الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

في جزيرة كاليمنوس اليونانية.. التهديد التركي موجود في كل مكان

في مواجهة استفزازات أنقرة الأخيرة في المنطقة تسترجع هذه الجزيرة الواقعة ضمن مقاطعة دوديكانيسيا التصعيد الذي حدث عام 1996 عندما رفع الأتراك عَلَمهم على جزيرة إيميا القريبة

كيوبوست- ترجمات

عند الوصول إلى ميناء كاليمنوس، الواقع بين ميناءي كوس المزدحم عادة ورودس، يلفت الانتباه تلك المنازل بألوانها المدهشة للغاية، بشكل معاكس لباقي الجزر اليونانية المجاورة؛ حيث يسيطر اللونان الأبيض والأزرق على الطراز المعماري.

لكن في جبال كاليمنوس الجبلية، تشاهد هذه الألوان (الأزرق والأبيض) على العَلَم اليوناني المفروض في كل مكان؛ في الكافيتيريات والمحلات التجارية؛ بما في ذلك على جانبي الجبل المحيط بالميناء.

اقرأ أيضاً: أنقرة تستنفر قواتها في “المتوسط” بعد اتفاق الترسيم المصري- اليوناني

تتفاجأ سائحة يونانية عندما تصل إلى هذه الجزيرة، قائلة: “اليونانيون لا يفعلون الشيء نفسه عندما تطلب منهم الحكومة رفع العَلَم على شرفاتهم في العيد الوطني!”. يذهب أنجيلوس أوليمبيتيس، مدير فندق Olympic Hotel، إلى أبعد من ذلك؛ حيث يقول: “لقد رسمت علماً ضخماً على سطح الفندق الذي أديره، حتى تُصاب الطائرات المقاتلة التركية والتي تنتهك باستمرار مجالنا الجوي بالعمى. في البداية اعتقد الجميع أنني مجنون، ثم بدؤوا في فعل الشيء نفسه”، على حد قوله.

الصحفيون الأتراك يرفعون العلم التركي مكان اليوناني في عام 1996- وكالات

حادثة (إيميا)

الموضوع التركي يكتسب أهمية خاصة في هذه الجزيرة؛ حيث يشعر سكانها بالقلق إزاء الاستفزازات الأخيرة من البلد المجاور، ففي 21 يوليو الماضي، وقبل أيامٍ قليلة من أول صلاة للمسلمين في ساحة كاتدرائية “آيا صوفيا” القديمة، التي تحولت إلى مسجد، أثارت أنقرة التوتر في البحر الأبيض المتوسط، وأعلنت عزمها إرسال سفينة تنقيب محاطة بـ18 سفينة حربية حول جزيرة “كاستيلوريزو”، أقصى شرق الجزر اليونانية، وأعقب ذلك ماراثون دبلوماسي أوروبي؛ حيث رفعت البحرية اليونانية حالة التأهب القصوى. بعد أيام قليلة عادت السفن التركية أدراجها؛ لكنها “سوف تعود”، يتابع أنجيلوس أوليمبيتيس، صاحب الفندق.

إن رفض تركيا الاعتراف بحدود 10 أميال للمجال الجوي اليوناني، فضلاً عن حدود المياه الإقليمية اليونانية والتي يبلغ طولها 12 ميلاً، حسب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، يعد سبباً للحرب بالنسبة إلى اليونان؛ حيث تعتبره أثينا “مظهراً من مظاهر التوسع التركي”.. استفزازات أنقرة يومية هناك؛ لذلك فمن المألوف رؤية طائرة مقاتلة تركية تحلق فوق كاليمنوس خلال النهار. “نحن نتعرض باستمرار إلى مضايقات من قِبل الأتراك، على جميع المستويات؛ لكن ليس لدينا خيار سوى أن نكون على أهبة الاستعداد، وإلا فإننا نجازف برؤية حادث على غرار ما حدث في جزيرة إيميا مرة أخرى”، يضيف صاحب الفندق.

حادثة (إيميا) أو (كارداك) باللغة التركية، لا تزال عالقة في أذهان سكان الجزيرة؛ حيث تعود رحاها إلى عام 1996؛ ففي إحدى أمسيات شهر يناير، قام صحفيان تركيان من صحيفة “حرييت”، بإنزال العلم اليوناني لوضع العلم التركي مكانه. وصبَّت صحافة البلدين العضوَين في الناتو، مزيداً من الزيت على جمر الحادثة. في ذلك الوقت لم يتخذ الاتحاد الأوروبي أية مبادرة، بينما تناول الرئيس الأمريكي، آنذاك، بيل كلينتون، القضية، وأرسل ريتشارد هولبروك، نائب وزير الخارجية، الذي جعل منها، دون الحكم على سيادتها، “المنطقة الرمادية” الأولى.

اقرأ أيضًا: تركيا تعبث بالقانون الدولي في غاز المتوسط

منطقة رمادية

بالنسبة إلى أستاذ القانون الدولي بجامعة إيجة، يانيس ستريبس، يبدو أن التهديد التركي الذي يُخيِّم ​​اليوم على جزيرة “كاستيلوريزو” يتخذ بعداً مختلفاً عما حدث في جزيرة إيميا؛ فلا يمكن أن تصبح هذه المنطقة “منطقة رمادية”؛ لأنها مأهولة بالسكان على عكس إيميا، والنصوص واضحة. لقد تنازلت تركيا عن الجزيرة للإيطاليين عام 1923، وهم أعادوها إلى اليونان عام 1947؛ مثل كاليمنوس وجزر دوديكانيز الأخرى. وبالتالي “فإن ادعاء أنقرة ليس طمعاً في الجزيرة بقدر ما هو بسط المدى الاستراتيجي للسيادة البحرية التي ترغب في أن تمتد إلى مصر، تركيا تريد أن تصبح مهيمنة في المنطقة”.

الصيادون اليونانيون ومضايقات تركية مستمرة- وكالات

يانيس ستريبس، مثل العديد من اليونانيين، يرحب بإدانة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاستفزاز التركي، “لقد لعبت فرنسا بالتأكيد دوراً حاسماً مهماً، كما فعل تدخل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي سارعت إلى مطالبة أردوغان بوقف التنقيب غير القانوني”.

في الميناء، وبالقرب من المنارة التي تعلوها صفارات الإنذار ملوحة للسفن، تصطف قوارب الصيد عند الفجر، جيورجوس هو أحدهم، يمثل هذا الرجل مع شقيقه التوأم، الجيل الثالث من الصيادين. بالنسبة إليهما، فإن تهديدات تركيا العدوانية روتينية. يقول الصياد: “نحن نكافح من أجل اصطياد السمك كل عام”. فبمجرد نصبنا الشباك تصل القوارب التركية دون عوائق وتصطاد في المياه اليونانية. نشعر بالقلق أثناء العمل؛ “لأن الصيادين الأتراك مسلحون، ولا يترددون في إطلاق النار في الماء؛ لإخافتنا وتخريب سُبل عيشنا”.

بالنسبة إلى جيورجوس، كان من الممكن أن تتحول أزمة إيميا في عام 1996 إلى مأساة، وفتيل التوترات بين البلدين لا يزال مشتعلاً. لقد فقدنا جزءاً من أراضينا؛ فالمنطقة الرمادية لا تعني شيئاً، إنها ليست صيغة سياسية أو دبلوماسية.

يتابع الصياد: “هذا عار، يُقال لنا باستمرار إن شن الحرب ليس حلاً، ويجب أن نظل سلميين قدر الإمكان؛ لكن لا يزال يتعين علينا الاستيقاظ والرد ومعاقبة التهديدات التركية”.

المصدر: لوفيغارو

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة