اسرائيلياتالواجهة الرئيسيةشؤون دولية
في رصد التصعيد: إسرائيل تريد “تأديب” إيران، لا القضاء على نظامها!
هل تكون تلك الخطوات مقدمة لحرب بين الطرفين؟

خاص كيو بوست –
كشف رئيس مركز الدراسات الإيرانية-العربية في لندن الدكتور علي نوري أن قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني كان متواجدًا في سوريا عشية الضربة الإسرائيلية لـ”البنية التحتية الإيرانيّة في سوريا”، غير أنه غادر الأراضي السورية إلى طهران قبل ساعات من الضربة، بناء على تحذير روسي.
اقرأ أيضًا: إيران وإسرائيل في سوريا: هل تندلع الحرب قريبًا؟
وأوضح زادة في حديث خاص بـ”كيو بوست” أن قاسم سليماني جاء إلى سوريا يوم الثلاثاء ليغادر الأربعاء إلى طهران، حيث شارك في اجتماع للجنة “الأمن القومي”، ليعود بعدها إلى دمشق نهاية الأسبوع، ما يعني أن سليماني لم يكن متواجدًا يوم الضربة الإسرائيلية؛ الأمر الذي يثير تساؤلًا كبيرًا حول ما إذا كان إطلاق الصواريخ الإيرانية تجاه الجولان المحتل، ثم الرد الإسرائيلي قد تم كله بالتنسيق مع روسيا ليكون تحت السيطرة؛ منعًا من أن يتسبب ذلك بحرب.
يُشار إلى أن مصادر سياسية مطلعة أفادت لـ”كيو بوست” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد استبق ضربة فجر الخميس بلقاء عاجل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حاملًا معه رسالة إلى إيران تحتوي على شقين؛ الأول يطمئن طهران أن إسرائيل غير معنية بحرب، وأما الثانية، فتحذير لإيران في الوقت ذاته من أن الرد على أي هجوم في العمق الإسرائيلي، سيكون قويًا وأكبر بكثير مما تتخيله طهران.
ويبدو أن إيران حرصت بالفعل في ردها الاستعراضي الدرامي أن يكون بالفعل على خطوط التماس وفي مناطق فارغة، حتى لا تستفز إسرائيل بالقدر الذي يدفعها لحرب معها، ولتقول طهران لأنصارها في الوقت ذاته “ها أنا قد رددت”.
ولكن حتى هذا، لا تقبله إسرائيل؛ إذ قامت ردًا على الصواريخ الإيرانية، باستهداف نحو ٤٤ هدفًا إيرانيًا في سوريا، وفقًا لما يؤكده المعارض الإيراني علي نوري زادة؛ إذ قال إنه طال مركزًا قياديًا للحرس الثوري قرب دمشق، إضافة إلى مركز استخبارات، وآخر مخصص للاستطلاع والرصد، حيث يحوي الأخير رادارات متطورة جدًا، لكن تم تدميرها كلها.
اقرأ أيضًا: إسرائيل تجيب: هل سيقود إسقاط الطائرة إلى حرب مع سوريا؟
ويكشف زادة أن عدد القتلى الإيرانيين الذين سقطوا بالضربة الإسرائيلية الأخيرة يقدر بـ7، إضافة إلى 20 قتيلًا من الأفغان، وعدد من العراقيين واللبنانيين.
ولذلك يعتقد زادة أن إيران لن تختبر إسرائيل مرة أخرى بعد الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها، فلا هي أوجعت إسرائيل، ولا هي استطاعت أن تحمي قواعدها في سوريا.
ويقول زادة إن مجمل القتلى الإيرانيين من “الحرس الثوري” و”الباسيج” جراء الضربات الإسرائيلية في سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قد بلغ قرابة ٢٧، فضلًا عن عشرات القتلى من الأفغان والباكستانيين المنضوين تحت لواء “فاطميون” و”زينبيون”.
اقرأ أيضًا: الشرارة التي قد تشعل الحرب بين إسرائيل وإيران
ويؤكد علي زادة أن النظام الإيراني يواجه نقدًا كبيرًا من قبل عناصره الذين عبأهم وعلمّهم “شعاراته” منذ أن كانوا تلاميذ صغارًا بالمدرسة، بسبب عدم رده على الضربات الإسرائيلية؛ ليجد النظام نفسه أمام كابوس ومعضلة، فكان لا بد من الرد إرضاءً لأنصاره، ليختار الرد في أماكن خاصة ليست داخل إسرائيل، وإنما على خطوط التماس في الجولان السوري المحتل، ودون أن تؤدي إلى حرب.
وفوق ذلك كله، يواصل إعلام إيران والموالي لها -منذ أيام- التغني بما أسموها “البطولات الإيرانية” عبر نشر دعاية بـ”كسر إسرائيل” بسبب “الصواريخ العشرين”، التي يؤكد علي زادة أنه لم يصل أي منها إلى أهدافه، مشيرًا الى أن هذا الإعلام سيواصل كذبه على مدار تسعة أيام أخرى، ولكن بعد ذلك، فإن كل شيء سيُنسى.
ولأن روسيا لن تقوم بالدفاع عن “الحرس الثوري” الإيراني في سوريا، كما أن الجيش السوري غير قادر على التصدي للضربات الإسرائيلية، يشدد الخبير الإيراني علي زادة أن طهران ليست بصدد توجيه صواريخ إلى داخل إسرائيل، وبالتالي لن يكون هناك حرب.
اقرأ أيضًا: جيش لحد الجديد: 7 فصائل سورية في الجولان تدعمها إسرائيل بالسلاح
غير أن مسألة تدحرج كرة “الصراع” والأحداث وتطوراتها إلى حرب إيرانية-إسرائيلية مرهونة بسؤال مفاده “ماذا تريد تل أبيب؟ ثم هل وصلت إسرائيل إلى مرحلة قررت فيها تدمير كل البنية التحتية لإيران، وكذلك أذرعها في المنطقة وعلى رأسها حزب الله في لبنان؟”
لكن زادة يعود ويؤكد أنه ليس لدى إسرائيل حدود مشتركة مع إيران، ولا يمكن للأخيرة أن تشعل حربًا مع الدولة العبرية من مسافة 2000 كيلو متر. هذا إن علمنا أنه باستطاعة إسرائيل الوصول إلى الأجواء الإيرانية بكل سهولة وضرب ما تشاء من أهدافها.
وفي السياق، ذكّر الخبير الإيراني علي زادة بدخول طائرتين إسرائيليتين الأجواء الإيرانية الشهر قبل الماضي، حيث التقطتا صورًا وتسجيلات لمواقع عدة، قبل أن تعودا إلى تل ابيب دون أن يتم التعرض لهما.
ويتابع زادة “النظام في إيران رفع شعارات وهمية بإزالة إسرائيل، من منطلق محاولاته للمتاجرة بالقضية الفلسطينية. ولذلك يحاول هذا النظام بين الفينة والأخرى أن يستفيد من القضية عبر استعراضاته بالعداء مع إسرائيل، ولعل ما يجري في سوريا يندرج تحت هذا الإطار”.
من جهته، اعتبر الدبلوماسي الروسي السابق فيتشلاف موتوزوف أن ما ظهر على أساس أنها مواجهة إيرانية إسرائيلية في سوريا مؤخرًا، هو عبارة عن تصعيد قبل المفاوضات والحل السياسي في سوريا، وذلك مع قرب انتهاء المعركة التي يشنها النظام السوري بدعم روسي ضد داعش والنصرة وفصائل المعارضة الأخرى.
اقرأ أيضًا: كيف تنظر إسرائيل إلى جبهة الجيش السوري القادمة في المنطقة الساخنة؟
ويرى موتوزوف في حديث خاص لـ”كيو بوست” أن ما يجري في المنطقة هو تشدد مواقف إسرائيل والولايات المتحدة وإيران قبل البدء بأي مفاوضات سترسم الحل السياسي النهائي للأزمة السورية، ومعها أزمات المنطقة، ما يعني أن كل طرف يحاول أن يُحسّن شروطه بالمفاوضات.
بيد أنه لا يبدو أن إيران قادرة على تحسين شروطها، ما يدفع بمراقبين إلى القول إنها ستتنازل في نهاية المطاف، وستخرج من سوريا، حتى لا تخسر كل شيء، خصوصًا بعد التصعيد الأمريكي سياسيًا واقتصاديًا ضدها.
كما أن إسرائيل في نهاية الأمر تريد فقط تهذيب وتأديب النظام الإيراني وليس القضاء عليه؛ ذلك أن وجوده واستمراره يقدم خدمة لإسرائيل في إثارة النعرات الطائفية والقلاقل بالمنطقة.
ولهذا يعتقد موتوزوف أنه لا توجد أية خطورة لتطور الأحداث الجارية في المنطقة إلى حرب بين إسرائيل وإيران.