الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
في تونس.. حركة النهضة تحشد أنصارها وتهدد بقلب الطاولة

تونس- وفاء دعاسة
توجه الآلاف من أنصار حركة النهضة، من مختلف المحافظات التونسية، السبت 27 فبراير 2021، نحو العاصمة، وجُنِّدت القطارات والحافلات والسيارات لحشدهم؛ من أجل إقامة المسيرة التي دعا إليها رئيس الحركة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، تحت شعار “الثبات والدفاع عن المؤسسات”. وردد أنصار الحزب المشاركون في المسيرة هتافات “الشعب يريد حماية المؤسسات”، و”الشعب يريد الوحدة الوطنية”، و”الشعب يريد حماية الدستور”، و”لا رجوع للديكتاتورية”.
ولطالما دعم حزب النهضة الإسلامي، بقيادة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، رئيس الوزراء هشام المشيشي، في مواجهته مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، في ما يتعلق بتعديل وزاري. وأجَّج الخلاف جدالاً على مدى أشهر بين السلطات الثلاث في أحدث أزمة سياسية تشهدها تونس منذ انتخابات 2019.
رسائل الغنوشي

وألقى زعيم “النهضة” راشد الغنوشي، كلمة في أنصاره، دعا من خلالها إلى “الوحدة ونبذ العنف والتعاون”، وقال: “هذا شعب الثورة.. الثورة ما زالت حية ولم تنم.. ندعو الجميع إلى الوحدة والحوار، وتونس تتسع للجميع بعيداً عن الإقصاء”، مضيفاً: “الشعب يقول كلمته اليوم.. نريد الديمقراطية، ونرفض الشعبوية”.
اقرأ أيضاً: تونس.. حركة النهضة تجيش الشارع تمرداً على النظام
في المقابل، يرى مراقبون أن خروج “النهضة” إلى الشارع، هو محاولة للرد على قيس سعيّد ودعوات أنصاره إلى حل البرلمان؛ ولكنه كذلك محاولة لاستعراض القوى وترويجها خارجياً في مواجهة الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسى.
وفي هذا السياق، اعتبر النائب المستقل بالبرلمان خالد قسومة، أن محاولات الغنوشي إيهام القوى الخارجية المتابعة للشأن الوطني بأن الإسلام السياسي قوة شعبية، تتحطم الواحدة تلو الأخرى على صخرة.

وقال قسومة، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي عبر “فيسبوك”، مساء السبت: إن الأولى منها هي الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسى التي أكدت تفوقها في التعبئة الشعبية وديمومتها، وهو ما تؤكده نتائج سبر الآراء، أما الصخرة الثانية فيرى قسومة أنها تأتي من رئيس الجمهورية قيس سعيد، وتمسكه برفض اليمين الدستورية وإحالة الحكومة على الإنعاش السياسي والشلل الإداري، والثالثة هي تحطم أحلام الغنوشي بأن يكون زعيماً شعبياً في ظل الخراب الذي لحق بالبلاد؛ جراء سياسات حكومات “النهضة” المتعاقبة، وَفق تقديره.
ولاحظ قسومة أن الغنوشي أراد أن يبعث برسالة عبر التعبئة والحشد إلى أنصاره بأنه القوة السياسية الأولى، إلا أنه فشل في ذلك؛ وهو ما يؤكده تراجع مخزون حركته في الشارع، علاوة على محاولة زعيم “النهضة” فرض الوصاية والهيمنة على شركائه في الحكم، وإعداد العدة للتخلص من رئيس الحكومة هشام المشيشي.
الاحتكام إلى الشارع
بالتوازي مع مسيرة “النهضة”، خرجت مظاهرة أخرى مضادة، وسط العاصمة، دعا إليها حزب العمال اليساري، و”اتحاد القوى الشبابية”؛ تنديداً بما وصف بـ”عبث المنظومة القائمة” خلال السنوات العشر الأخيرة، ومسؤوليتها عن الأزمات المختلفة في البلاد.
ويرى مراقبون أن تونس مقبلة على معركة الشوارع والتحشيد المضاد في الفترة القادمة؛ مما ينذر بانفجار أزمة اجتماعية وشيكة تعمق أكثر الأزمة الاقتصادية في البلاد.
اقرأ أيضاً: الفوضى تعم تونس.. وأصابع الاتهام تشير إلى “النهضة“
وقال الأمين العام لحزب العمال، حمة الهمامي، إن حركة النهضة “تتحمل مسؤولية تدمير تونس وخرابها”، مضيفاً أنها “تقدم نفسها اليوم كضحية؛ وهو سبب نزولها إلى الشارع”.
وبيَّن الهمامي، في تصريحٍ إعلامي، أن خروج حزبه إلى الشارع يهدف إلى: “قول كفى عبثاً بتونس وبمصالح الشعب”، داعياً التونسيين والتونسيات إلى تحمل مسؤولياتهم في ظلِّ عدم وجود رغبة من الحكام في حل الأزمة الراهنة.

من جانبه يرى الأمين العام للحزب الجمهوري؛ عصام الشابي، “أن تأتي الدعوة إلى التظاهر والخروج إلى الشارع من حزب يتحمل المسؤولية الأولى في الحكم؛ خصوصاً بعد خروج مسيرات أخرى إلى الشارع، فإن ذلك دليل وإقرار على انسداد أدوات الحوار الرسمية والمؤسساتية، وتؤكد أن التمثيلية للمؤسسات الرسمية أصبحت عاجزة عن احتواء الحوار ومعالجة الأزمة،كما أن الاحتكام إلى الشارع ليس بالحل، ولا يمكن أن يعالج الأزمة السياسية أو الاقتصادية أو يغطي السيولة لخزينة الدولة”.
واعتبر الشابي، في حديثٍ خاص أدلى به إلى “كيوبوست”، أن المسيرة هي تحصن وراء ما تدَّعيه هذه الأطراف من شرعية أو شعبية؛ لكن تونس في حاجة إلى حلول جدية، وهي طريق الحوار الوطني ووضع خريطة طريق ينكبّ على الأزمة السياسية والاقتصادية والوضع الاجتماعي المتوتر، ويكلف الحكومة بتنفيذها في إطار أدنى من الوحدة الوطنية؛ لأن البلاد مهددة بالإفلاس والانهيار، ولا يمكن أن تستمر بقيادة مؤسسات دولة متنافرة ومتصادمة.
اقرأ أيضاً: “النهضة” وحلفاؤها يحاولون عرقلة مبادرة للحوار الوطني في تونس
وتابع الأمين العام للحزب الجمهوري: “ما أتمناه هو أن تكون الدعوات إلى الحوار دعواتٍ صادقة، وليس لإقامة الحجة على الآخرين والاستمرار في التموقع وتحصين المواقع؛ لأن أول مَن أطلق مبادرة الحوار بصورة جدية وملموسة هو الاتحاد العام التونسي للشغل، والأغلبية تعاملت معه بوضع العراقيل أمام هذه المبادرة، كما أن حركة النهضة أول مَن رفض أن يكون الحوار سياسياً، وطالبت بأن يكون مقتصراً على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، واختارت ما يلائمها.
وأكد الشابي أن هذا ما يؤكد عدم الشعور بالمسؤولية؛ فهناك أزمة نخبة سياسية في تونس لا تعي خطورة الأزمة، فالبلاد مهددة جدياً بالإفلاس واندثار الدولة، ومسار متأزم قد يؤدي إلى الفوضى والعنف، حسب تعبيره.