المهترئة، هناك العشرات من الأفارقة الذين يقفون بأرجلهم العارية وأجسادهم المتعبة بانتظار دورهم في البيع. اليوم مثلًا هناك طلبية خاصة؛ فالجبهة تحتاج إلى شخص ما لدفع عربة يدوية مقابل خمسة يوروهات في اليوم، وآخر قادر على تجصيص المباني بالجير وتفريغ الشاحنات، وبالنسبة إلى القادر على حمل السلاح فسيكون مكانه مع الميليشيات.. يقبل البعض؛ لأنه على الأقل سيحصل على 300 يورو شهريًّا، وسيحصل على وظيفة ثابتة تؤمن له الطعام كل يوم؛ لكن البعض الآخر يرفض الدفع بحياته مقابل هذا المبلغ.

تجنيد خارج القانون
إنها عملية تجنيد غير قانونية؛ لكنها تتم بسرية، خصوصًا بعد فضيحة سوق الرقيق التي صورتها شبكة “سي إن إن” قبل عامَين.. عندما نسأل ناصر عمار، 50 عامًا، القائد في ميليشيا “الوفاق” على رأس كتيبة تضم ثلاثمئة رجل؛ لحماية حدود العاصمة طرابلس، يجيبك بسؤال آخر: “تسألني لماذا نستخدم المهاجرين في الحرب؟ بدلًا من ذلك، اسأل الآخرين لماذا يقومون بتجنيد المرتزقة من كل مكان؟”.
يقول أ.أ، نيجيري، بالغ من العمر 44 عامًا: “هم لا يخبرونك أنك ستنضم إلى الميليشيات؛ هم يعلنون فقط أنهم بحاجة إلى خمسة عشر شابًّا في الخطوط الأمامية لمدة شهر.. القائد الليبي هو الذي يحصل على المال، أما إذا أراد المهاجرون الإبقاء على وظائفهم فعليهم أن يطيعوا رجال الميليشيا وينفذوا أوامرهم”.
اقرأ أيضًا: كيف استخدمت تركيا المقاتلين السوريين كجيش مرتزقة في ليبيا؟
أولئك الذين يغادرون يتم استبدال آخرين بهم، حسب هذا الرجل النيجيري الذي كان لاعب كرة قدم في بلده. ويوضح: “يتم تعيين معظم المهاجرين في الإشراف على خدمة القوات وغسل الأواني، بينما يتم إرسال التشاديين والإريتريين، الذين يعرفون كيفية التعامل مع الأسلحة بشكل أفضل، إلى خط المواجهة”.
لا يعتقد الكل هنا أن ما يحصل هو عملية تجنيد قسري، كما تقول دوناتيلا روفيرا، من منظمة العفو الدولية: “فالجميع يعلم أن تشاديي قبائل التبو أو عشيرة المحاميد يعتبرون أنفسهم قبائل ليبية، وبالتالي ينضمون إلى صفوف المقاتلين بإرادتهم الحرة كما يؤكدون. أما بالنسبة إلى الآخرين فقد تستغلهم الميليشيات؛ لكن من الناحية الفنية لا يمكن تعريف ما يحصل بأنه تجنيد”.
اقرأ أيضًا: أردوغان يواصل مغامرته “المتهورة” في ليبيا
يقول أشرف أوكادو، وهو رجل سوداني، يبلغ من العمر 22 عامًا: “لم يطلب أحدٌ منِّي التجنيد، ولكن لِمَ لا؟ هناك، على الأقل، نتقاضى أجورًا”. في الآونة الأخيرة، عمل أشرف كميكانيكي لمدة ثلاثة أيام طوال اثنتي عشرة ساعة في اليوم، مختتمًا: “في النهاية، ضربني الزعيم الليبي، ولم يعطِني فلسًا واحدًا. وتبقى الميليشيات هي الخيار الأفضل”.
لكن هذا ليس ما تفكر فيه المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، عبر ممثلها الخاص في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط فنسنت كوشيل، الذي ندَّد منذ وقت طويل بالممارسات المعمول بها في مركز قصر بن غشير للاحتجاز جنوب طرابلس؛ حتى منظمة كاريتاس الإنسانية التي طلبنا منها تأكيد المعلومة تختبئ وراء رد رسمي مراوغ: “لسنا على علم بأية حالات للمهاجرين الذين جندتهم الميليشيات”؛ لكنها تهمس في أُذننا قائلةً: “في الواقع، نحن نعرف ما الذي يحدث؛ لكن لا يمكننا قول أي شيء، أو ستواجهنا المشكلات”.
المصدر: corriere.it