الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
في تركيا.. إعلان حزب المستقبل يكشف عن صراع الإخوة الأعداء

كيوبوست
لم يكن مفاجئًا إعلان رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، يوم الجمعة 13 ديسمبر الجاري، عن تشكيل حزبه السياسي الجديد، وهو الذي تمرَّد على رفيق دربه رجب طيب أردوغان، واتهمه بالانجراف نحو الاستبداد، لافتًا أكثر من مرة إلى الانقسامات التي تؤثر على حزب العدالة والتنمية، والذي كان أوغلو في يوم من الأيام أحد أبرز أعضائه المؤسسين.
حزب “المستقبل” هو الاسم الجديد لهذا الحزب الذي أطلقه أحمد داود أوغلو، متعهدًا بدستور جديد، وتجديد في السياسة الخارجية، وتوثيق أكبر للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ووضع نهاية للفساد والحد من عدم احترام الحريات؛ وأبرزها حرية الإعلام.. لقد قال صراحةً في المؤتمر الصحفي الذي عقده في فندق شهير في أنقرة: “سنبني بلدًا لن يواجه فيه الصحفيون محاكمات تعسفية”.

تهديد لأردوغان
يمثل ظهور هذا الحزب تهديدًا لهيمنة حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، والذي ظل متسيدًا السلطة في تركيا منذ عام 2002؛ خصوصًا أن داود أوغلو لم يكن الوحيد الذي تمرد على أردوغان، حيث انتقد علي باباجان، أحد أبرز أصدقاء أردوغان، حزب العدالة والتنمية، في 8 يوليو الماضي، مشيرًا إلى “التباينات العميقة” بين قيمه الشخصية وتلك التي تظهرها قيادة الحزب، وقد وعد هو الآخر بأن يطلق حزبه مع نهاية العام.
اقرأ أيضًا: اتفاق السراج- أردوغان.. دعم للميليشيات الإرهابية المسلحة!
طموحات الرجلَين تشكِّل خيبة أمل كبيرة للرئيس التركي؛ فحتى لو كان للحزبَين المقبلَين بقيادة باباجان وداود أوغلو نسب مئوية منخفضة إلى حد ما (9٪ و3٪ على التوالي) في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2023، فإنها ستُضعف بلا شك من القاعدة الانتخابية للحزب الرئاسي؛ لأنها تصطاد الأصوات من نفس القاعدة الانتخابية، والتي ينشط فيها الإسلام السياسي.
ينتقد رئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو، بشكل خاص، النظام الرئاسي الذي وضعه أردوغان، متعهدًا باستعادة سلطات البرلمان إذا نجح في الانتخابات، قائلًا: “لقد خلق النظام الحالي عدم كفاءة خطيرة، ومشكلة فقدان ثقة في معاييرنا الديمقراطية” كما قال في المؤتمر، رغم أنه صوَّت لصالح التعديلات الدستورية التي فرضها أردوغان عندما كان عضوًا في الحزب.
اقرأ أيضًا: أقارب أردوغان يخططون السياسة الخارجية لتركيا
لدى داود أوغلو أجندة أكثر تحفظًا من باباجان، وزير الاقتصاد السابق الذي يتمتع بشعبية عالية في أوساط التجار ورجال الأعمال، هذا القطاع الذي تأثَّر سلبًا بالانكماش الاقتصادي وغياب الإصلاحات، والأنظار تتجه إليه؛ في محاولة لإنعاشه إذا قدَّم برنامجًا يتفوق فيه على صديقه القديم أردوغان.
الإخوة الأعداء
كان داود أوغلو، وهو أستاذ جامعي سابق، خجولًا إلى حد ما منذ أن تم طرده من الحكومة، وحريصًا على عدم انتقاد رئيسه السابق حتى الآن؛ فمثلًا بين عامَي 2016 و2019، ظل أوغلو صامتًا عن عمليات القمع الحاصلة، وتقلبات النظام القضائي، وتراجع حكم القانون، وقال عند استقالته إن أمله كان في “إصلاح الحزب من الداخل”.
لكن هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية في 31 مارس الماضي، عندما خسر الإسلاميون عديدًا من معاقلهم المهمة؛ بما في ذلك إسطنبول وأنقرة، والتي سيطروا عليها لمدة خمسة وعشرين عامًا، تغيَّر الوضع تمامًا، واليوم هو يطرح نفسه كمنافس رقم واحد لأردوغان.

المعارضة العلمانية في تركيا تحتفظ بذكريات سيئة للتهديدات التي وجهها أوغلو إبان فترة توليه رئاسة الوزراء؛ خصوصًا للمكون الكردي، وكذلك التسامح الذي أظهره حيال التصعيد الجهادي على حدود البلاد.
لكن الرئيس أردوغان يأخذ أحمد داود أوغلو كخصم جاد، إلى حد أنه قام بإرسال وفد من حزب العدالة والتنمية إلى منزله؛ لإعادته إلى الطريق الصحيح، وقبل عدة أيام اتهمه هو وباباجان بالاختلاس المالي المرتبط بجامعة شهير الخاصة في إسطنبول.. داود أوغلو نفى هذا الاتهام، وطالب أردوغان وأسرته بالتصريح عن ممتلكاتهم؛ وهو طلب بقِي دون إجابة حتى الساعة! لكنه فتح باب التكهنات واسعًا حول الحرب الخفية في أوساط الإسلاميين في تركيا.